إِنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعَ الْفَيْءُ أَرْسَلَ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَقْدَمَ بِنَفْسِهِ ، فَقَدِمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : " أَمَّا بَعْدُ , فإِنَّ هَذَا الْمَالَ نَقْسِمُهُ عَلَى مَنْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَدْلِ ، إِلَّا هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ ، فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهِ " . فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو حُدَيْرٍ الْأَجْذَمِيُّ فَقَالَ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عُمَرُ فِي الْعَدْلِ . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " الْعَدْلَ أُرِيدُ ، أَنْ أَجْعَلَ أَقْوَامًا مَا أَنْفَقُوا فِي الظَّهْرِ ، وَشَدُّوا الْغَرَضَ ، وَسَاحُوا فِي الْبِلَادِ ، مِثْلَ قَوْمٍ مُقِيمِينَ فِي بِلَادِهِمْ ، وَلَوْ أَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ بِصَنْعَاءَ أَوْ بِعَدَنَ مَا هَاجَرَ إِلَيْهَا مِنْ لَخْمٍ وَلَا جُذَامٍ أَحَدٌ " ، فَقَامَ أَبُو حُدَيْرٍ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ وَضَعَنَا مِنْ بِلَادِهِ حَيْثُ يَشَاءُ ، وَسَاقَ إِلَيْنَا الْهِجْرَةَ فِي بِلَادِنَا ، فَقَبِلْنَاهَا وَنَصَرْنَاهَا ، أَفَذَلِكَ يَقْطَعُ حَقَّنَا يَا عُمَرُ ؟ ثُمَّ قَالَ : " لَكُمْ حَقُّكُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ " ، ثُمَّ قَسَمَ ، فَكَانَ لِلرَّجُلِ نِصْفُ دِينَارٍ ، فَإِذَا كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ أَعْطَاهُ دِينَارًا ، ثُمَّ دَعَا ابْنَ قَاطُورَا صَاحِبَ الْأَرْضِ فَقَالَ : " أَخْبِرْنِي مَا يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الْقُوتِ فِي الشَّهْرِ وَالْيَوْمِ " ، فَأَتَى بِالْمُدْيِ وَالْقِسْطِ فَقَالَ : يَكْفِيهِ هَذَا ؛ الْمُدْيَانِ فِي الشَّهْرِ ، وَقِسْطُ زَيْتٍ ، وَقِسْطُ خَلٍّ , فَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمُدْيَيْنِ مِنْ قَمْحٍ فَطُحِنَا , ثُمَّ عُجِنَا ثُمَّ خُبِزَا ، ثُمَّ أَدَمَهُمَا بِقِسْطَيْنِ زَيْتًا ، ثُمَّ أَجْلَسَ عَلَيْهِمَا ثَلَاثِينَ رَجُلًا ، فَكَانَ كَفَافَ شِبْعِهِمْ , ثُمَّ أَخَذَ عُمَرُ الْمُدْيَ بِيَمِينِهِ وَالْقِسْطَ بِيَسَارِهِ , ثُمَّ قَالَ : " اللَّهُمَّ لَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُنْقِصَهُمَا بَعْدِي ، اللَّهُمَّ فَمَنْ نَقَصَهُمَا فَانْقُصْ مِنْ عُمْرِهِ "
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ بِبَغْدَادَ , أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ دَرَسْتَوَيْهِ , ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ , حَدَّثَنِي سَعِيدُ بْنُ كَثِيرِ بْنِ عُفَيْرٍ الْمِصْرِيُّ , حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ , أَنَّ يَزِيدَ بْنَ أَبِي حَبِيبٍ حَدَّثَهُ ، أَنَّ أَبَا الْخَيْرِ حَدَّثَهُ ، أَنَّ عَبْدَ الْعَزِيزِ بْنَ مَرْوَانَ قَالَ لِكُرَيْبِ بْنِ أَبْرَهَةَ : أَحَضَرْتَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِالْجَابِيَةِ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : فَمَنْ يُحَدِّثُنَا عَنْهَا ؟ قَالَ كُرَيْبٌ : إِنْ بَعَثْتَ إِلَى سُفْيَانَ بْنِ وَهْبٍ الْخَوْلَانِيِّ حَدَّثَكَ عَنْهَا ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَقَالَ : حَدِّثْنِي عَنْ خُطْبَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْجَابِيَةِ ، قَالَ سُفْيَانُ : إِنَّهُ لَمَّا اجْتَمَعَ الْفَيْءُ أَرْسَلَ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَقْدَمَ بِنَفْسِهِ ، فَقَدِمَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ , فإِنَّ هَذَا الْمَالَ نَقْسِمُهُ عَلَى مَنْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ بِالْعَدْلِ ، إِلَّا هَذَيْنِ الْحَيَّيْنِ مِنْ لَخْمٍ وَجُذَامٍ ، فَلَا حَقَّ لَهُمْ فِيهِ . فَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو حُدَيْرٍ الْأَجْذَمِيُّ فَقَالَ : أَنْشُدُكَ اللَّهَ يَا عُمَرُ فِي الْعَدْلِ . فَقَالَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الْعَدْلَ أُرِيدُ ، أَنْ أَجْعَلَ أَقْوَامًا مَا أَنْفَقُوا فِي الظَّهْرِ ، وَشَدُّوا الْغَرَضَ ، وَسَاحُوا فِي الْبِلَادِ ، مِثْلَ قَوْمٍ مُقِيمِينَ فِي بِلَادِهِمْ ، وَلَوْ أَنَّ الْهِجْرَةَ كَانَتْ بِصَنْعَاءَ أَوْ بِعَدَنَ مَا هَاجَرَ إِلَيْهَا مِنْ لَخْمٍ وَلَا جُذَامٍ أَحَدٌ ، فَقَامَ أَبُو حُدَيْرٍ فَقَالَ : إِنَّ اللَّهَ وَضَعَنَا مِنْ بِلَادِهِ حَيْثُ يَشَاءُ ، وَسَاقَ إِلَيْنَا الْهِجْرَةَ فِي بِلَادِنَا ، فَقَبِلْنَاهَا وَنَصَرْنَاهَا ، أَفَذَلِكَ يَقْطَعُ حَقَّنَا يَا عُمَرُ ؟ ثُمَّ قَالَ : لَكُمْ حَقُّكُمْ مَعَ الْمُسْلِمِينَ ، ثُمَّ قَسَمَ ، فَكَانَ لِلرَّجُلِ نِصْفُ دِينَارٍ ، فَإِذَا كَانَتْ مَعَهُ امْرَأَتُهُ أَعْطَاهُ دِينَارًا ، ثُمَّ دَعَا ابْنَ قَاطُورَا صَاحِبَ الْأَرْضِ فَقَالَ : أَخْبِرْنِي مَا يَكْفِي الرَّجُلَ مِنَ الْقُوتِ فِي الشَّهْرِ وَالْيَوْمِ ، فَأَتَى بِالْمُدْيِ وَالْقِسْطِ فَقَالَ : يَكْفِيهِ هَذَا ؛ الْمُدْيَانِ فِي الشَّهْرِ ، وَقِسْطُ زَيْتٍ ، وَقِسْطُ خَلٍّ , فَأَمَرَ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِمُدْيَيْنِ مِنْ قَمْحٍ فَطُحِنَا , ثُمَّ عُجِنَا ثُمَّ خُبِزَا ، ثُمَّ أَدَمَهُمَا بِقِسْطَيْنِ زَيْتًا ، ثُمَّ أَجْلَسَ عَلَيْهِمَا ثَلَاثِينَ رَجُلًا ، فَكَانَ كَفَافَ شِبْعِهِمْ , ثُمَّ أَخَذَ عُمَرُ الْمُدْيَ بِيَمِينِهِ وَالْقِسْطَ بِيَسَارِهِ , ثُمَّ قَالَ : اللَّهُمَّ لَا أُحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُنْقِصَهُمَا بَعْدِي ، اللَّهُمَّ فَمَنْ نَقَصَهُمَا فَانْقُصْ مِنْ عُمْرِهِ