القول الأول: مذهب المعتزلة والخوارج الذين يأخذون بنصوص الوعيد، فيرون الخروج من الإيمان بهذه المعصية، لكن الخوارج يقولون: هو كافر، والمعتزلة يقولون: هو في منزلة بين المنزلتين، وتتفق الطائفتان على أنهم مخلدون في النار، فيجرون هذا الحديث ونحوه على ظاهره، ولا ينظرون إلى الأحاديث الأخرى الدالة على أن من في قلبه إيمان وإن قل؛ فإنه لابد أن يدخل الجنة.
القول الثاني: أن هذا الوعيد فيمن استحل هذا الفعل بدليل النصوص الكثيرة الدالة على أن من في قلبه إيمان وإن قل؛ فلابد أن يدخل الجنة، وهذا القول ليس بصواب؛ لأن من استحله كافر ولو لم يفعله، فمن استحل قطيعة الرحم أو شرب الخمر مثلا؛ فهو كافر وإن لم يقطع الرحم ولم يشرب الخمر.
القول الثالث: أن هذا من باب أحاديث الوعيد التي تمر كما جاءت ولا يتعرض لمعناها، بل يقال: هكذا قال الله وقال رسوله ونسكت؛ فمثلا: قوله تعالى: { وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ الله عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً } (النساء: 93) ، هذه الآية من نصوص الوعيد؛ فنؤمن بها، ولا نتعرض لمعناها ومعارضتها للنصوص الأخرى، ونقول: هكذا قال الله ، والله أعلم بما أراد، وهذا مذهب كثير من السلف؛ كمالك وغيره، وهذا أبلغ في الزجر.
القول الرابع: أن هذا نفي مطلق، والنفي المطلق يحمل على المقيد؛ فيقال: لا يدخلون الجنة دخولا مطلقا يعني لا يسبقه عذاب، ولكنهم يدخلون الجنة دخولا يسبقه عذاب بقدر ذنوبهم، ثم مرجعهم إلى الجنة، وذلك لأن نصوص الشرع يصدق بعضها بعضا، ويلائم بعضها بعضا، وهذا أقرب إلى القواعد وأبين حتى لا تبقى دلالة النصوص غير معلومة؛ فتقيد النصوص بعضها ببعض.