بل بيّن أن الكفرة من أهل الكتاب وغيرهم لا يُحبون الخير لهذه الأمة بقوله تعالى: (( مَّا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلاَ الْمُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ ) ) (البقرة:105) والمراد:
أولاً: أن مما أجمع عليه المسلمون، وهو أصل الاعتقاد في الإسلام المعلوم من الدين بالضرورة:
أنه لم يبق على وجه الأرض دين حق يتعبد الله به سوى دين الإسلام، وأنه الله ختم به الأديان والملل والشرائع (( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) ) (آل عمران:85) * وأن القرآن الكريم آخر كتب الله نزولاً، وهو ناسخ لكلِّ كتاب أنزل من قبل من التوراة والإنجيل وغيرها ومهيمن عليها، وكلها دخلها التحريف، وقد خص الله القرآن بحفظه، فلم يبق كتاب منزل يتعبد الله به سواه، قال الله تعالى: (( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ ) ) (المائدة:48) وقال عن حصوصية القرآن: (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ) (الحجر:9) ، وبين تحريف ما عداه كالتوراة والإنجيل، وأنه قد لحقهما التحريف والتبديل بالزيادة والنقصان، فقال الله تعالى: (( فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظّاً مِّمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَىَ خَآئِنَةٍ مِّنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمُ ) ) (المائدة:13) .
وقال: (( فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِندِ اللّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُمْ مِّمَّا يَكْسِبُونَ ) ) (البقرة:79) .
وقوله سبحانه: (( وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُم بِالْكِتَابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتَابِ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَمَا هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) ) (آل عمران:78) .