الصفحة 53 من 213

وفي حديث عبادة بن الصامت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا، ولا تسرقوا ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوا في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله عليه فهو إلى الله: إن شاء عفا عنه، وإن شاء عاقبه" (1) . وفي حديث أبي ذر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم:"قال لي جبريل: من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ولم يدخل النار. قلت: وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق" (2) . وفي حديث ابن مسعود مرفوعا:"لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، ولا يدخل النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان" (3) .

والأحاديث في هذا الباب كثيرة. وبالجملة، فإن أهل السنة متفقون كلهم على أن مرتكبَ الكبيرة (4) لا يكفر كفرا ينقل عن الملة بالكلية، بل هو في الجنة إما ابتداء وإما مآلا. أي: أن الله قد يعفو عنه فيدخلُه الجنة بغير عقاب، أو يدخله النار بما سبق له من العمل السيء ولكن لا يخلد فيها، بل يخرج بإذن الله ويكون مآله الجنة، جعلنا الله من أهلها، وجنبنا عذابَه بمنِّه ولُطفه آمين.

(1) - أخرجه البخاري في كتاب الإيمان برقم: 18 (ص27) ، ومسلم في كتاب الحدود برقم: 1709 (709) .

(2) - أخرجه البخاري في بدء الخلق-باب ذكر الملائكة، برقم: 3222 (ص619) ، ومسلم في الإيمان برقم: 94 (ص64) .

(3) - أخرجه مسلم في كتاب الإيمان برقم: 91 (ص63) .

(4) - الكبيرة تشمل الشرك أيضا، إذ هو أكبر الكبائر بنص الحديث، ولكن المقصود بها عند الإطلاق هو ما دون الشرك، وضابطها ما ورد فيه حد في الدنيا أو وعيد في الآخرة. انظر شرح الطحاوية:371، ورسالة في الموضوع للشيخ عبد الله بن الصديق رحمه الله بعنوان: تنوير البصيرة ببيان علامات الكبيرة.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام