الصفحة 46 من 228

اتحادا كما فهمه من أزاغ الله قلوبهم عن أنوار الشريعة, أو فهم من ذلك أيضا تشبيها, فقد ضل فهمه, وزل قدمه عن الصراط المستقيم {َلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (النور: من الآية 63) والله ورسوله بريئان من أهل هذه الطرق الزائغة الزائفة, وأهل هذه البدع الضالة من كل طائفة, قالوا بالحلول والإتحاد, وهذا هو عين الكفر والإلحاد {إِنَّ رَبَّكَ لبِالْمِرْصَادِ} (الفجر:14) فسبحان من ليس كمثله شيء وهو البر الوصول, الذي تنزه قدرا عن التجسيم (1) والتعطيل والإتحاد والحلول.

وقوله في الجواب لجبريل في سؤاله عن الساعة:"ما المسئول عنها بأعلم من السائل"يعني أن علم الخلق في وقتها سواء, ففيه إشارة إلى أن الله استأثر بعلمها, فكأنه قال:"أنا لا أدري كما أنك كذلك, فيؤخذ من الحديث أنه ينبغي للمفتي والعالم وغيرهما إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم, فإن ذلك لا ينقص بل يستدل به على ورعه وتقواه ووفور علمه."

ويروى عن علي رضي الله عنه أنه قال:"وا بردها على كبدي, إذا سئلت عما لا أعلم أن أقول لا أعلم" (2) .

ويروى عن الإمام مالك أنه يسئل عن أكثر المسائل فلا يجيب ويقول: لا أدري نصف العلم (3) .

والساعة هي: يوم القيامة وتسمى اليوم الآخر.

(1) لا يجوز إطلاق الجسم على الله من غير معرفة مراد المتكلم. انظر: مجموع الفتاوى (5/418) وما بعده.

(2) رواه الدارمي (1/629) والفقيه المتفقه (2/362) .

(3) رواه الدارمي (1/63) والفقيه المتفقه (2/369) والثر مروي عن الشعبي لا عن مالك والله أعلم.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام