فهرس الكتاب
الصفحة 475 من 536

أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ بَعَثَ مُحَمَّدَ بْنَ الزُّبَيْرِ الْحَنْظَلِيَّ إِلَى الْحَسَنِ، فَقَالَ: هَلْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَخْلَفَ أَبَا بَكْرٍ؟ فَقَالَ: أَوَ فِي شَكٍّ صَاحِبُكَ؟ نَعَمْ، وَاللَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ اسْتَخْلَفَهُ، لَهُوَ كَانَ أَتْقَى لِلَّهِ مِنْ أَنْ يَتَوَثَّبَ عَلَيْهَا.

وَفِي الْجُمْلَةِ: فَجَمِيعُ مَنْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ طَلَبَ تَوْلِيَةَ غَيْرِ أَبِي بَكْرٍ، لَمْ يَذْكُرْ حُجَّةً شَرْعِيَّةً، وَلَا ذَكَرَ أَنَّ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ أَفْضَلُ مِنْهُ، أَوْ أَحَقُّ بِهَا، وَإِنَّمَا نَشَأَ مِنْ حُبِّ قَبِيلَتِهِ وَقَوْمِهِ فَقَطْ، وَهُمْ كَانُوا يَعْلَمُونَ فَضْلَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَحُبَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَهُ. فَفِي"الصَّحِيحَيْنِ"، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَهُ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السَّلَاسِلِ، فَأَتَيْتُهُ، فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ:"عَائِشَةُ"، قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ:"أَبُوهَا"، قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ:"عُمَرُ"، وَعَدَّ رِجَالًا1. وَفِيهِمَا أَيْضًا، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِذْ أَقْبَلَ أَبُو بَكْرٍ آخِذًا بِطَرَفِ ثَوْبِهِ، حَتَّى أَبْدَى عَنْ رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"أَمَّا صَاحِبُكُمْ فَقَدْ غَامَرَ"، فسلم، وقال: [يا رسول الله] ، إِنَّهُ كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ ابْنِ الْخَطَّابِ شَيْءٌ فَأَسْرَعْتُ إِلَيْهِ، ثُمَّ نَدِمْتُ، فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَغْفِرَ لِي [فَأَبَى عَلَيَّ، فَأَقْبَلْتُ إِلَيْكَ] ، فَقَالَ:"يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ"ثَلَاثًا، ثُمَّ إِنَّ عُمَرَ نَدِمَ، فَأَتَى مَنْزِلَ أَبِي بَكْرٍ، فسأل: أثم أبو بكر؟ فَقَالُوا: لَا، فَأَتَى إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، [فَسَلَّمَ عَلَيْهِ] ، فَجَعَلَ وَجْهُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يسفر، حَتَّى أَشْفَقَ أَبُو بَكْرٍ فَجَثَا عَلَى رُكْبَتَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَاللَّهِ أَنَا كُنْتُ أَظْلَمَ، مَرَّتَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"إِنَّ اللَّهَ بَعَثَنِي إِلَيْكُمْ، فَقُلْتُمْ: كَذَبْتَ، وقال أبو بكر: صدق، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركوا لِي صَاحِبِي؟"مَرَّتَيْنِ، فَمَا أُوذِيَ بَعْدَهَا2. وَمَعْنَى: غَامَرَ: غَاضَبَ وَخَاصَمَ. وَيَضِيقُ هَذَا الْمُخْتَصَرُ عَنْ ذِكْرِ فَضَائِلِهِ.

وَفِي"الصَّحِيحَيْنِ"أَيْضًا، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

1 صحيح، وهو في"كتاب السنة"لابن أبي عصم من طرق عن عمرو"1233 - 1236".

2 البخاري عن أبي الدرداء، ولم أره عند مسلم، ولم يعزه إليه في"الذخائر"، ولا في"الجامع الكبير"ورواه ابن أبي عاصم"1223"مقتصرا على المرفوع منه.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام