وكانت رابعة وأمثالها في الطرف الآخر يقولون: إن الله تَعَالَى يُعْبَد بالحب؟! ماذا يريدون من ذلك؟ يقولون: نريد أن نعبده لكي نتمتع برؤية وجهه فقط!! هذا الذي نريده، ولا نريد جنة ولا نخاف من ناراً، ولا نخاف من حساب ولا من عقاب ولا نرجو جزاءً ولا ثواباً.
إنما الهدف محصور في أنهم يريدون أن يروه في الدنيا أو في الآخرة!!
وأصل هذه الفكرة من مذاهب ودين البوذيين والهندوس الذين يرى دينهم أن الإِنسَان أنزل إِلَى هذه الدنيا ليكابد العناء والمشقات والعبادات لكي يصفي وينقي روحه فترتقي من الجسد وتلتصق وتلتحق بالروح الأعظم الروح الكلي -الذي هو الله- عندهم وتصبح جزءاً من ذاته وتتحد به والعياذ بالله، فلذا كانت عبادة الرهبان الهندوس مثل الصيام الطويل، وتعذيب الجسد، والهيام في الغابات، والانقطاع في الخلوات والإكثار من الأذكار والعبادات التي ابتدعوها ولم يشرعها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، كل ذلك من أجل أن يسلموا من التناسخ المستمر، ومعنى التناسخ عندهم: أن نفس الإِنسَان إذا ارتكبت ذنباً وأتاها الأجل وهي مرتكبة للذنوب تخلق في زمن بعيد آخر في شكل حيوان، وتعاقب وتتصفى حتى تكون مؤهلة لئن تتحد بالبراهما الذي يسمونه الله، يسمون البراهما"الإله الكلي"التي تلتحق به هذه النفوس.