الصفحة 81 من 213

وحاصل ما ذكرت في هذين البيتين أن أصل الكفر في اللغة هو الستر والتغطية، ومنه تسمية الليل كافرا كما قال لبيد بن ربيعة في معلقته:

حتى ألقت يدا في كافر وأجن عورات الثغور ظلامها (1) .

ومن محاسن التورية (2) قول البهاء زهير المتوفى سنة 656هـ من قصيدة غزلية أكثر فيها من استعمال المحسنات البديعية:

يا ليل طل، يا شوق دم ... ... إني على الحالين صابر

لي فيك أجر مجاهد ... ... إن صح أن الليل كافر (3) .

ومنه تسمية الفلاح كافرا لستره الحب وتغطيته إياه بالتراب، كما في قوله تعالى: {كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ} ، قال ابن كثير:» أي يعجب الزراع نبات ذلك الزرع الذي نبت بالغيث، وكما يعجب الزراع كذلك تعجب الحياة الدنيا الكفار، فإنهم أحرص شيء عليها وأميل الناس إليها « (4) . وتحتمل الآية أن يقصد بالكفار المعنى الاصطلاحي، كما ذكره العلامة الألوسي في تفسيره (5) .

وأما في الاصطلاح فالكفر هو نقيض الإيمان. يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:» الكفر عدم الإيمان، باتفاق المسلمين، سواء اعتقد نقيضه وتكلم به، أو لم يعتقد شيئا ولم يتكلم « (6) .

(1) - انظر شرح المعلقات السبع للزوزني: 96.

(2) - التورية هي أن يطلق لفظ له معنيان: أحدهما قريب غير مراد، والآخر بعيد هو المراد، ويدل عليه بقرينة يغلب أن تكون خفية لا يدركها إلا الفطن. انظر جواهر البلاغة: 310.

(3) - المنتخب من أدب العرب: 2/102.

(4) - تفسير ابن كثير: 4/274.

(5) - روح المعاني: 28/185.

(6) - مجموع الفتاوى: 20/86.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام