فهرس الكتاب
الصفحة 281 من 536

وَغَيْرُهُ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ يَرْفَعُهُ، قَالَ:"بَيْنَا أَهْلُ الْجَنَّةِ فِي نَعِيمِهِمْ إِذْ سَطَعَ لَهُمْ نُورٌ، فَرَفَعُوا إِلَيْهِ رُءُوسَهُمْ، فَإِذَا الْجَبَّارُ جَلَّ جَلَالُهُ قَدْ أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ، وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، ثُمَّ قَرَأَ قَوْلَهُ تَعَالَى: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} [يس: 58] . فَيَنْظُرُ إِلَيْهِمْ، وَيَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، فَلَا يَلْتَفِتُونَ إِلَى شَيْءٍ مِنَ النَّعِيمِ مَا دَامُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ"1. وَرَوَى مُسْلِمٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِي تَفْسِيرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآَخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ} [الْحَدِيدِ: 3] بِقَوْلِهِ:"أَنْتَ الْأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَكَ شَيْءٌ"2. وَالْمُرَادُ بِالظُّهُورِ هُنَا: الْعُلُوُّ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} [الْكَهْفِ: 97] ، أَيْ يَعْلُوهُ. فَهَذِهِ الْأَسْمَاءُ الْأَرْبَعَةُ مُتَقَابِلَةٌ: اسْمَانِ مِنْهَا لِأَزَلِيَّةِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَبَدِيَّتِهِ، وَاسْمَانِ لِعُلُوِّهِ وَقُرْبِهِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيٌّ، فقال: يا رسول الله، جهدت الأنفس [وضاعت العيال] ونهكت الأموال، [وهلكت الأنعام] ، فاستسق الله لنا، فإنا نستشفع بك على اللَّهِ، وَنَسْتَشْفِعُ بِاللَّهِ عَلَيْكَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"وَيْحَكَ! أَتَدْرِي مَا تَقُولُ؟"وَسَبَّحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا زَالَ يُسَبِّحُ حَتَّى عُرِفَ ذَلِكَ فِي وُجُوهِ أَصْحَابِهِ، ثُمَّ قَالَ:"وَيْحَكَ! إِنَّهُ لَا يُسْتَشْفَعُ بِاللَّهِ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، شَأْنُ اللَّهِ أَعْظَمُ مِنْ ذَلِكَ، وَيْحَكَ! أَتَدْرِي مَا اللَّهُ؟ إِنَّ اللَّهَ فَوْقَ عَرْشِهِ، وَعَرْشُهُ فوق سماواته -وقال بأصابعه! مثل القبة [عليه] - وإنه ليئط به أطيط الرحل بِالرَّاكِبِ"3. وَفِي قِصَّةِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ يَوْمَ بَنِي قُرَيْظَةَ، لَمَّا حَكَمَ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ مُقَاتِلَتُهُمْ وَتُسْبَى ذَرَارِيُّهُمْ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"لَقَدْ حَكَمْتَ فِيهِمْ بِحُكْمِ الْمَلِكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَاوَاتٍ"4. وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ، أخرجه الأموي في مغازيه، وأصله في

1 ضعيف، وتقدم, وقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله:"وإسناده جيد"غير جيد، لما ذكرته هناك.

2 صحيح, وتقدم.

3 ضعيف، وتقدم.

4 صحيح بدون قوله:"فوق سبع سماوات"كذلك هو في"الصحيحين"و"المسند"وأما هذه الزيادة فتفرد بها محمد بن صالح التمار، كما في"العلو""102"وقال: وهو صدوق"وفي"التقريب""صدوق يخطئ"، قلت: فمثله لا يقبل تفرده، وإن صححه المؤلف وكذا الذهبي، وفي إثبات الفوقية أحاديث صحيحه تغني عن هذا، وسيذكر المؤلف بعضها. وانظر تخريج الحديث في"مختصر العلو""87/ 11"."

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام