وطاقاته وإعمالها معا في عملية الإدراك! - ومنهج التنسيق بين الكائن الإنساني بجملته - في جميع مجتمعاته وأجياله ومستوياته - وبين هذا الكون الذي يعيش فيه ثم بين دنياه وآخرته وما يشتجر في العلاقة بينهما من ملابسات لا تحصى في عالم كل فرد وفي عالم «الإنسان» وهو يعيش في هذا الكون بشكل عام..
وإذا كان الفارق بين صنعة اللّه وصنعة الإنسان واضحا كل الوضوح في جانب التعبير اللفظي والأداء الفني،فإنه أوضح من ذلك في جانب التفكير والتنظيم والتشريع.فما من نظرية بشرية،وما من مذهب بشري،إلا وهو يحمل الطابع البشري..جزئية النظر والرؤية..والتأثر الوقتي بالمشكلات الوقتية..وعدم رؤية المتناقضات في النظرية أو المذهب أو الخطة التي تؤدي إلى الاصطدام بين مكوّناتها - إن عاجلا وإن آجلا - كما تؤدي إلى إيذاء بعض الخصائص في الشخصية البشرية الواحدة التي لم يحسب حساب بعضها أو في مجموعة الشخصيات الذين لم يحسب حساب كل واحدة منها..إلى عشرات ومئات من النقائص والاختلاف،الناشئة من طبيعة الإدراك البشري المحدود،ومن الجهل البشري بما وراء اللحظة الحاضرة،فوق جهله بكل مكونات اللحظة الحاضرة - في أية لحظة حاضرة! - وعكس ذلك كله هو ما يتسم به المنهج القرآني الشامل المتكامل،الثابت الأصول ثبات النواميس الكونية الذي يسمح بالحركة الدائمة - مع ثباته - كما تسمح بها النواميس الكونية! وتدبر هذه الظاهرة،في آفاقها هذه،قد لا يتسنى لكل إدراك،ولا يتسنى لكل جيل.بل المؤكد أن كل إدراك سيتفاوت مع الآخر في إدراكها وكل جيل سيأخذ بنصيبه في إدراكها ويدع آفاقا منها للأجيال المترقية،في جانب من جوانب المعرفة أو التجربة..إلا أنه يتبقى من وراء كل الاختلاف البشري الكثير في إدراك هذه الظاهرة - كاختلافه الكثير في كل شيء آخر! - بقية يلتقي عليها كل إدراك،ويلتقي عليها كل جيل..
وهي أن هذه الصنعة شيء وصنعة البشر شيء آخر.وأنه لا اختلاف في هذه الصنعة ولا تفاوت،وإنما وحدة وتناسق..ثم يختلف الناس بعد ذلك ما يختلفون في إدراك آماد وآفاق وأبعاد وأنواع ذلك التناسق!.