أرَجُ النّسيمِ سرَى مِنَ الزّوراء،
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أرَجُ النّسيمِ سرَى مِنَ الزّوراء، | سحراً فأحيا ميِّتَ الأحياءِ |
أهدى لَنا أرواحَ نَجْدِ عَرْفُهُ، | فالجوُّ منهُ مُعَنْبَرُ الأرجاءِ |
ورَوى أحاديثُ الأحِبّة ِ، مُسنداً، | عنْ إذخرٍ بأذاخرٍ وسخاءِ |
فسكرتُ منْ ريَّاحواشي بردهِ | وسَرَتْ حُمَيّا البُرءِ في أدوائي |
يا راكِبَ الوَجْناءِ، بُلُغتَ المنى ، | عُجْ بالحِمى ، إنْ جُزتَ بالجَرعاءِ |
متيمِّماً تلعاتِ وادي ضارجٍ | مُتَيامِناً عَن قاعَة َ الوَعساءِ |
وإذا وَصَلْتَ أُثَيْلَ سَلْعٍ، فالنّقا، | فالرَّقمتينِ فلعلعٍِ فشظاءِ |
وكذا عنْ العلمينِ منْ شرقيِّهِ | ملْ عادلاً للحلّة ِ الفيحاءِ |
واقرِ السَّلامَ عريبَ ذيَّاكَ الَّلوى | مِن مُغرَمٍ، دَنِفٍ، كَئيبٍ، ناءِ |
صبٍّ متى قفلَ الحجيجُ تصاعدتْ | زفَراتُهٌ بتَنَفُّسِ الصّعَداءِ |
كَلَمَ السّهادُ جُفونَهُ، فتَبادَرَتْ | عَبراتُهُ، مَمْزوجَة ً بِدِماءِ |
يا ساكني البَطحاء، هل مِن عَودَة ٍ | أحيا بها يا ساكني البطحاءِ |
إنْ ينقضي صبري فليسَ بمنقضٍ | وجدي القَديمُ بكُمْ، ولابُرحائي |
ولَئِنْ جَفا الوَسميُّ ماحِلَ تُرْبِكُم، | فمدامعي تربي على الأنواءِ |
واحسْرَتي، ضاعَ الزَّمانُ ولم أفُزْ | منكمْ أهيلَ مودَّتي بلقاءِ |
ومتى يؤمِّلُ راحة ً منْ عمرهُ | يومانِ يومُ قلى ً ويومُ تناءِ |
وحياتكمْ يا أهلَ مكَّة َ وهيَ لي | قسمٌ لقدْ كلفتْ بكمْ أحشائي |
حبَّيكمُ في النَّاسِ أضحى مذهبي | وهواكُمُ ديني وعَقْدُ وَلائي |
يا لائِمي في حُبّ مَنْ أجلِهِ | قد جَدّ بي وَجدي، وعَزّ عَزائي |
هَلاّ نَهاكَ نُهاكَ عن لَوْمِ امرِىء ٍ، | لمْ يلفَ غيرَ منعَّمٍ بشقاءِ |
لو تَدْرِ فيمَ عَذَلْتني لَعَذَرْتَني، | خفض عليكَ وخلِّني وبلائي |
فلنازلي سرحِ المربعِ فالشَّبيـ | ـكة ِ فالثَّنيَّة ِ منْ شعابِ كداءِ |
ولحاضِري البَيتِ الحَرامِ، وعامِري | تِلكَ الخيامِ، وزائري الحَثْماءِ |
ولِفِتيَة ِ الحَرَمِ المَريعِ، وجِيرَة ِ الـ | ـحَيّ المَنيعِ، تَلَفُّتي وعَنائي |
فهمُ همُ، صدُّوا دنوا، وصلوا جفوا | غدروا، وفَوا، هجروا، رثوا لضنائي |
وهُمُ عِياذي، حيثُ لم تُغنِ الرُّقى ، | وهمْ ملاذي إنْ غدتْ أعدائي |
وهُمُ بِقلْبي، إنْ تناءَتْ دارُهُمْ | عنِّي وسخطي في الهوى ورضائي |
وعلى محلِّي بينَ ظهرانيهمِ | بالأخشَبينِ، أطوفُ حَولَ حِمائي |
وعلى اعتِناقي للرّفاقِ، مُسَلِّماً، | عِنْدَ استِلامِ الرّكنِ، بالإيماءِ |
وتذكُّري أجيادَ وردي في الضُّحى | وتهجُّدي في الَّليلة ِ الَّليلاءِ |
وعلى مُقامي بالمَقامِ، أقامَ في | جِسمي السّقامُ، ولاتَ حينَ شِفاءِ |
عَمْري، ولو قُلِبَتْ بِطاحُ مَسيلِهِ | قلباً لقلبي الرِّيُّ بالحصباءِ |
أسْعِد أُخَيَّ، وغنّني بحَديثِ مَنْ | حلَّ الأباطعَ إنْ رعيتَ إخائي |
وأَعِدْهُ عِنْدَ مَسامِعي، فالرّوحُ، إن | بَعُدَ المَدى ، تَرتاحُ للأنْباءِ |
وإذا أذى أَلمٍ ألَمَّ بِمُهجَتي، | فَشذا أُعَيشابِ الحِجازِ دَوائي |
أأزادُ عنْ عذبِ الورودِ بأرضهِ | وأُحادُ عنْهُ، وفي نَقاهُ بَقائي |
ورُبوعُهُ أربي، أجَل، ورَبيعُهُ | طربي وصارفُ أزمة ِ اللّأواءِ |
وجِبالُهُ لَي مَرْبَعٌ، ورِمالُهُ | ليَ مرتعٌ وظلالهُ أفيائي |
وتُرابُهُ نَدّي الذّكيُّ، وماؤهُ | وردى الرَّويُّ وفي ثراهُ ثرائي |
وشعابهُ ليَ جنَّة ٌ وقبابهُ | ليَ جنَّة ٌ وعلى صفاهُ صفائي |
حيَّا الحيا تلكَ المنازلَ والرُّبى | وسقى الوليُّ مواطنَ الآلاءِ |
وسقى المشاعرِ والمحصَّبِ منْ منى | سَحّاً، وجادَ مَواقِفَ الأنضاءِ |
ورَعى الإلَهُ بها أصَيحابي، الأُلى | سامرتهمْ بجامعِ الأهواءِ |
ورَعى لَيالي الخَيْفِ، ماكانتْ سِوى | حُلُمٍ مَضى ، مَعَ يَقظَة ِ الإغْفاءِ |
واهاً على ذاكَ الزَّمانِ وما حوى | طيبُ المكانِ بغفلة ِ الرُّقباءِ |
أيّامَ أرْتَعُ في ميادينِ المُنى ، | جَذِلاً، وأرْفُلُ في ذُيولِ حِباءِ |
ما أعجبَ الأيَّامَ توجبُ للفتى | مِنَحاً، وتَمْحَنُهُ بِسلبِ عَطاءِ |
يا هلَّ لماضي عيشنا منْ عودة ٍ | يوماً وأسمحُ يعدهُ ببقائي |
هيهاتِ، خابَ السّعيُ وانفصَمتْ عُرى | حبلِ المنى وانحلَّ عقدُ رجائي |
وكفى غراماً أنْ أبيتَ متيَّماً | شَوقي أماميَ، والقضاءُ ورائي |