الاستقامة، وحرك تَرَ. وَكَذَا مَنْ يَقُولُ بِأَنَّ الْكَعْبَةَ تَطُوفُ بِرِجَالٍ مِنْهُمْ حَيْثُ كَانُوا!! فَهَلَّا خَرَجَتِ الْكَعْبَةُ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ فَطَافَتْ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أُحْصِرَ عَنْهَا، وَهُوَ يَوَدُّ مِنْهَا نَظْرَةً؟! وَهَؤُلَاءِ لَهُمْ شَبَهٌ بِالَّذِينِ وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى حَيْثُ يَقُولُ: {بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرَةً} [الْمُدَّثِّرِ: 52] ، إِلَى آخِرِ السُّورَةِ.
[قَوْلُهُ] :"وَنَرَى الْجَمَاعَةَ حَقًّا وَصَوَابًا، وَالْفُرْقَةَ زَيْغًا وَعَذَابًا".
ش: قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آلِ عِمْرَانَ: 103] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمُ} [آلِ عِمْرَانَ: 105] . وَقَالَ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ} [الْأَنْعَامِ: 159] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ، إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هُودٍ: 119] . فَجَعَلَ أَهْلَ الرَّحْمَةِ مُسْتَثْنَيْنَ مِنْ الِاخْتِلَافِ. وَقَالَ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ نَزَّلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ} [الْبَقَرَةِ: 176] . وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّ أَهْلَ الْكِتَابَيْنِ افْتَرَقُوا فِي دِينِهِمْ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ مِلَّةً، وَإِنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً -يَعْنِي الْأَهْوَاءَ- كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ"1. وَفِي رِوَايَةٍ: قَالُوا: مَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:"مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي", فَبَيَّنَ أَنَّ عَامَّةَ الْمُخْتَلِفِينَ هَالِكُونَ إِلَّا أَهْلَ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَأَنَّ الِاخْتِلَافَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:"إِنَّ [الشَّيْطَانَ] ذِئْبُ الْإِنْسَانِ، كذئب الغنم، يأخذ الشاة القاصية، [والناحية] ، فَإِيَّاكُمْ وَالشِّعَابَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، وَالْعَامَّةِ، وَالْمَسْجِدِ"2. وَفِي"الصَّحِيحَيْنِ"عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أنه قال لما نزل
1 صحيح، رواه أبو داود وغيره، وقد مضى"ص260"، وأما الرواية التي بعدها ففيها ضعف كما تقدم هناك.
2 صحيح الإسناد، وأقول الآن: كلا، ولا أدري كيف وقع هذا، فالسند ضعيف كما هو مبين في"تخريج المشكاة""184"ثم في الأحاديث"الضعيفة""3016"و"ضعيف الجامع الصغير""1477".