الأستاذ أنور الجندي
هناك مجموعة من الحقائق التي تكشفت أخيرًا بعد أن انهارت مخططات التغريب والغزو الثقافي في العالم الإسلامي وبعد أن أوشكت جولة هذا الباطل تسربل بالعلم والبراعة واللمعان الخاطف أن تنطفئ وتنهار.
وكان حقًا علينا أن نتعرف على هذه الأمور حتى لا تخدعنا مرة أخرى حين يحاول النفوذ الأجنيب أن يغير جلده أو يعاود خداعه أو يحاول تجديد أساليب مكره.
ونحن نعرف أن هذا النفوذ الأجنبي الذي يحاول أن يحتوي أمتنا وفكرنا هو مجموعة من المؤتمرات التي يحكيها النفوذ الأجنبي والصهيوني والماركسي، وأنه بدأ بصيحات متعددة:
هي صيحة لويس التاسع وصيحة غلادستون وصيحة كرومر، وصيحة اللورد اللنبي وصيحة كامبل وهي صيحات خمس يجب أن نعيها ونتعرف عل هدفها.
أم لويس التاسع فإنه بعد أن هزم في الحملة الصليبية السابعة التي تحطمت أمام المنصورة وأقتيد وهو قائدها أسيرًا حتى يفتدي نفسه وسجن في بيت لقمان.
هذا الرجل المهزوم الأسير كتب في مذكراته يقول:"لقد تبين لنا بعد هذه الجولة الطويلة أن هزيمة المسلمين عن طريق الحرب مسألة مستحيلة لأنهم يملكون منهجًا محكمًا يقوم على الجهاد في بيل الله ومن شأن هذا المنهج أن يحول دون هزيمتنا عسكريًا ولذلك فإن على الغرب أن يسلك طريقًا آخر، هو طريق الكلمة، الذي يقوم على نزع الفتيل من هذا المنهج وتفريغه من القوة والصمود والبسالة، وذلك عن طريق تحطيم مجموعة من المفاهيم بتأويلها أو التشكيك فيها".
هذه الوصية كانت أساس الخطة التي قام بها الغرب من بعد عن طريق إنشاء مؤسستي التبشير والاستشراق وإثارة الشبهات حول مفهوم الإسلام الأصيل الجامع دنيا ودولة وعقيدة وشريعة وأخلاقًا، ومن ثم كانت محاولات الاستشراق تدور كلها حول تحويل الإسلام إلى دين لاهوتي عبادي منفصل عن الحياة منتزع من ميادين الاقتصاد والاجتماع والسياسة والتربية.