بسم الله الرحمن الرحيم
في القضاء الشرعي
تقديم: د. عمر بن صالح بن عمر
…………………كلية الشريعة والدراسات الإسلامية
…………………… جامعة الشارقة
مقدمة:
حرصت الشريعة الإسلامية في كل نظمها وتشريعاتها على إقامة العدل وتوطيد الأمن، واستئصال كل ما من شأنه يؤدي إلى الظلم والاعتداء على حقوق الآخرين. فشرعت الأحكام القضائية لما في القضاء من مصالح العباد ومنع التظالم والعناد. ولكن الاجتهاد في القضاء اليوم يعجز عنه ... (1) ، وذلك لكثرة مشاغل القضاة، وعدم تفرغهم للبحث والاستقصاء في كل ما استجد من قضايا، خاصة مع تطور الحياة وتعقدها، مع حاجة الناس إلى معرفة أحكام هذه المستجدات، مما يجعل من التقنين أمرا ضروريا، فهو ييسر على القضاة الرجوع إلى الأحكام الشرعية، وأمثل الأقوال فيها، ويوفر لهم الوقت فلا يحتاجون إلى إضاعته في البحث والتنقيب بين صفحات الكتب، وقد يعثر عليها وقد لا يعثر، خاصة مع عدم وجود كتاب سهل العبارة، ميسر الأسلوب. ولعل ما يحقق ذلك: تقنين الأحكام القضائية في القضاء الشرعي.
والتقنين: من"قنن"بمعنى: وضع القوانين، وقانون كل شيء: طريقه ومقاسه، وهي كلمة من أصل غير عربي. قال ابن سيده:"أراها دخيلة" (2) . ونعني بالتقنين في هذه الدراسة: إلزام القاضي بالقضاء بأحكام معينة لا يتجاوزها مهما خالفها اجتهاده لو كان مجتهدا. (يراجع أوراق التقنين/2)
(1) اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء: مجلة البحوث الإسلامية، العدد 32 ص 30.
(2) ابن منظور: لسان العرب 13/ 349.