مرجئة الكوفة أو مرجئة العراق، اختلاف صوري لفظي، كما ذكره شارح الطحاوية فيها، وقبله أبو حامد الغزالي [1] ، وهذا القول فيه وجه حق سيأتي إن شاء الله.
في حين يرى البعض أن الاختلاف حقيقي وليس لفظياً كما قال به الألوسي محمود وعبيد الله المباركفوري [2] وغيرهما، وهذا أيضاً له وجهه.
-وقد حقق شيخ الإسلام ابن تيمية الخلاف ههنا فجمع بين القولين فجعله نزاعاً لفظياً في كثير من مسائله، وحقيقاً مؤثراً في بعض منها.
حيث قال رحمه الله في شرح الأصفهانية: (( .. وإنما المقصود أن فقهاء المرجئة خلافهم مع الجماعة خلاف يسير، وبعضه لفظي، ولم يُعرف بين الأئمة المشهورين بالفتيا خلاف إلا في هذا، فإن ذلك قول طائفة من فقهاء الكوفيين كحماد بن أبي سليمان وصاحبه أبي حنيفة وأصحاب أبي حنيفة ) ) [3] .
وحصر هذا النزاع في موطن آخر بكونه من بدع الأقوال والأفعال، لا بدع العقائد فقال في الإيمان: (( .. إنه لم يكفر أحد من السلف مرجئة الفقهاء، بل جعلوا هذا من بدع الأقوال والأفعال، لا بدع العقائد، فإن كثيراً من النزاع فيها لفظيٌّ، لكن اللفظ المطابق للكتاب والسنة هو الصواب ) )اهـ [4] .
وقال في الإيمان الأوسط: (( فصل: ثم بعد ذلك تنازع الناس في اسم المؤمن والإيمان نزاعاً كثيراً منه لفظيٌّ، وكثير منه معنوي. فإن أئمة الفقهاء لم ينازعوا في شيء مما ذكرناه من الأحكام، وإن كان بعضهم أعلم بالدين وأقوم به من بعض، ولكن تنازعوا في الأسماء .. ) )اهـ [5] .
هذا وقد حدد الشيخ جوانب النزاع اللفظي بين أهل السنة ومرجئة الفقهاء في بعض الصور لما قال في كتابه الإيمان: (( ومما ينبغي أن يُعرف؛ أن أكثر التنازع بين أهل السنة في هذه المسألة هو
(1) انظر"شرح الطحاوية"في موضعين أكد فيه ابن أبي العز على ذلك (470، 462) ، وانظر"سير أعلام النبلاء"، و"تفسير روح المعاني"9/ 167.
(2) في روح المعاني (9/ 176) . ومرقاة المفاتيح للمباركفوري (1/ 37) .
(3) شرح الأصفهانية (143) .
(4) من الإيمان ص (337) .
(5) الإيمان الأوسط (7/ 540 - 505) ضمن الفتاوى.