قراءة في مخاض 'الليبرالية الإسلامية' السعودية
الرهان لا يزال معقود على المجموعات الجديدة داخل الصف الليبرالي الإسلامي السعودي، فهل ستستمر متمسكة بشرعية وشعار الدين؟ وهل ستتمكن من أن تحول شعاراتها فعلاً إلى أهداف إستراتيجية لها؟، أم أن شعاراتها ستطوى بعد أن تحقق أهدافها المرحلية، وتنكشف أو تحترق أوراقها كما احترقت أوراق غيرها من قبل؟ ... وقد تمكنت هذه النخبة من المفكرين من إثبات وجودها على الساحة المحلية من خلال سلسلة من البيانات والعرائض، حتى إن مشروعهم لقي تجاوبًا داخل العائلة المالكة نفسها. وبالفعل فقد اتخذت الحكومة منذ ذلك الوقت عدة خطوات تمهيدية باتجاه الإصلاح السياسي والديني. ولكن هل يعني هذا أن السعودية على وشك دخول حقبة ما بعد الوهابية؟
بقلم عماد الخطيب
يبدو أن مشهد تمخض الليبرالية السعودية مازال يتشكل، فهو مختلط الأمشاج تتداخل فيه الرؤى والأفكار، والرموز والشخصيات البارزة في سياقه، وكل ذلك يمكن إرجاعه إلى حداثة نشوء هذا التيار الذي يكتسب مع مرور الوقت وضوحا وتفككاً في تقاسيمه الجديدة والحديثة على المجتمع السعودي.
وفي هذا الظرف الزمني الذي يمر به تيار أو جيل (الليبراليون الإسلاميون) ، هل يمكننا أن نعزو سبب وجود التيار الليبرالي الإسلامي في السعودية، إلى أرضية المجتمع المبينة على أساس ديني، وهو الأمر الذي دفع بهم إلى رفع شعار الإسلامية محاولة في استقطاب التعاطف والدعم الشعبي إلى أن يصلب ويشتد عوده ثم يطرح عنه الشعار التكتيكي لينتقل بعدها إلى الخطة الإستراتيجية المعدة سلفاً؟؟
هل يمكننا أن نسحب هذا التساؤل الذي يتبادر إلى الذهن عند نشوء أي ظاهرة تجديدية تجمع في طياتها بين نقيضين؟ أم أن الوقت مبكر لإطلاق الحكم على ظاهرة"الليبروإسلاميون"السعوديون التي لم تؤسس إلى الآن منهجاً موحداً وتياراً منظماً، بل مازالت تدب على شكل تكتلات فردية قد تتفق في المبادئ العامة، لكنها تختلف بصورة واضحة في الأفكار الحركية والمرحلية.
إذا جاز هذا التعبير وأسمينا الليبرالية الإسلامية داخل السعودية بالتيار العام، فإن أطيافها المتباينة ومجموعاتها الوليدة التي تنضوي تحت دائرة -التجديد والتنوير والعصرنة واللبرلة- يمكن تشبيها بسباق السيارات التي انطلقت من خط الصفر، فهناك سيارة وصلت إلى خط النهاية، وانتهت واحترقت جميع أوراقها وخلعت أي غطاء من الإسلامية التي كانت تتدثر به في بداية السباق، وأخرى قبيل خط النهاية مازالت تتمسك بخيوط إسلامية تحاول التذكير بها بين الفينة والأخرى، وأخرى مازالت في منتصف الطريق، وأخرى مازالت في بداية السباق والحس والغطاء الإسلامي مازال قوياً وحاضراً.
هذه الصورة البسيطة يمكن أن تبرز مدى التباين، وتفسر أسباب الخلاف بين الأطياف الليبروإسلامية داخل السعودية، التي استطاعت أن تجمع داخلها وفي فترة زمنية وجيزة، من يمثل أقصى اليمين وأقصى اليسار والوسط.
كذلك الرهان لا يزال معقود على المجموعات الجديدة داخل الصف الليبرالي الإسلامي السعودي، فهل ستستمر متمسكة بشرعية وشعار الدين؟ وهل ستحاول أن تحول شعاراتها فعلاً إلى أهداف إستراتيجية لها؟، أم أن شعاراتها ستطوى بعد أن تحقق أهدافها المرحلية، وتنكشف أو تحترق أوراقها كما احترقت أوراق غيرها من قبل؟.
هذه الملابسات تدعو المحلل البسيط إلى عدم العجلة في إصدار الأحكام على سباق الرهان الليبروإسلامي، بل إن التصرف السليم هو الحرص على إصلاح هذه المجموعات الناشئة، أو توريطها بشعاراتها التي رفعتها ومحاولة إيقاعها في مأزق الالتزام بأفكارها المعلنة، علها تسهم في تخفيف شعواء التراجع المتسارع لدى المجموعات الليبروإسلامية الناشئة.