وعن بريدة قال: كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أَمَّر أميراً على جيش أو سريّة؛ أوصاه بتقوى الله، وبمن معه من المسلمين خيراً، فقال:
ـــــــــــــــــــــــــــــ
ثم أورد الحديث الذي في"صحيح مسلم"وغيره، فقال:
"وعن بُرَيْدة"هو بُريدة بن الحُصَيْب الأسلمي، الصحابي الجليل- رضي الله تعالى عنه-.
"كان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أَمَّر أميراً على جيش أو سَرِيَّة"النّبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يعقِد الجيوش والسرايا للجهاد في سبيل الله، بعدما هاجر إلى المدينة وقَوِيَ الإسلام وأمرهُ الله بالجهاد، كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يكوِّن الجيوش والسرايا لمحاربة المشركين، امتثالاً لأمر الله سبحانه وتعالى بقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (73) } ، {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً} ، {قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللهُ وَرَسُولُهُ وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} ، إلى غير ذلك.
والجيش هو: العسكر العظيم الكثير، وأمّا السرية فهي القطعة من الجيش، تنطلق من الجيش وترجع إليه.
وكان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤمِّر على السرايا، وأمّا الجيوش فكان يقودُها بنفسه في الغالب -عليه الصلاة والسلام-.
فقوله:"إذا أمّر أميراً"فيه: أنّه لابدّ من نصب الأمير على الجيوش والسرايا لأجل أن ترجع إليه ولأجل أن يتولّى أمرها ويحلّ مشاكلها ونزاعاتها، لابدّ من الإمارة في الجيوش والسرايا، ولابدّ من الإمامة العظمى للمسلمين، لأنّ الفوضى وعدم وُجود الوُلاة فيه مفاسد عظيمة، وفيه شرٌّ كبير.
وفيه: أنّ تأمير الأمراء سواء على الأقاليم أو على الجيوش أو على السرايا يُرجع فيه إلى وليّ الأمر، هو الذي يومِّر وهو الذي يعزل، لأنّ ذلك من صلاحيّاته في حدود ما شرعه الله سبحانه وتعالى.
"أوصاه بتقوى الله"هذا من عناية الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمور المسلمين، وهكذا ينبغي لوُلاة أمور المسلمين أن يقتدوا الرّسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيوصوا أمراءهم ومَن تحت أيديهم بتقوى الله.