سمواته على عرشه، عليّ على خلقه، وهو معهم أينما كانوا يعلم ما هم عاملون كما جمع بين ذلك في قوله تعالي: {هو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم والله بما تعملون بصير} (الحديد:4) ..
وليس معنى قوله: {وهو معكم} أنه مختلط بالخلق، فإن هذا لا توجبه اللغة وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة، وخلاف ما فطر الله عليه الخلق" (الفتاوى 3/ 177) "
وكل ما سبق ذكره من أنواع التوحيد في الربوبية، والإلهية، والأسماء، والصفات، والحاكمية داخل في شهادة العبد {أن لا إله إلا الله} ..
* تحقيق التوحيد بإخلاص الدين لله:
"ومن تحقيق التوحيد: أن يعلم أن الله تعالى أثبت له حقاً لا يشركه فيه مخلوق كالعبادة والتوكل، والخوف، والخشية، والتقوى كما قال تعالى: {لا تجعل مع الله إلهاً آخر فتقعد مذموماً مخذولاً} (الإسراء:22) .. وقال تعالى: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين} (الزمر:2) .. وقال تعالى: {قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين} (الزمر:11) .. وقال تعالى: {قل أفغير الله تأمروني أعبد أيها الجاهلون} (الزمر:64) إلى قوله: {الشاكرين} .."
وكل من الرسل يقول لقومه: {اعبدوا الله ما لكم من إله غيره} (هود:50) ..
وقد قال في التوكل: {وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين} (المائدة:23) .. {وعلى الله فليتوكل المؤمنون} (التوبة:51) ، وقال: {قل حسبي الله عليه يتوكل المتوكلون} (الزمر:38) .. وقال تعالى: {ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله وقالوا حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله إنا إلى الله راغبون} (التوبة:59)
فقال في الاتيان: {ما آتاهم الله ورسوله} .. وقال في التوكل: {وقالوا حسبنا الله} ولم يقل: ورسوله؛ لأن الإتيان هو الإعطاء الشرعي، وذلك يتضمن الإباحة والإحلال الذي بلغه الرسول، فالحلال ما أحله، والحرام ما حرمه، والدين ما شرعه. قال تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا} (الحشر:7) ..
وأما الحسب فهو الكافي، والله وحده كاف عبده كما قال تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} (آل عمران:173) فهو وحده حسبهم كلهم، وقال تعالى: {يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين} (الأنفال:64) أي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين هو الله، فهو كافيكم كلكم.