وردت عن تراقيها العقودُ عنِ النّحرِ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
وردت عن تراقيها العقودُ عنِ النّحرِ | مَحَاسِنَ تَرْوِيهَا النُّجُومُ عَنِ الْفَجْرِ |
وَحَدَّثَنَا عَنْ خَالِهَا مِسْكُ صُدْغِهَا | حديثاً رواهُ اللّيلُ عن كلفة ِ البدرِ |
وركّبَ منها الثّغرُ أفرادَ جملة ٍ | حَكَاهَا فَمُ الإِبْرِيقِ عَنْ حَبَبِ الْخَمْرِ |
بِصِحَّة ِ جِسْمِي سُقْمُ أَلْفَاظِهَا الَّتِي رَوَى | الْمِسْكُ عَنْ إِسْنَادِهَا خَبَرَ النَّشْرِ |
وَبِالخُدِّ وَرْدٌ نَارُ مُوسَى بِصَحْنِهِ | وَمِيمُ فَمٍ مِنْ عَيْنِهِ جُرْعَة ُ الْخُضْرِ |
عَذِيرِيَ مِنْ عَذْرَاءَ قَبْلَ تَمَائِمِي | خلعتُ عنِ العذّلِ في حبّها عذري |
وَلِي مُدْمَعٌ في حُبِّهَا لَوْ بَكَى الْحَيا | بهِ نبتَ الياقوتُ في صدفِ الدّرِّ |
بِرُوحِيَ مِنهَا جُؤْذُراً فِي غَلاَئِلٍ | وجيدَ مهاة ٍ قد تلفّحَ بالجمرِ |
لَفِي القَلْبِ مِنّي لَوْعَة ٌ لَوْ تُجِنُّهَا | مِنَ الدَّهرِ لَوْلاَ طُولُهُا قُلْتُ مِنْ عُمْرِي |
أَمَا وَسُيُوفٍ لْلْحُتُوفِ بِجَفْنِهَا | تُجَرَّدُ عَنْ غِمْدٍ وَتُغْمَدُ في سَحْرِ |
وَهُدْبٍ تَسَقَّى نَبْلُهُ سُمَّ كُحْلِهَا | فذبَّ بشوكِ النّحلِ عن شهدة ِ الثّغرِ |
وصمتهُ قلبٍ غصَّ منها بمعصمٍ | ووسواسهُ الخنّاسُ ينفثُ في صدري |
لفيْ القلبِ لوعة ٌ لو تجنّها | حشا المزنِ أمسى قطرها شررَ الجمرِ |
مُمَنَّعَة ٌ غَيْرُ الْكَرَى لاَ يَزُورُها | وتحجبُ عن طيفِ الخيالِ إذا يسري |
وَطَوْقِ نُضَارٍ يَسْتَسِرُّ هِلاَلُهُ | مَعَ الْفَجْرِ تَحْتَ الشَّمْسِ في غَسَقِ الشَّعْرِ |
إذا مرَّ في الأوهام معنى وصالها | رأيتُ جيادَ الموتِ تعثرُ بالفكرِ |
رَفِيعَة ُ بَيْتٍ هَالَة ُ الْبَدْرِ نُورُهُ | وَقَوْسُ مُحِيطِ الشَّمْسِ دَائِرَة ُ السِّتْرِ |
يرى في الدّجى نهر المجرّة ِ تحتهُ | عَلَى دُرِّ حَصْبَاءِ النُّجُومِ بِهِ تَجْرِي |
فَأَطْنَابُهُ لِلْفَرْقَدَيْنِ حَمَائِلٌ | وَأَسْتَارُهُ في الجنْحِ أَجْنِحَة ُ النَّسْرِ |
وليلٍ نجومُ القذفِ فيهِ كأنها | تصولُ علينا بالمهنّدة ِ البترِ |
ركبتُ به موجَ المطايا وخضتُ في | بحارِ المنايا المنايا طالباً درّة َ الخدرِ |
فعانقتُ منها جؤذرَ القفرِ آمناً | وصافحت منها بالخبا دمية َ القصرِ |
فَلَمَّا دَنَا مِنَّا الْوَدَاعُ وَضَمَّنا | قَمِيصُ عِنَاقٍ بَزَّنَا مَلْبَسَ الصَّبْرِ |
بكيتُ فضة ً من نرجسٍ متناعسٍ | وَأَجْرَيْتُ تِبْراً مِنْ عَقِيقٍ أَخِي سَهْرِ |
فَأَمْسَتْ عُيُونُ الْبَدْرِ في شَفَقِ الضُّحَى | تسيلُ وعينُ الشمسِ بالأنجمِ الزّهرِ |
وَقُمْتُ وَزَنْدُ اللَّيْثِ مِنِّي مُطَوِّقٌ | لَهَا وَيَمِينُ الظَّبْيِ قَدْ وَشَّحَتْ خَصْرِي |
فَكَادَتْ لِمَا بِي أَنْ تُذِيبَ سِوَارَهَا | ضُلُوعِي وَإِنْ كَانَتْ حَشَاهُ مِنَ الصَّخْرِ |
وكانَ فريدُ العقدِ منها لما بها | يذوبُ ويجري كالدّموعِ ولاتدري |
سقى اللهُ أكنافَ العقيقِ بوارقاً | تُقَطِّعُ زَنْدَ اللَّيْلِ في قُضُبِ التِّبْرِ |
ولا زالَ محمرُّ الشّقائق موقداً | به شعلُ الياقوتِ في قضبِ الشّذرِ |
حمى ً تتحامى الأسدُ آرامَ سربهِ | وتصرعهم من عينهم أعينُ العفرِ |
تحيطُ الظّبا أقماره في أهلة ٍ | وتحمي نجومُ البيضِ في أنجمِ السّمرِ |
ألا حبّذا عصراً مضى وليالياً | عَرَائِسُ أُنْسٍ يَبْتَسِمْنَ عَنِ الْبِشْرِ |
وأَيَّامُنَا غُرٌّ كَأَنَّ حُجُولَهَا | أَيَادِي عَلِيٍّ في رِقَابِ بَنِي الدَّهْرِ |
أيادٍِ عنِ التّشبيهِ جلّتْ وإنّما | عبثنَ بعقلي ساحراتٍ رقى السّحرِ |
بَوَادٍ يُزَانُ الْمَجْدُ مِنَهَا بِأَنْجُمٍ | هُوَادٍ لَمَنْ يَسْرِي إِلَى مَوْضَعِ الْيُسْرِ |
مواضٍ لمرّانِ المعالي أسنّة ٌ | وقضبٌ بها العافونَ تسطو على القفرِ |
نَبَتْنَ بِكَفَّيْهِ نَبَاتَ بَنَانِهِ | فَدَلَّتْ قُطُوفَ الْجُودِ في ثَمَرِ الشُّكْرِ |
هُوَ الْعَدَدُ الْفَرْدُ الَّذِي يَجْمَعُ الثَّنَا | وتصدرُ عنهُ قسمة ُ الجبرِ والكسرِ |
صَنَائِعُهُ عِقْدٌ عَلَى عَاتِقِ الْعُلاَ | ومعروفهُ تاجٌ على هامة ِ الفخرِ |
رَبيعٌ إِذَا مَا زُرْتَهُ زُرْتَ رَوْضة ً | يفتِّحُ فيها رشدهُ حدقَ الزَّهرِ |
نهِيمُ بِهِ عِشْقاً لِخُلْقٍ كَأَنَّهُ | يهبُّ علينا في نسيمِ الهوى العذري |
أَيَا وَارِدِي لُجَّ الْبِحَار اكْتَفُوا بِهِ | فَسَبْعَتُهَا في طَيِّ أُنْمُلِهِ الْعَشْرِ |
إِذَا يَدُهُ الْبَيْضَاءُ أَخْرَجَهَا النَّدَى | فَيَا وَيْلَ أُمِّ الْبِيضِ وَالْوَرَقِ الصُّفْرِ |
أخو هممٍ يستغرقُ الدّرعُ جسمهُ | ومن عجبٍ أن يغرقَ البحرُ بالكرِّ |
تَكَادُ الرِّمَاحُ السُّمْرُ وَهْيَ ذَوَابِلٌ | بِرَاحَتِهِ تَهْتَزُّ بالْوَرَقِ الْخُضْرِ |
فكم من بيوتٍ قد رماها بخطبهِ | فأضحت ومنها النّظمُ كالخطبِ النّثرِ |
فَلِلِّهِ يَوْمُ الْكَرْخِ مَوْقِفُهُ ضُحى ً | وقد سالتِ الأعرابُ بالجحفلِ المجرِ |
أتوهُ يمدّونَ الرّقابَ تطاولاً | فأضحوا ومنهم ذلكَ المدُّ للجزرِ |
رَمَوْهُ بِحَرْبٍ كُلَّمَا قَامَ سَاقُهَا | رَكَضْنَ الْمَنَايَا في الْقُلُوبِ مِنَ الذُّعْرِ |
يَبيعُ الرَّدَى في سُوقِهَا صَفْقَة َ الْمُنَى | بِنَقْدِ النُّفُوسِ الْغَالِيَاتِ لِمَنْ يَشْرِي |
سطوا وسطا كالّليثِ يقدمُ فنية ً | يَرَوْنَ عَوَانَ الْحَرْبِ فِي صُورَة ِ الْبِكْرِ |
وَفُرْسَانَ مَوْتٍ يُقْدِمُونَ إِلَى الْوَغَى | إِذَا جَمَحَتْ أُسْدُ النِّزَالِ عَنِ الْكَرِّ |
وَخَيْلاً لَهَا سُوقُ النَّعَامِ كَأَنَّها | تَطِيرُ إِذَا هَبَّتْ بِأَجْنِحَة ِ الْكُدَرِي |
فَزَوَّجَ ذُكْرَانَ الْظُّبَى فِي نُفُوسِهِمْ | وَأَنْقَدَهُمْ ضَرْبَ الْحَدِيدِ عَنِ الْمَهْرِ |
وأضحت وحوشَ البرِّ ممّا أراقهُ | منَ الدّمِ كالحيتانِ في لجّة ِ البحرِ |
بنى بيعاً من هامهم وصوامعاً | تبوّأمنها مسجداً راهبُ النّسرِ |
لقوهُ كأمثالِ البزاة ِ جوارحاً | وَوَلَّوْا كَمَا تَمْضِي الْبُزَاة ُ عَنِ الصَّقْرِ |
فَمِنْ وَاقِعٍ فِي الأَرْضِ فِي شَبَكِ الرَّدَى | وَمِنْ طَائِرٍ عَنْهُ بِأَجْنِحَة ِ الْغُرِّ |
وَأَنَّى لَهُمْ جُنْدٌ تُلاَقِي جُنُودَهُ | وأينَ رماحُ الخطِّ من خشبِ السّدرِ |
بغَوْا فَبَغَوْهُ بِالَّذِي لَوْ تَعَمَّدَتْ | لَهُ الشُّهْبُ لاَقَتْ دُونَهُ حَادِثُ الْكَسْرِ |
وبانتْ عنِ الكفِّالخضيبِ بنانهُ | وضلقَ بهِ ذرعُ الذّراعِ عنِ الشِّبرِ |
فراعنهُ همّت بهِ فتلقّفت | عَصَا عَزْمِهِ مَا يَأْفَكُونَ مِنَ الْمَكْرِ |
بِهِمْ مَرَضٌ مِنْ بُغْضِهِ فِي قُلُوبِهِمْ | وَسَيْفِ عَلِيٍّ ذِي الْفِقَارِ الَّذِي يَبْرِي |
فيا ابنَ رسولِ اللهِ والسّيّدِ الّذي | حَوَى سُؤْدُداً يَسْمُو بِهِ شَرفُ الْعَصْرِ |
أَرَادَتْ بِكَ الأَسْبَاطُ كَيْداً فَكِدْتَهُمْ | وَأَكْرَمَ مَثْوَاكَ الْعَزِيزُ مِنَ النَّصْرِ |
تَرَجَّوْا لَدَيْهِمْ لَوْ ثَبُورُ بِضَاعَة ٌ | فقادهم راعي البوارِ إلى الخسرِ |
ليهنكَ نصرٌ عزّهُ يخذلُ العدا | وفتحٌ يحلُّ المغلقاتِ من الأمرِ |
وَحَسْبُكَ فَخْراً كَفُّكَ الْمَوْتَ عَنْهُمُ | وحسبهم ذاكَ الخضوع من الأسرِ |
ألاّ فَاعْفُ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ لَعَبِيدُكُمْ | وإنَّ سجايا العفوِ من شيمِ الحرِّ |