أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ طَافَ بِالْبَيْتِ حِينَ أَصْبَحَ أُسْبُوعًا , قَالَ وَهْبٌ : وَأَنَا وَطَاوُسُ , مَعَهُ وَعِكْرِمَةُ مَوْلَاهُ , وَكَانَ قَدْ رَقَّ بَصَرُهُ , فَكَانَ يَتَوَكَّأُ عَلَى الْعَصَا , فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ انْصَرَفَ إِلَى الْحَطِيمِ فَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ نَهَضَ فَنَهَضْنَا مَعَهُ , فَدَفَعَ عَصَاهُ إِلَى عِكْرِمَةَ مَوْلَاهُ , وَتَوَكَّأَ عَلَيَّ وَعَلَى طَاوُسٍ , ثُمَّ انْطَلَقَ بِنَا إِلَى غَرْبِيِّ الْكَعْبَةِ بَيْنَ بَابِ بَنِي سَهْمٍ وَبَابِ بَنِي جُمَحٍ , فَوَقَفْنَا عَلَى قَوْمٍ بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ يَخُوضُونَ فِي حَدِيثِ الْقَدَرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ , فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ أَجَابُوهُ وَرَحَّبُوا بِهِ وَأَوْسَعُوا لَهُ فَكَرِهَ أَنْ يَجْلِسَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ : " يَا مَعْشَرَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ , وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا قَدْ أَسْكَتَتْهُمْ خَشْيَتُهُ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ , وَلَا بُكْمٍ , وَأَنَّهُمْ هُمُ الْفُصَحَاءُ الطُّلَقَاءُ النُّبَلَاءُ الْأَلِبَّاءُ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ , لَكِنَّهُمْ إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ انْقَطَعَتْ أَلْسِنَتُهُمْ , وَكُسِرَتْ قُلُوبُهُمْ , وَطَاشَتْ عُقُولُهُمْ إِعْظَامًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِعْزَازًا , وَإِجْلَالًا , فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ اسْتَبَقُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ , يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الظَّالِمِينَ الْخَاطِئِينَ , وَإِنَّهُمْ لَأَبَرُّ بِرًّا , وَمَعَ الْمُقَصِّرِينَ وَالْمُقْرِضِينَ , وَإِنَّهُمْ لَأَكْيَاسٌ أَقْوِيَاءُ , وَلَكِنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ لِلَّهِ بِالْقَلِيلِ , وَلَا يَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِيرَ , وَلَا يَدِلُّونَ عَلَيْهِ بِالْأَعْمَالِ , حَيْثُمَا لَقِيتَهُمْ فَهُمْ مُتَّهَمُونَ مَحْزُونُونَ مُرَوَّعُونَ خَائِفُونَ مُشْفِقُونَ وَجِلُونَ , فَأَيْنَ أَنْتُمْ مِنْهُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُبْتَدِعِينَ , اعْلَمُوا أَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَسْكَتُهُمْ عَنْهُ , وَأَنَّ أَجْهَلَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَنْطَقُهُمْ فِيهِ " قَالَ وَهْبٌ : ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُمْ وَتَرَكَهُمْ , فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ قَدْ تَفَرَّقُوا عَنْ مَجْلِسِهِمْ ذَلِكَ , ثُمَّ لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دُرُسْتَوَيْهِ , نا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ , نا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ , نا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ الْمَوْصِلِيُّ , نا إِدْرِيسُ بْنُ سِنَانٍ , نا أَبُو إِلْيَاسَ ابْنُ بِنْتِ وَهْبٍ , قَالَ : حَدَّثَنِي وَهْبُ بْنُ مُنَبِّهٍ , أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ طَافَ بِالْبَيْتِ حِينَ أَصْبَحَ أُسْبُوعًا , قَالَ وَهْبٌ : وَأَنَا وَطَاوُسُ , مَعَهُ وَعِكْرِمَةُ مَوْلَاهُ , وَكَانَ قَدْ رَقَّ بَصَرُهُ , فَكَانَ يَتَوَكَّأُ عَلَى الْعَصَا , فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ انْصَرَفَ إِلَى الْحَطِيمِ فَصَلِّي رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ نَهَضَ فَنَهَضْنَا مَعَهُ , فَدَفَعَ عَصَاهُ إِلَى عِكْرِمَةَ مَوْلَاهُ , وَتَوَكَّأَ عَلَيَّ وَعَلَى طَاوُسٍ , ثُمَّ انْطَلَقَ بِنَا إِلَى غَرْبِيِّ الْكَعْبَةِ بَيْنَ بَابِ بَنِي سَهْمٍ وَبَابِ بَنِي جُمَحٍ , فَوَقَفْنَا عَلَى قَوْمٍ بَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ يَخُوضُونَ فِي حَدِيثِ الْقَدَرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا يَخْتَلِفُ النَّاسُ فِيهِ , فَلَمَّا وَقَفَ عَلَيْهِمْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ أَجَابُوهُ وَرَحَّبُوا بِهِ وَأَوْسَعُوا لَهُ فَكَرِهَ أَنْ يَجْلِسَ إِلَيْهِمْ ثُمَّ قَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُتَكَلِّمِينَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ , وَلَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ لِلَّهِ عِبَادًا قَدْ أَسْكَتَتْهُمْ خَشْيَتُهُ مِنْ غَيْرِ عِيٍّ , وَلَا بُكْمٍ , وَأَنَّهُمْ هُمُ الْفُصَحَاءُ الطُّلَقَاءُ النُّبَلَاءُ الْأَلِبَّاءُ الْعَالِمُونَ بِاللَّهِ وَبِآيَاتِهِ , لَكِنَّهُمْ إِذَا ذَكَرُوا عَظَمَةَ اللَّهِ انْقَطَعَتْ أَلْسِنَتُهُمْ , وَكُسِرَتْ قُلُوبُهُمْ , وَطَاشَتْ عُقُولُهُمْ إِعْظَامًا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَإِعْزَازًا , وَإِجْلَالًا , فَإِذَا اسْتَفَاقُوا مِنْ ذَلِكَ اسْتَبَقُوا إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالْأَعْمَالِ الزَّاكِيَةِ , يَعُدُّونَ أَنْفُسَهُمْ مَعَ الظَّالِمِينَ الْخَاطِئِينَ , وَإِنَّهُمْ لَأَبَرُّ بِرًّا , وَمَعَ الْمُقَصِّرِينَ وَالْمُقْرِضِينَ , وَإِنَّهُمْ لَأَكْيَاسٌ أَقْوِيَاءُ , وَلَكِنَّهُمْ لَا يَرْضَوْنَ لِلَّهِ بِالْقَلِيلِ , وَلَا يَسْتَكْثِرُونَ لَهُ الْكَثِيرَ , وَلَا يَدِلُّونَ عَلَيْهِ بِالْأَعْمَالِ , حَيْثُمَا لَقِيتَهُمْ فَهُمْ مُتَّهَمُونَ مَحْزُونُونَ مُرَوَّعُونَ خَائِفُونَ مُشْفِقُونَ وَجِلُونَ , فَأَيْنَ أَنْتُمْ مِنْهُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُبْتَدِعِينَ , اعْلَمُوا أَنَّ أَعْلَمَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَسْكَتُهُمْ عَنْهُ , وَأَنَّ أَجْهَلَ النَّاسِ بِالْقَدَرِ أَنْطَقُهُمْ فِيهِ قَالَ وَهْبٌ : ثُمَّ انْصَرَفَ عَنْهُمْ وَتَرَكَهُمْ , فَبَلَغَ ابْنَ عَبَّاسٍ أَنَّهُمْ قَدْ تَفَرَّقُوا عَنْ مَجْلِسِهِمْ ذَلِكَ , ثُمَّ لَمْ يَعُودُوا إِلَيْهِ حَتَّى هَلَكَ ابْنُ عَبَّاسٍ