قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ : كُنْتُ أَتَوَلَّى شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ السُّلْطَانِ فَبَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ قَاعِدٌ فِي مَجْلِسٍ إِذَا أَنَا بِالنَّاسِ قَدْ أَغْلَقُوا أَبْوَابَ دَكَاكِينِهِمْ وَأَخَذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَقُلْتُ : مَا لِي أَرَى النَّاسَ قَدِ اسْتَعَدُّوا لِلْفِتْنَةِ ؟ فَقَالُوا : إِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُحْمَلُ لِيُمْتَحَنَ فِي الْقُرْآنِ ، فَلَبِسْتُ ثِيَابِي وَأَتَيْتُ حَاجِبَ الْخَلِيفَةِ وَكَانَ لِي صَادِقًا ، فَقُلْتُ : أُرِيدُ أَنْ تُدْخِلَنِي حَتَّى أَنْظُرَ كَيْفَ يُنَاظِرُ أَحْمَدُ الْخَلِيفَةَ ، فَقَالَ : أَتَطِيبُ نَفْسُكَ بِذَلِكَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ فَجَمَعَ جَمَاعَةً وَأَشْهَدَهُمْ عَلَيَّ وَتَبَرَّأَ مِنْ إِثْمِي ، ثُمَّ قَالَ لِي : امْضِ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الدُّخُولِ بَعَثْتُ إِلَيْكَ . فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي أُدْخِلَ فِيهِ أَحْمَدُ عَلَى الْخَلِيفَةِ أَتَانِي رَسُولُهُ ، فَقَالَ : الْبَسْ ثِيَابَكَ وَاسْتَعِدَّ لِلدُّخُولِ ، فَلَبِسْتُ قِبَاءً فَوْقَهُ قَفْطَانٌ وَتَمَنْطَقْتُ بِمِنْطَقَةٍ وَتَقَلَّدْتُ سَيْفًا وَأَتَيْتُ الْحَاجِبَ فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَدْخَلَنِي إِلَى الْفَوْجِ الْأَوَّلِ مِمَّا يَلِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِذَا أَنا بِابْنِ الزَّيَّاتِ ، وَإِذَا بِكُرْسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ مُرَصَّعٍ بِالْجَوْهَرِ قَدْ غُشِيَ أَعْلَاهُ بِالدِّيبَاجِ ، فَخَرَجَ الْخَلِيفَةُ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيْنَ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَتَكَلَّمُ بِجَارِحَتَيْنِ ؟ عَلَيَّ بِهِ فَأُدْخِلَ أَحْمَدُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ هَرَوِيٌّ وَطَيْلَسَانٌ أَزْرَقُ وَقَدْ وَضَعَ يَدًا عَلَى يَدٍ وَهُوَ يَقُولُ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ ، فَقَالَ : أَنْتَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ؟ فَقَالَ : أَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، فَقَالَ : أَنْتَ الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا ؟ قَالَ أَحْمَدُ : مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَبَرِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . قَالَ : وَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى بِمِائَةِ أَلْفِ كَلِمَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفِ كَلِمَةٍ وَثَلَاثِمِائَةِ كَلِمَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ كَلِمَةً فَكَانَ الْكَلَامُ مِنَ اللَّهِ وَالِاسْتِمَاعُ مِنْ مُوسَى ، فَقَالَ مُوسَى : أَيْ رَبِّ أَنْتَ الَّذِي تُكَلِّمُنِي أَمْ غَيْرُكَ ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَا مُوسَى أَنَا أُكَلِّمُكَ ، لَا رَسُولٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ " قَالَ : كَذَبْتَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَحْمَدُ : فَإِنْ يَكُ هَذَا كَذِبًا مِنِّي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }} فَإِنْ يَكُنِ الْقَوْلُ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ ، وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا فَقَدِ ادَّعَى حَرَكَةً لَا يُطِيقُ فِعْلَهَا فَالْتَفَتَ إِلَى أَحْمَدَ وَابْنِ الزَّيَّاتِ فَقَالَ : نَاظِرُوهُ ، قَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتُلْهُ وَدَمُهُ فِي أَعْنَاقِنَا ، قَالَ : فَرَفَعَ يَدَهُ فَلَطَمَ حُرَّ وَجْهِهِ فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَتَفَرَّقَ وُجُوهُ قُوَّادِ خُرَاسَانَ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَبْنَاءِ قُوَّادِ خُرَاسَانَ ، فَخَافَ الْخَلِيفَةُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ فَدَعَا بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ يرَشُّ عَلَى وَجْهِهِ . فَلَمَّا أَفَاقَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى عَمِّهِ وَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ فَقَالَ : يَا عَمِّ لَعَلَّ هَذَا الْمَاءَ الَّذِي يُصَبُّ عَلَى وَجْهِي غَضِبَ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ : وَيْحَكُمْ مَا تَرَوْنَ مَا يَهْجُمُ عَلَيَّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، لَا رَفَعْتُ عَنْهُ السَّوْطَ حَتَّى يَقُولَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ . ثُمَّ دَعَا بِجَلَّادٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو الدَّنِّ فَقَالَ : فِي كَمْ تَقْتُلُهُ قَالَ : فِي خَمْسَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ أَوْ عِشْرِينَ ، فَقَالَ : اقْتُلْهُ فَكُلَّمَا أَسْرَعْتَ كَانَ أَخْفَى لِلْأَمْرِ ، ثُمَّ قَالَ : جَرِّدُوهُ ، قَالَ : فَنُزِعَتْ ثِيَابُهُ ، وَوَقَفَ بَيْنَ الْعَقَابِينَ وَتَقَدَّمَ أَبُو الدَّنِّ - قَطَعَ اللَّهُ يَدَهُ - فَضَرَبَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ سَوْطًا فَأَقْبَلَ الدَّمُ مِنْ أَكْتَافِهِ إِلَى الْأَرْضِ ، وَكَانَ أَحْمَدُ ضَعِيفَ الْجِسْمِ ، فَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ إِنْسَانٌ ضَعِيفُ الْجِسْمِ ، فَقَالَ : قَدْ سَمِعْتَ قَوْلِي : وَقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا رَفَعْتُ السَّوْطَ عَنْهُ حَتَّى يَقُولَ كَمَا أَقُولُ . فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبُشْرَى إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ تَابَ عَنْ مَقَالَتِهِ وَهُوُ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . فَقَالَ أَحْمَدُ : كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ وَأَنَا أَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ قَدْ قَالَ كَمَا تَقُولُ . فَقَالَ : خَلِّ سَبِيلَهُ . وَارْتَفَعَتْ بِالْبَابِ ، فَقَالَ : اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذِهِ الضَّجَّةُ . فَخَرَجَ ثُمَّ دَخَلَ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَأَخْرِجْ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ , فَأُخْرِجَ وَقَدْ وَضَعَ طَيْلَسَانَهُ وَقَمِيصَهُ عَلَى يَدِهِ وَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَافَى الْبَابَ ، فَقَالَ النَّاسُ : مَا قُلْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى نَقُولَ ، قَالَ : وَمَا عَسَى أَنْ أَقُولَ اكْتُبُوا يَا أَصْحَابَ الْأَخْبَارِ وَاشْهَدُوا يَا مَعْشَرَ الْعَامَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ . قَالَ : أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ ، وَكُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالسَّوْطُ قَدْ أَخَذَ كَتِفَيْهِ وَعَلَيْهِ سَرَاوِيلُ فِيهِ خَيْطٌ فَانْقَطَعَ الْخَيْطُ وَنَزَلَ السَّرَاوِيلُ فَلَحَظْتُهُ وَقَدْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ فَعَادَ السَّرَاوِيلُ كَمَا كَانَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : نَعَمْ إِنَّهُ لَمَّا انْقَطَعَ الْخَيْطُ قُلْتُ : اللَّهُمَّ إِلَهِي وَسَيِّدِي وَاقَفْتَنِي هَذَا الْمَوْقِفَ فَلَا تَهْتِكَنِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ ، فَعَادَ السَّرَاوِيلُ كَمَا كَانَ "
وَنَرْوِي فِيهَا أَيْضًا مَا حَدَّثَنَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَحْمَدَ ، وَحَدَّثَنِي عَنْهُ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، ثنا أَبِي ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عُبَيْدِ اللَّهِ ، وَلَيْسَ بِالْوَرَّاقِ ، قَالَ : قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ : كُنْتُ أَتَوَلَّى شَيْئًا مِنْ أَعْمَالِ السُّلْطَانِ فَبَيْنَمَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ قَاعِدٌ فِي مَجْلِسٍ إِذَا أَنَا بِالنَّاسِ قَدْ أَغْلَقُوا أَبْوَابَ دَكَاكِينِهِمْ وَأَخَذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَقُلْتُ : مَا لِي أَرَى النَّاسَ قَدِ اسْتَعَدُّوا لِلْفِتْنَةِ ؟ فَقَالُوا : إِنَّ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يُحْمَلُ لِيُمْتَحَنَ فِي الْقُرْآنِ ، فَلَبِسْتُ ثِيَابِي وَأَتَيْتُ حَاجِبَ الْخَلِيفَةِ وَكَانَ لِي صَادِقًا ، فَقُلْتُ : أُرِيدُ أَنْ تُدْخِلَنِي حَتَّى أَنْظُرَ كَيْفَ يُنَاظِرُ أَحْمَدُ الْخَلِيفَةَ ، فَقَالَ : أَتَطِيبُ نَفْسُكَ بِذَلِكَ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ فَجَمَعَ جَمَاعَةً وَأَشْهَدَهُمْ عَلَيَّ وَتَبَرَّأَ مِنْ إِثْمِي ، ثُمَّ قَالَ لِي : امْضِ ، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ الدُّخُولِ بَعَثْتُ إِلَيْكَ . فَلَمَّا أَنْ كَانَ الْيَوْمُ الَّذِي أُدْخِلَ فِيهِ أَحْمَدُ عَلَى الْخَلِيفَةِ أَتَانِي رَسُولُهُ ، فَقَالَ : الْبَسْ ثِيَابَكَ وَاسْتَعِدَّ لِلدُّخُولِ ، فَلَبِسْتُ قِبَاءً فَوْقَهُ قَفْطَانٌ وَتَمَنْطَقْتُ بِمِنْطَقَةٍ وَتَقَلَّدْتُ سَيْفًا وَأَتَيْتُ الْحَاجِبَ فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَدْخَلَنِي إِلَى الْفَوْجِ الْأَوَّلِ مِمَّا يَلِي أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، وَإِذَا أَنا بِابْنِ الزَّيَّاتِ ، وَإِذَا بِكُرْسِيٍّ مِنْ ذَهَبٍ مُرَصَّعٍ بِالْجَوْهَرِ قَدْ غُشِيَ أَعْلَاهُ بِالدِّيبَاجِ ، فَخَرَجَ الْخَلِيفَةُ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ قَالَ : أَيْنَ هَذَا الَّذِي يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَتَكَلَّمُ بِجَارِحَتَيْنِ ؟ عَلَيَّ بِهِ فَأُدْخِلَ أَحْمَدُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ هَرَوِيٌّ وَطَيْلَسَانٌ أَزْرَقُ وَقَدْ وَضَعَ يَدًا عَلَى يَدٍ وَهُوَ يَقُولُ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ، حَتَّى وَقَفَ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ ، فَقَالَ : أَنْتَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ؟ فَقَالَ : أَنا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ ، فَقَالَ : أَنْتَ الَّذِي بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ تَقُولُ الْقُرْآنُ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ مِنْ أَيْنَ قُلْتَ هَذَا ؟ قَالَ أَحْمَدُ : مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَخَبَرِ نَبِيِّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ . قَالَ : وَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سَالِمٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ اللَّهَ كَلَّمَ مُوسَى بِمِائَةِ أَلْفِ كَلِمَةٍ وَعِشْرِينَ أَلْفِ كَلِمَةٍ وَثَلَاثِمِائَةِ كَلِمَةٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ كَلِمَةً فَكَانَ الْكَلَامُ مِنَ اللَّهِ وَالِاسْتِمَاعُ مِنْ مُوسَى ، فَقَالَ مُوسَى : أَيْ رَبِّ أَنْتَ الَّذِي تُكَلِّمُنِي أَمْ غَيْرُكَ ؟ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : يَا مُوسَى أَنَا أُكَلِّمُكَ ، لَا رَسُولٌ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَالَ : كَذَبْتَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ أَحْمَدُ : فَإِنْ يَكُ هَذَا كَذِبًا مِنِّي عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {{ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ }} فَإِنْ يَكُنِ الْقَوْلُ مِنْ غَيْرِ اللَّهِ فَهُوَ مَخْلُوقٌ ، وَإِنْ كَانَ مَخْلُوقًا فَقَدِ ادَّعَى حَرَكَةً لَا يُطِيقُ فِعْلَهَا فَالْتَفَتَ إِلَى أَحْمَدَ وَابْنِ الزَّيَّاتِ فَقَالَ : نَاظِرُوهُ ، قَالُوا : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتُلْهُ وَدَمُهُ فِي أَعْنَاقِنَا ، قَالَ : فَرَفَعَ يَدَهُ فَلَطَمَ حُرَّ وَجْهِهِ فَخَرَّ مَغْشِيًّا عَلَيْهِ فَتَفَرَّقَ وُجُوهُ قُوَّادِ خُرَاسَانَ وَكَانَ أَبُوهُ مِنْ أَبْنَاءِ قُوَّادِ خُرَاسَانَ ، فَخَافَ الْخَلِيفَةُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْهُمْ فَدَعَا بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَجَعَلَ يرَشُّ عَلَى وَجْهِهِ . فَلَمَّا أَفَاقَ رَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى عَمِّهِ وَهُوَ وَاقِفٌ بَيْنَ يَدَيِ الْخَلِيفَةِ فَقَالَ : يَا عَمِّ لَعَلَّ هَذَا الْمَاءَ الَّذِي يُصَبُّ عَلَى وَجْهِي غَضِبَ صَاحِبُهُ عَلَيْهِ ، فَقَالَ الْخَلِيفَةُ : وَيْحَكُمْ مَا تَرَوْنَ مَا يَهْجُمُ عَلَيَّ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ وَقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، لَا رَفَعْتُ عَنْهُ السَّوْطَ حَتَّى يَقُولَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ . ثُمَّ دَعَا بِجَلَّادٍ يُقَالُ لَهُ أَبُو الدَّنِّ فَقَالَ : فِي كَمْ تَقْتُلُهُ قَالَ : فِي خَمْسَةٍ أَوْ عَشَرَةٍ أَوْ خَمْسَ عَشْرَةَ أَوْ عِشْرِينَ ، فَقَالَ : اقْتُلْهُ فَكُلَّمَا أَسْرَعْتَ كَانَ أَخْفَى لِلْأَمْرِ ، ثُمَّ قَالَ : جَرِّدُوهُ ، قَالَ : فَنُزِعَتْ ثِيَابُهُ ، وَوَقَفَ بَيْنَ الْعَقَابِينَ وَتَقَدَّمَ أَبُو الدَّنِّ - قَطَعَ اللَّهُ يَدَهُ - فَضَرَبَهُ بِضْعَةَ عَشَرَ سَوْطًا فَأَقْبَلَ الدَّمُ مِنْ أَكْتَافِهِ إِلَى الْأَرْضِ ، وَكَانَ أَحْمَدُ ضَعِيفَ الْجِسْمِ ، فَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ إِنْسَانٌ ضَعِيفُ الْجِسْمِ ، فَقَالَ : قَدْ سَمِعْتَ قَوْلِي : وَقَرَابَتِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا رَفَعْتُ السَّوْطَ عَنْهُ حَتَّى يَقُولَ كَمَا أَقُولُ . فَقَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ الْبُشْرَى إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ تَابَ عَنْ مَقَالَتِهِ وَهُوُ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . فَقَالَ أَحْمَدُ : كَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ وَأَنَا أَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ قَدْ قَالَ كَمَا تَقُولُ . فَقَالَ : خَلِّ سَبِيلَهُ . وَارْتَفَعَتْ بِالْبَابِ ، فَقَالَ : اخْرُجْ فَانْظُرْ مَا هَذِهِ الضَّجَّةُ . فَخَرَجَ ثُمَّ دَخَلَ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَأَخْرِجْ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ , فَأُخْرِجَ وَقَدْ وَضَعَ طَيْلَسَانَهُ وَقَمِيصَهُ عَلَى يَدِهِ وَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ وَافَى الْبَابَ ، فَقَالَ النَّاسُ : مَا قُلْتَ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ حَتَّى نَقُولَ ، قَالَ : وَمَا عَسَى أَنْ أَقُولَ اكْتُبُوا يَا أَصْحَابَ الْأَخْبَارِ وَاشْهَدُوا يَا مَعْشَرَ الْعَامَّةِ أَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ مِنْهُ بَدَأَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ . قَالَ : أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ ، وَكُنْتُ أَنْظُرُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَالسَّوْطُ قَدْ أَخَذَ كَتِفَيْهِ وَعَلَيْهِ سَرَاوِيلُ فِيهِ خَيْطٌ فَانْقَطَعَ الْخَيْطُ وَنَزَلَ السَّرَاوِيلُ فَلَحَظْتُهُ وَقَدْ حَرَّكَ شَفَتَيْهِ فَعَادَ السَّرَاوِيلُ كَمَا كَانَ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ : نَعَمْ إِنَّهُ لَمَّا انْقَطَعَ الْخَيْطُ قُلْتُ : اللَّهُمَّ إِلَهِي وَسَيِّدِي وَاقَفْتَنِي هَذَا الْمَوْقِفَ فَلَا تَهْتِكَنِي عَلَى رُءُوسِ الْخَلَائِقِ ، فَعَادَ السَّرَاوِيلُ كَمَا كَانَ . قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نُعَيْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهِمَ أَحْمَدُ بْنُ الْفَرَجِ فِي حَفْظِ إِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ حِينَ ذَكَرَهُ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، وَإِنَّمَا يُحْفَظُ بَعْضُ هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ الضَّحَّاكِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ . ذِكْرُ وُرُودِ كِتَابِ الْمُتَوَكِّلِ بِمِحْنَتِهِ أَوَّلًا ، ثُمَّ تَجَاوُزِهِ لَهُ وَإِعَادَتِهِ إِلَى الْعَسْكَرِ ثَانِيًا