رحلتي من الشك إلى الإيمان ...
مصطفى محمود
الطبعة الخامسة
دار المعارف
بسم الله الرحمن الرحيم
محتوى الكتاب:
الله
الجسد
الروح
العدل الأزلي
لماذا العذاب ؟
ماذا قالت لي الخلوة؟
التوازن العظيم
المسيخ الدجال
.اللَّه
كان ذلك من زمن بعيد لست أذكره .. ربما كنت أدرج من الثالثة عشرة إلى الرابعة عشرة و ربما قبل ذلك .. في مطالع المراهقة .. حينما بدأت أتساءل في تمرد:
-تقولون إن الله خلق الدنيا لأنه لا بد لكل مخلوق من خالق و لا بد لكل صنعة من صانع و لا بد لكل موجود من موجد .. صدقنا و آمنا .. فلتقولوا لي إذن من خلق الله .. أم أنه جاء بذاته .. فإذا كان قد جاء بذاته وصحّ في تصوركم أن يتم هذا الأمر .. فلماذا لا يصح في تصوركم أيضًا أن الدنيا جاءت بذاتها بلا خالق و ينتهي الإشكال.
كنت أقول هذا فتصفر من حولي الوجوه و تنطلق الألسن تمطرني باللعنات و تتسابق إليّ اللكمات عن يمين و شمال .. و يستغفر لي أصحاب القلوب التقية و يطلبون لي الهدى .. و يتبرأ مني المتزمتون و يجتمع حولي المتمردون .. فنغرق معًا في جدل لا ينتهي إلا ليبدأ و لا يبدأ إلا ليسترسل.
و تغيب عني تلك الأيام الحقيقة الأولى وراء ذلك الجدل. إن زهوي بعقلي الذي بدأ يتفتح و إعجابي بموهبة الكلام و مقارعة الحجج التي انفردت بها .. كان هو الحافز دائمًا .. و كان هو المشجع .. و كان هو الدافع .. و ليس البحث عن الحقيقة و لا كشف الصواب.
لقد رفضت عبادة الله لأني استغرقت في عبادة نفسي و أعجبت بومضة النور التي بدأت تومض في فكري مع انفتاح الوعي و بداية الصحوة من مهد الطفولة.