فقاتلهم أبو بكر الصديق، فرجع أكثرُهم، وقتل بعضهم على ردَّته، وهؤلاء هم الذين عُنوا في حديث الذيادة عن الحوض، وقال عنهم النَّبيُّ *: (( أصحابي ) )، فقيل له: (( إنَّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ) )أخرجه البخاري (6582) .
ويُجمع بين هذه الأحاديث وحديث جابر في إياس الشيطان من أن يُعبد في جزيرة العرب من وجهين:
أحدهما: بحمل حديث جابر على نفي عودة الجميع إلى الشرك دون البعض، فإنَّه يقع منهم.
الثاني: أنَّ إياس الشيطان من عبادته في جزيرة العرب هو ظنٌّ من الشيطان، وهو لا يعلم الغيب، كما أخبر الله عن الجنِّ في قوله: {فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ} ، وقال تعالى:
قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا
اللَّهُ، وقد ذكر هذه الأجوبة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين في إجابته على سؤال عن ثلاثة أحاديث، هذا أحدها (ص:35 ـ 36) .
وأمَّا أحاديث كون الإيمان يأرز إلى المدينة وإلى الحجاز، فهي لا تنافي الأحاديث الصحيحة الدَّالَّة عل عودة الشرك إلى الجزيرة.
وأمَّا الآثار التي أوردها الكاتب في تتبُّع آثار النَّبيِّ * المكانية، فهي عن ابن عمر، وهذا مشهور عنه، والمشهور عن الخلفاء الراشدين وغيرهم خلاف ذلك، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في اقتضاء الصراط المستقيم (2/ 278 ـ 279) :