أحكام الجهاد: وما يترتب عليه من معاملة الأسرى والغنائم والجزية والخراج، كل هذا مبني على الايمان والكفر
أحكام الديار: مبنية على الإيمان والكفر، فلا يجوز للمسلم أن يذهب الى دار الكفر إلا لحاجة ولا يقيم بها إلا لضرورة، كما لا يجوز للكافر دخول دار الاسلام إلا بعهد، وهناك أماكن لا يجوز للكافر أن يقيم بها وهي جزيرة العرب، وهناك أماكن لا يجوز لهم دخولها كالحرم.
ونحن إذا ذهبنا نتتبع هذه الاحكام المترتبة على الايمان والكفر في أبواب الفقه المختلفة لأحصينا الشيئ الكثير فآنية الكفار لها احكام، وذبائحهم لها أحكام، والمعاملات في البيع والشراء مع الكفار لها أحكام فهو باب واسع نكتفي منه بالامثلة السابقة، فإن الله جعل خلقه فريقين، فقال تعالى: {هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن} [التغابن: 2] .
ولم يسو سبحانه بين الفريقين - لا في الدنيا ولا في الآخرة - قال جل شأنه: {أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنو ا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون} [الجاثية: 21] ، وقال سبحانه: {أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون} [السجدة: 18] ، وقال عزوجل: {لا يستوي أصحاب الناروأصحاب الجنة} [الحشر: 20] .
وعلى هذا فان المساواة بين الفريقين هي من الرد لحكم الله والمعاندة لشرعه القويم.
فإن قلت: فما ثمرة التفريق بين المؤمن والكافر؟
فالجواب: إن ثمرة هذا الموضوع هي تمييز المؤمن والكافر لمعاملة كل منهما بما يستحقه في شرع الله تعالى، وهذا واجب على كل مسلم.
ثم إن من مصلحة الكافر أو المرتد؛ أن يعلم أنه كافر، فقد يبادر بالتوبة أو بتجديد اسلامه، فيكون هذا خيرا له في الدنيا والاخرة، أما أن نكتم عنه حكمه ولا نخبره بكفره أو ردته بحجة أن الخوض في هذه المسائل غير مأمون العواقب، فهذا فضلاً عما فيه من كتمان للحق وهدم لأركان الدين، فهذا ظلم لهذا الكافر وخداع له بحرمانه من فرصة التوبة اذا علم بكفره فكثير من الكفار هم من؛ {الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} [الكهف: 104] .
وفي بيان أهمية هذا الموضوع يقول شيخ الاسلام بن تيمة رحمه الله: (إذا تتبين ذلك فأعلم أن مسائل التكفير والتفسيق هي من مسائل الاسماء والأحكام التي يتعلق بها الوعد والوعيد في الدار الآخرة وتتعلق بها المولاة والمعاداة والقتل والعصمة وغير ذلك في الدار الدنيا، فإن الله سبحانه وتعالى أوجب الجنة للمؤمنين وحرم الجنة على الكافرين، وهذا من الأحكام الكلية في كل وقت ومكان) [مجموع الفتاوى: 12/ 468] .
وقال أيضاً: (فإن الخطأ في اسم الإيمان ليس كالخطأ في اسم محدث ولا كالخطأ في غيره من الأسماء إذا كانت أحكام الدنيا والآخرة متعلقة باسم الايمان والاسلام والكفر والنفاق) [مجموع الفتاوى: 7/ 395] .