اعلموا يا أصحابي وإخواني أنَّ مذهبَ أهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ على اثنَتَي عشرةَ خَصلةً، فمَن كانَ يَستَقيمُ على هذه الخِصالِ لا يكونُ مبتَدِعاً، ولا صاحِبَ هوىً، فعليكم بهذه الخِصالِ حتى تكونوا في شفاعةِ سيِّدنا محمَّدٍ عليه الصلاة والسلام.
الأولى: الإيمانُ إقرارٌ باللسان وتصديقٌ بالجَنان، والإقرارُ وحدَه لا يكونُ إيماناً، لأنه لو كان إيماناً لكانَ المنافقونَ كلّهم مُؤمِنين، وكذلك المعرفةُ وحدَها لا تكونُ إيماناً، لأنها لو كانت إيماناً لكانَ أهلُ الكتابِ كلّهم مؤمِنين، قال اللهُ تعالى في حقِّ المنافقين: {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} {وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} [المنافقون: 1] وقال تعالى في حقِّ أهلِ الكتاب: {الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} [البقرة: 146] .
والإيمانُ لا يزيدُ ولا ينقُصُ؛ لأنه لا يُتصوَّرُ نقصانُه إلا بزيادةِ الكُفرِ، ولا تُتصوَّرُ زيادتُه إلا بنُقصانِ الكُفرِ، وكيف يجوزُ أن يكونَ الشخصُ الواحدُ في حالةٍ واحدةٍ مؤمناً وكافراً؟!
والمُؤمِنُ مؤمِنٌ حقَّاً، والكافِرُ كافِرٌ حقَّاً، وليسَ في الإيمانِ شكّ، كما أنه ليس في الكُفرِ شكّ، لقوله تعالى: {أُولَ?ئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] ، و {أُولَئِكَ هُمْ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء: 151] ، والعاصون من أمَّةِ محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم كلّهم مؤمنون وليسوا بكافرين.