تأليف الإمام
محمد بن إبراهيم ال الشيخ
رحمه الله
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.
إنّ من الكفر الأكبر المستبين، تنزيل القانون اللعين، منزلة ما نزل به الروح الأمين، على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، ليكون من المنذرين، بلسان عربي مبين، في الحكم به بين العالمين، والرّدِّ إليه عند تنازع المتنازعين، مناقضة ومعاندة لقول الله عزّ وجلّ: {فإنْ تنازعتُم في شيءٍ فرُدّوه إلى اللهِ والرسولِ إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً} .
وقد نفى الله سبحانه وتعالى الإيمان عمن لم يُحَكِّموا النبي صلى الله عليه وسلم، فيما شجر بينهم، نفيا مؤكدا بتكرار أداة النفي وبالقسم، قال تعالى: {فلا وربِّك لا يؤمنون حتى يُحكِّموك فيما شَجَر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجًا ممّا قضيتَ ويُسَلِّموا تسليمًا} .
ولم يكتف تعالى وتقدس منهم بمجرد التحكيم للرسول صلى الله عليه وسلم، حتى يضيفوا إلى ذلك عدم وجود شيء من الحرج في نفوسهم، بقوله جل شأنه: {ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا ممّا قضيت} . والحرج: الضيق. بل لا بدّ من اتساع صدورهم لذلك وسلامتها من القلق والاضطراب.
ولم يكتف تعالى أيضا هنا بهذين الأمرين، حتى يضموا إليهما التسليم: وهو كمال الانقياد لحكمه صلى الله عليه وسلم، بحيث يتخلّون ها هنا من أي تعلق للنفس بهذا الشيء، ويسلموا ذلك إلى الحكم الحق أتمّ تسليم، ولهذا أكّد ذلك بالمصدر المؤكّد، وهو قوله جلّ شأنه: {تسليمًا} المبيّن أنه لا يُكتفى ها هنا بالتسليم .. بل لا بدّ من التسليم المطلق.
وتأمل ما في الآية الأولى، وهي قوله تعالى: {فإنْ تنازعتم في شيء فردُّوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خيرٌ وأحسنُ تأويلاً .. } كيف ذكر النّكِرة،