الصفحة 353 من 882

وإن قالوا: إن إماتة المسيح سفه وعبث. فقد نسبوا الرّبّ الأزلي إلى السفه والعبث، ويتعالى عن ذلك.

وإن قالوا: إن إماتته فضل وحكمة، ولكن لَعْن اليهود ويهوذا متعيّن؛ لأن ذلك كَسْبُهم وإن وافقوا الفضل والحكمة وصادفوا ذلك مصادفة.

قلنا لهم: أزريتم على المسيح غاية الإزراء، إذ زعمتم أنه قال على الصليب:"إلهي إلَهي كيف تركتني وخذلتني؟"1. وقال أيضاً:"إن كان يحسن / (1/151/أ) صرف هذا الكأس عني فاصرفها"2. فلزم بمقتضى قولكم أنه قد تطير بهذا الفضل والحكمة، والتمس البقيا وترك هذا الفضل، وذلك فيما زعمتم سفه يناقض الحكمة.

ثم يقال لهم: أخبرونا لو لم يتب آدم ولقي الله بخطيئته، هل كان قتل المسيح يستقل بخلاصه؟!.

فإن قالوا: لا. أحالوا الخلاص إلى التوبة دون قتل المسيح.

وإن قالوا: نعم في دم المسيح وفاء بالخلاص. وإن لم يتب آدم [وبنوه] 3، أخلوا التوبة عن الفائدة، ولزم أن يكون كل فاجر وقاتل وظالم خلصوا، فإن التزموا ذلك قيل لهم: فيهوذا الإسخريوطي وفرعون ونمرود وأشباهم قد خلصوا أيضاً، وليس في النصارى من يتجاسر على البوح بذلك، وهو لازم لهم على مقتضى قولهم هذا.

فإن قالوا: بل الخلاص بمجموع الأمرين بالتوبة ودم المسيح. قلنا: كأنكم لا ترون دم المسيح مكافئاً لآدم ما لم تنضم إليه التوبة، وهذا تصريح منكم

1 متى 27/46، مرقس 15/34.

2 متى 26/29، مرقس 14/36، لوقا 22/42.

3 في ص (بنيه) والصواب ما أثبته.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام