هو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي النحوي البغدادي دارا ونشأة، والنهاوندي أصلا ومولدا.

كان إماما في علم النحو، وصنف فيه كتاب "الجمل الكبرى" وهو كتاب نافع لولا طوله بكثرة الأمثلة.

أخذ النحو عن محمد بن العباس اليزيدي، وأبي بكر بن دريد، وأبي بكر بن الأنباري.

وصحب أبا إسحاق إبراهيم بن السري الزجاج فنسب إليه، وعرف به، وسكن دمشق وانتفع به الناس وتخرجوا عليه، وتوفي بدمشق، وقيل بطبرية- رحمه الله تعالى.


في هذه السنة رد القرامطة الحجر الأسود المكي إلى مكانه في البيت، وقد كان القرامطة أخذوه في سنة 317، وكان ملكهم إذ ذاك أبا طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي- لعنه الله- ولما وقع هذا أعظم المسلمون ذلك، وقد بذل لهم الأمير بجكم التركي قبل هذا العام خمسين ألف دينار على أن يردوه إلى موضعه فلم يفعلوا، وقالوا: نحن أخذناه بأمر فلا نرده إلا بأمر من أخذناه بأمره، وكذبوا فإن الله تعالى قال: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء} [الأعراف: 28]، فلما كان في هذا العام 339 حملوه إلى الكوفة وعلقوه على الأسطوانة السابعة من جامعها ليراه الناس، وكتب أخو أبي طاهر كتابا فيه: "إنا أخذنا هذا الحجر بأمر، وقد رددناه بأمر من أمرنا بأخذه؛ ليتم حج الناس ومناسكهم"، ثم أرسلوه إلى مكة بغير شيء على قعود، فوصل في ذي القعدة من هذه السنة، ولله الحمد والمنة، وكان مدة مغايبته عند القرامطة ثنتين وعشرين سنة، ففرح المسلمون لذلك فرحا شديدا، قال ابن كثير: " وقد ذكر غير واحد أن القرامطة لما أخذوه حملوه على عدة جمال فعطبت تحته واعترى أسنمتها القرح، ولما ردوه حمله قعود واحد ولم يصبه أذى"


رفع إلى وزير معز الدولة الحسن المهلبي أن رجلا يعرف بالبصري مات ببغداد، وهم مقدم القراقرية، يدعي أن روح أبي جعفر محمد بن علي بن أبي القراقر قد حلت فيه، وأنه خلف مالا كثيرا كان يجبيه من هذه الطائفة، وأن له أصحابا يعتقدون ربوبيته، وأن أرواح الأنبياء والصديقين حلت فيهم، فأمر بالختم على التركة، والقبض على أصحابه، والذي قام بأمرهم بعده، فلم يجد إلا مالا يسيرا، ورأى دفاتر فيها أشياء من مذاهبهم، وكان فيهم غلام شاب يدعي أن روح علي بن أبي طالب حلت فيه، وامرأة يقال لها فاطمة تدعي أن روح فاطمة حلت فيها، وخادم لبني بسطام يدعي أنه ميكائيل، فأمر بهم المهلبي فضربوا ونالهم مكروه، ثم إنهم توصلوا بمن ألقى إلى معز الدولة أنهم من شيعة علي بن أبي طالب، فأمر بإطلاقهم، وخاف المهلبي أن يقيم على تشدده في أمرهم فينسب إلى ترك التشيع، فسكت عنهم.


كان المنصور الفاطمي- صاحب إفريقية- قد استعمل على صقلية سنة 336 الحسن بن علي بن أبي الحسين الكلبي، فدخلها واستقر بها، وغزا الروم الذين بها عدة غزوات، فاستمدوا ملك قسطنطينية فسير إليهم جيشا كثيرا، فنزلوا أذرنت، فأرسل الحسن بن علي إلى المنصور يعرفه الحال، فسير إليه جيشا كثيفا مع خادمه فرح، فجمع الحسن جنده مع الواصلين وسار إلى ريو، وبث السرايا في أرض قلورية، وحاصر الحسن جراجة أشد حصار، فأشرف أهلها على الهلاك من شدة العطش، ولم يبق إلا أخذها، فأتاه الخبر أن عسكر الروم واصل إليه، فهادن أهل جراجة على مال يؤدونه، وسار إلى الروم، فلما سمعوا بقربه منهم انهزموا بغير قتال، وتركوا أذرنت، ونزل الحسن على قلعة قسانة، وبث سراياه تنهب، فصالحه أهل قسانة على مال، ولم يزل كذلك إلى شهر ذي الحجة، وكان المصاف بين المسلمين وعسكر قسطنطينية ومن معه من الروم الذين بصقلية، ليلة الأضحى، واقتتلوا، واشتد القتال، فانهزم الروم وركبهم المسلمون يقتلون ويأسرون إلى الليل، وغنموا جميع أثقالهم وسلاحهم، ودوابهم، وسير الرؤوس إلى مدائن صقلية، وإفريقية، وحصر الحسن جراجة، فصالحوه على مال يحملونه، ورجع عنهم، وسير سرية إلى مدينة بطرقوقة، ففتحوها وغنموا ما فيها، ولم يزل الحسن بجزيرة صقلية إلى سنة إحدى وأربعين، فمات المنصور، فسار عنها إلى إفريقية، واتصل بالمعز بن المنصور، واستخلف على صقلية ابنه أبا الحسين أحمد.


كانت للمسلمين غزوات على نصارى الأندلس، نصرهم الله فيها.

منها فتح على يد قائد بطليوس بجيليقة، هزمهم أقبح هزيمة، قتل جملة من حماتهم ومقاتلتهم، وسبى من نسائهم وذراريهم نيفا وثلاثمائة رأس، ووصل ذلك السبي إلى قرطبة، وفتح آخر على يدي أحمد بن يعلى قائد الناصر، وفتح آخر على يدي رشيق قائد الناصر على طلبيرة، وفتح آخر على يدي يحيى بن هاشم النجيبي.


قلع حجبة الكعبة الحجر الأسود لا لأخذه، بل لعدم رضاهم عن وضع سنبر بن الحسن صاحب القرمطي الذي وضعه لما ردوه في العام الماضي، فجعلوه في الكعبة، فأحبوا أن يجعلوا له طوقا من فضة فيشد به كما كان قديما، كما عمله عبد الله بن الزبير، وأخذ في إصلاحه صانعان حاذقان فأحكماه.

قال أبو الحسن محمد بن نافع الخزاعي: " دخلت الكعبة فيمن دخلها فتأملت الحجر، فإذا السواد في رأسه دون سائره, وسائره أبيض، وكان طوله فيما حزرت مقدار عظم الذراع ".


هو منصور بن قراتكين، صاحب الجيوش الخراسانية، من أكابر أصحاب نوح وخواصه؛ أمير ما وراء النهر وخراسان.

توفي بعد عودته من أصبهان إلى الري، ذكر العراقيون أنه أدمن الشرب عدة أيام بلياليها، فمات فجأة، وقال الخراسانيون إنه مرض ومات، فالله أعلم.

ولما مات رجعت العساكر الخراسانية إلى نيسابور، وحمل تابوت منصور، ودفن إلى جانب والده باسبيجاب.


هو أبو المظفر بن أبي علي بن محتاج صاحب جيوش خراسان، توفي ببخارى كان قد ركب دابة أنفذها إليه أبوه، فألقته وسقطت عليه فهشمته، فمات من يومه، وعظم موته على الناس كافة، وشق موته على الأمير نوح الساماني أمير بلاد ما وراء النهر، وحمل إلى الصغانيان إلى والده أبي علي.


هو إبراهيم بن أحمد بن إسحاق المعروف بأبي إسحق المروزي، ينسب إلى مرو الشاهجان، وهي إحدى حواضر خراسان.

كان إمام عصره في الفتوى والتدريس، وانتهت إليه رئاسة الفقه في العراق بعد ابن سريج، أخذ الفقه عن عبدان المروزي وابن سريج والإصطخري.

أقام ببغداد زمنا طويلا يدرس ويفتي، وتخرج على يديه خلق كثير.

ثم انتقل إلى مصر في آخر حياته، وجلس بها مجلس الشافعي يدرس ويفتي، فانتفع به خلق كثير في الفقه.

صنف كتبا كثيرة؛ منها: " شرح مختصر المزني " و " الفصول في معرفة الأصول " وكتاب " الشروط ".

وقد ضم إلى التبحر في الفقه الورع والتقوى.

وكانت وفاته بمصر.