الصفحة 44 من 119

الاعتزال مطلقا وبعض الفقهاء من أهل السنة فيما عدا الأنبياء عليهم السلام وقد ظهرت طائفة أفرطوا في الإنكار فأردت أن أورد في هذه الأوراق شبهاتهم الدائرة على ألسنتهم مع الأجوبة وأورد أدلة لإثبات ما ينفونه (قال الشيخ عبد اللطيف رحمه الله) والجواب عن هذا أن يقال: هذا الكلام يشهد بجهالة قائله وضلاله وإفلاسه من العلم والهدى فإن هذه العبارة لا تصدر عمن عرف الإسلام والتوحيد ولا من عرف الاعتزال والسنة، وما يراد بهما عند أهل العلم، فإن الاستمداد من الأموات ودعائهم هو طلب المدد بما شأنه أن يستمد ويطلب فيدخل تحت هذه العبارة كل مطلوب ومرغوب من أمر الدنيا والآخرة وهذا هو دين المشركين من الكتابيين والأميين، قال تعالى فيمن دعا الأنبياء والملائكة والصالحين واستمد منهم: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلا تَحْوِيلاً أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً} (1) .

قالت (2) طائفة (3) من السلف: نزلت هذه الآية فيمن يدعوا الملائكة والمسيح وأمه وعزيرا وصالح الجن فأخبرهم تعالى أن هؤلاء المدعوين عبيده كما أن الداعين لهم كذلك يرجون رحمته ويخافون عذابه، ومن كانت هذه حاله وهذا نعته فلا يدعي مع الله ولا يرجى من دونه لأن الدعاء هو العبادة

(1) سورة الإسراء: الآية 56-57.

(2) في الأصل قال طائفة وأثبتناه (قالت طائفة) ولعل هذه الكلمة هي الفصحى حيث جاء نص القرآن بها.

(3) وهذه الطائفة التي أشار إليها الشيخ رحمه الله بن مسعود وابن عباس ومجاهد وقتادة وهذا ما ذكره ابن كثير في تفسيره، وأما الإمام البخاري رحمه الله تعالى فلم يذكر إلا صالح الجن حيث ساق الحديث بسنده إلى ابن مسعود حدثني عمرو بن علي: حدثنا يحيى: حدثنا سفيان: حدثني سليمان عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد الله: إلى ربهم الوسيلة قال: كان ناسا من الإنس يعبدون ناسا من الجن فأسلم الجن وتمسك هؤلاء بدينهم، زاد الأشجعي عن سفيان عن الأعمش: (قل ادعوا الذين زعمتم) انظر صحيح البخاري م 4 ص 1747 رقم الحديث 4437.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام