الصفحة 68 من 141

، وقد استخرَجَه علماءُنا من قوله تعالى: ?إنَّما قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إذَا أَرَدْنَاهُ أنْ نَقُوْلَ لَهْ كُنْ فَيَكُوْنُ? [النحل: 40] ، والحاصِلُ من مفهومه أن القدرةَ نِسبَتُها إلى جانب الوجودِ والعَدَمِ سواءٌ (1) ، والتكوينُ إنما هو باعتبار النَّظَر إلى جانب الوجود.

وحُكمُه وعِلمُه وتوفيقُه كلّها صفاتٌ أزليَّةٌ ثابتةٌ لذاته تعالى وتقدَّسَ، والفريضةُ مستلزِمةٌ لها كلِّها.

والفضيلةُ ليست بأمرِ الله (2) ، وإلا لكانت فريضةً، لكنها بمشيئتِه ومحبَّتِه ورضائِه وقضائِه وقدرِه وحكمِه وعلمِه وتوفيقِه بإعطاء سلامةِ الأسبابِ والاستطاعةِ المقارِنةِ وتخليقِه أي تكوينِه، لأن الله تعالى خالِقُ أفعال العباد كما سيجيء البحث في ذلك، وكتابتِه في اللوح المحفوظ.

قال: (والمعصيةُ ليست بأمْرِ اللهِ ولكنْ بمشيئتِه لا بمحبَّتِه، وبقضائِه لا برِضاه، وبتقديرِه لا بتوفيقِه، وبخُذلانِه وعِلمِه وكتابتِه في اللوح المحفوظ) .

أقول: اختلفوا في أن المعصية هل هي بإرادة الله تعالى أو لا؟ فذهب أهلُ السُّنَّة إلى الأول، والمعتزلةُ إلى الثاني، ثم اختلفوا في المباحات، فمنهم مَن زَعَمَ أنه تعالى مريدٌ لها، ومنم مَن زعمَ أنه تعالى غيرُ مريدٍ لها، والحاصل أنَّ عند المعتزلة: كلّ ما أمرَ اللهُ تعالى به أرادَ وجودَه وإن علمَ أنه لا يُوجَد، وكلّ ما نهى عنه كَرِهَ وجودَه وأرادَ أن لا يُوجَد وإن علمَ أنه يوجد.

(1) صحيح أن نسبتها إلى الوجود والعدم على السواء، ولكن بالإرادة يتخصَّص أحد الجانبين ويترجَّح على الآخر.

(2) أي: على سبيل الوجوب، بل هي بأمر الله تعالى على سبيل الندب. اهـ من حاشية النسخة (ب) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام