أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ : " مَا كُنَّا لِنَدَعَ كِتَابَ رَبِّنَا , وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ , لَا تَدْرِي أَحَفِظَتْ أَمْ لَا "
أَخْبَرَنَا الْقَاضِي أَبُو عُمَرَ الْقَاسِمُ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ اللُّؤْلُؤِيُّ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ، أَخْبَرَنِي أَبُو أَحْمَدَ ، ثنا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ , عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ , قَالَ : كُنْتُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ مَعَ الْأَسْوَدِ فَقَالَ : أَتَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ قَيْسٍ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ : مَا كُنَّا لِنَدَعَ كِتَابَ رَبِّنَا , وَسُنَّةَ نَبِيِّنَا لِقَوْلِ امْرَأَةٍ , لَا تَدْرِي أَحَفِظَتْ أَمْ لَا وَهَكَذَا اشْتُهِرَ الْحَدِيثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهُ قَالَ مَا : حَدَّثَنِي أَحَدٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ إِلَّا اسْتَحْلَفْتُهُ , وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُهُ الْمُسْلِمُونَ وَيَسْتَحْلِفُهُمْ , مَعَ ظُهُورِ إِسْلَامِهِمْ , وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَسْتَحْلِفُ فَاسِقًا وَيَقْبَلُ خَبَرَهُ , بَلْ لَعَلَّهُ مَا كَانَ يَقْبَلُ خَبَرَ كَثِيرٍ مِمَّنْ يَسْتَحْلِفُهُمْ , مَعَ ظُهُورِ إِسْلَامِهِمْ وَبَذْلِهِمْ لَهُ الْيَمِينَ , وَكَذَلِكَ غَيْرُهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رُوِيَ عَنْهُمْ أَنَّهُمْ رُدُّوا أَخْبَارًا رُوِيَتْ لَهُمْ وَرُوَاتُهَا ظَاهِرُهُمُ الْإِسْلَامُ , فَلَمْ يُطْعَنْ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ الْفِعْلِ , وَلَا خُولِفُوا فِيهِ , فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مَذْهَبٌ لِجَمِيعِهِمْ , إِذْ لَوْ كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَذْهَبُ إِلَى خِلَافِهِ لَوَجَبَ بِمُسْتَقَرِّ الْعَادَةِ نَقْلُ قَوْلِهِ إِلَيْنَا , وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا إِجْمَاعُ الْأُمَّةِ عَلَى أَنَّهُ لَا يَكْفِي فِي عَدَالَةِ الشُّهُودِ عَلَى مَا يَقْتَضِي الْحُدُودَ إِظْهَارُ الْإِسْلَامِ , دُونَ تَأَمُّلِ أَحْوَالِ الشُّهُودِ وَاخْتِبَارِهَا , وَهَذَا يُوجِبُ اخْتِبَارَ حَالِ الْمُخْبِرِ عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَحَالِ الشُّهُودِ بِجَمِيعِ الْحُقُوقِ , بَلْ قَدْ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ : إِنَّهُ يَجِبُ الِاسْتِظْهَارُ فِي الْبَحْثِ عَنْ عَدَالَةِ الْمُخْبِرِ بِأَكْثَرَ مِمَّا يَجِبُ فِي عَدَالَةِ الشَّاهِدِ , فَثَبَتَ بِمَا ذَكَرْنَاهُ أَنَّ الْعَدَالَةَ شَيْءٌ زَائِدٌ عَلَى ظُهُورِ الْإِسْلَامِ , يَحْصُلُ بِتَتَبُّعِ الْأَفْعَالِ وَاخْتِبَارِ الْأَحْوَالِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ