Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/production/pages/hadith.php on line 215

Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchive/public_html/production/pages/hadith.php on line 215
أرشيف الإسلام - موسوعة الحديث - حديث () - حلية الأولياء وطبقات الأصفياء حديث رقم: 7808
  • 464
  • قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ : إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِوَادِي الْقِيَامَةِ ، يَعْنِي الصَّخْرَةَ ، وَهُوَ عَشِيَّةُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الْعَصْرِ فَإِذَا هُوَ بِجُمْجُمَةٍ بَيْضَاءَ نَخِرَةٍ قَدْ مَاتَ صَاحِبُهَا مُنْذُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً فَوَقَفَ عَلَيْهَا مُتَعَجِّبًا مِنْهَا ، وَقَالَ : يَا رَبِّ ائْذَنْ لِهَذِهِ الْجُمْجُمَةِ أَنْ تُكَلِّمَنِيَ بِلِسَانِ حَيٍّ وَتُخْبِرَنِي مَاذَا لَقِيَتْ مِنَ الْعَذَابِ وَكَمْ أَتَى عَلَيْهَا مُنْذُ مَاتَتْ وَمَاذَا عَايَنَتْ وَبِأَيِّ مِيتَةٍ مَاتَتْ ، وَمَاذَا كَانَتْ تَعْبُدُ ، قَالَ : فَأَتَاهُ نِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ : يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ سَلْهَا فَإِنَّهَا سَتُخْبِرُكَ فَصَلَّى عِيسَى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ دَنَا مِنْهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَقَالَ عِيسَى : بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ فَقَالَتِ الْجُمْجُمَةُ خَيْرُ الْأَسْمَاءِ دَعَوْتَ وَبِالذِّكْرِ اسْتَعَنْتَ ، فَقَالَ عِيسَى : أَيَّتُهَا الْجُمْجُمَةُ النَّخِرَةُ ، قَالَتْ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ : كَمْ أَتَى عَلَيْكِ مُنْذُ مِتِّ ؟ قَالَتْ : لَا نَفْسٌ تَعُدُّ الْحَيَاةَ وَلَا رُوحٌ تُحْصِي السِّنِينَ ، فَأَتَاهُ نِدَاءٌ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ مُنْذُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً ، فَسَأَلَهَا قَالَ : فَبِمَاذَا مِتِّ ؟ قَالَتْ : كُنْتُ جَالِسًا ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أَتَانِي مِثْلُ السَّهْمِ مِنَ السَّمَاءِ فَدَخَلَ جَوْفِي مِثْلُ الْحَرِيقِ وَكَانَ مَثَلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ دَخَلَ الْحَمَّامَ فَأَصَابَهُ حَرُّهُ فَهُوَ يَلْتَمِسُ الْخُرُوجَ مَخَافَةً عَلَى نَفْسِهِ أَنْ تَهْلِكَ ، قَالَ : فَأَتَانِي مَلَكُ الْمَوْتِ وَمَعَهُ أَعْوَانُهُ وَوجُوهُهُمْ مِثْلُ وُجُوهِ الْكِلَابِ بَادِيَةٌ أَنْيَابُهُمْ زُرْقٌ أَعْينُهُمْ كَلَهَبَانِ النَّارِ ، بِأَيْدِيهِمُ الْمَقَامِعُ يَضْرِبُونَ وَجْهِي وَدُبُرِي ، فَانْتَزَعُوا رُوحِي فَكَشَطُوهَا عَنِّي ثُمَّ وَضَعَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى جَمْرَةٍ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ ثُمَّ لَفَّهُ فِي قِطْعَةِ مَسْحٍ مِنْ مُسُوحِ جَهَنَّمَ ، فَرَفَعُوا رُوحِي إِلَى السَّمَاءِ فَمَنَعَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَنْ يَدْخُلُوا وَأُغْلِقَتِ الْأَبْوَابُ دُونَهُ ، فَأَتَانِي نِدَاءٌ : أَنْ رُدُّوا هَذِهِ النَّفْسَ الْخَاطِئَةَ إِلَى مَثْوَاهَا وَمَأْوَاهَا . فَقَالَ لَهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : فَأَيُّ شَيْءٍ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكِ ظُلْمَةُ الْقَبْرِ وَضِيقُهُ أَمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ؟ فَقَالَتْ : يَا رُوحَ اللَّهِ إِذَا انْتُزِعَ الرُّوحُ مِنَ الْجَسَدِ فَلَيْسَ فِي الْعَيْنِ نُورٌ يَعْرِفُ الظُّلْمَةَ وَالضَّوْءَ ، وَلَيْسَ لِلْقَلْبِ عَقْلٌ فَيَعْرِفَ الضِّيقَ وَالسَّعَةَ ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكَ أَنَّهُ لَمَّا رُدَّ رُوحِي فَاحْتُمِلْتُ إِلَى الْقَبْرِ دَخَلَ عَلَيَّ مَلَكَانِ عَظِيمَانِ لَا يُوصِفَانِ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَأَقْعَدَانِي فَضَرَبَانِي ضَرْبَةُ ظَنَنْتُ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَقَعْنَ عَلَى الْأَرْضِ وَدَفَعَا إِلَيَّ لَوْحًا وَقَالَا لِي : اكْتُبْ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْتَهُ قَالَ : فَكَتَبْتُهُ فَلَمَّا كَتَبْتُ الْكِتَابَ فَتَحُوا لِي بَابًا إِلَى جَهَنَّمَ ، فَجَاءَتْ نَارٌ فَامْتَلَأَ قَبْرِي وَأَقْبَلَتْ حَيَّاتٌ كَأَمْثَالِ الذِّئَابِ أَعَنَاقُهُنَّ كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَنَهَشُوا لَحْمِي وَرَضُّوا عَظْمِي ، فَدَخَلَ عَلَيَّ مَلَكٌ بِيَدِهِ مِقْمَعَةٌ فِي رَأْسِ الْمِقْمَعَةِ ثُعْبَانٌ لَا يُوصَفُ وَفِي أَصْلِهِ عَقَارِبُ سُودٌ كَأَمْثَالِ الْبِغَالِ الدُّهْمِ عَلَى تِلْكَ الْمِقْمَعَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ غُصْنًا عَلَى كُلِّ غُصْنٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَوْنًا مِنْ نَارٍ فَضَرَبُونِي بِهَا فَاشْتَعَلَ النِّيرَانُ فِي جَسَدِي وَأَقْبَلَ إِلَيَّ الثُّعْبَانُ وَالْعَقَارِبُ إِذْ أَتَانِي نِدَاءٌ فَقَالَ : عَلَيَّ بِهَذِهِ النَّفْسِ الْخَاطِئَةِ فَتَعَلَّقَ بِي مَلَائِكَةٌ لَا تُوصَفُ صِفَةُ أَلْوَانِهِمْ غَيْرَ أَنَّ أَنْيَابِهِمْ كَالصَّيَاصِي وَأَعْيُنُهُمْ كَالْبَرْقِ وَأَصَابِعُهُمْ كَالْقُرُونِ فَانْتَهَوْا بِي إِلَى مَلَكٍ قَاعِدٍ عَلَى كُرْسِيٍّ لَهُ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهَذِهِ النَّفْسِ الظَّالِمَةِ إِلَى جَهَنَّمَ مَثْوَاهَا فَانْطَلَقَ بِي حَتَّى انْتَهَوْا بِي إِلَى أَوَّلِ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ فَإِذَا أَنَا بِوَلْجَةٍ ضَيِّقَةٍ وَرِيحِ شَدِيدَةٍ ، وَإِذَا أَنا بِأَصْوَاتِ الرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَقَوَاصِفَ شَدِيدَةٍ وَنَارٍ لَيْسَتْ كَنَارِكُمْ هَذِهِ وَهِيَ نَارٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ يَضْعُفُ حَرُّهَا عَلَى حَرِّ نَارِكُمْ هَذِهِ سِتِّينَ جُزْءًا ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى الْبَابِ الثَّانِي ، فَإِذَا نَارٌ تَأْكُلُ النَّارَ الْأُولَى وَهَى أَشَدُّ مِنْهَا حَرًّا سِتِّينَ ضِعْفًا ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْبَابَ الثَّالِثَ فَإِذَا أَنا بِنَارٍ هِيَ أَشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ سِتِّينَ جُزْءًا ، وَهِيَ تَأْكُلُ النَّارَ الثَّانِيَةَ وَالْحِجَارَةَ ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْبَابَ الرَّابِعَ فَإِذَا أَنَا بِنَارٍ تَأْكُلُ النَّارَ الثَّالِثَةَ وَهِيَ أَشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ الثَّالِثَةِ سِتِّينَ ضِعْفًا ، فَإِذَا أَنَا بِشَجَرَةٍ يَتَسَاقَطُ مِنْهَا حِجَارَةٌ سُودٌ حُرُوفُهَا نَارٌ ، وَإِذَا قَوْمٌ كُلِّفُوا أَكْلَ تِلْكَ الْحِجَارَةِ فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلَاءِ . قَالَ : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا وَعُدْوَانًا ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى الْبَابِ الْخَامِسِ فَإِذَا أَنَا بِنَارٍ وَظُلْمَةٍ وَإِذَا تِلْكَ النَّارُ أَشَدُّ حَرًّا مِنَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا سِتِّينَ جُزْءًا ، وَإِذَا أَنَا فِيهَا بِشَجَرَةٍ عَلَيْهَا أَمْثَالُ رُءُوسِ الشَّيَاطِينَ فِيهَا دِيدَانُ طُوَالٌ طُولُ الدُّودَةِ مِنْهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ سُودٍ وَإِذَا رِجَالٌ كُلِّفُوا أَكْلَهَا قُلْتُ : مَا هَذِهِ . قَالُوا : شَجَرَةُ الزَّقُّومِ قُلْتُ : فَمَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالُوا : أَكَلَةُ الرِّبَا ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى الْبَابِ السَّادِسِ فَإِذَا أَنَا بِنَارٍ تَضْعُفُ عَلَى مَا رَأَيْتُ سِتِّينَ ضِعْفًا وَظُلْمَةً وَإِذَا فِيهَا بِئْرٌ لَا يُعْرَفُ قَعْرُهَا وَإِذَا فِيهَا قَوْمٌ يَسِيلُ مِنْ وُجُوهَهِمُ الصَّدِيدُ لَوْ وَقَعَتْ مِنْهَا قَطْرَةٌ عَلَى الْأَرْضِ لَمَلَأَتْ أَهْلَ الْأَرْضِ نَتْنًا وَإِذَا فِيهَا رِيَاحٌ يَغْلِبُ بَرْدُهَا حَرَّ النَّارِ قُلْتُ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : الزَّمْهَرِيرُ ، قُلْتُ : مَنْ هَؤُلَاءِ . قَالُوا : الزُّنَاةُ ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى رَجُلٍ قَاعِدٍ عَلَى كُرْسِيٍّ لَهُ فِي النَّارِ وَحَوْلَهُ مَلَائِكَةٌ قِيَامٌ بِأَيْدِيهِمْ مَقَامِعُ مِنْ نَارٍ فَقَالَ : مَا كَانَتْ تَعْبُدُ هَذِهِ . قَالُوا : كَانَتْ تَعْبُدُ ثَوْرًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ؟ قَالَ : انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى أَصْحَابِهِ ، قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ الثَّوْرَ ؟ قَالَتْ : كُنَّا نَعْبُدُ ثَوْرًا نَسْجُدُ لَهُ وَنُطْعِمُهُ الْحِمَّصَ وَنَسْقِيهِ الْعَسَلَ الْمُصَفَّى ، قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : فَمَنْ كَانَ نَبِيُّكُمْ ؟ قَالَتْ : إِلْيَاسُ ، قَالَتْ : فَانْطَلَقُوا بِي حَتَّى أُدْخِلْتُ الْبَابَ السَّابِعَ ، فَإِذَا فِيهِ ثَلَاثُمِائَةِ سُرَادِقٍ مِنْ نَارٍ كُلُّ سُرَادِقٍ ثَلَاثُمِائَةِ قَصْرٍ مِنْ نَارٍ فِي كُلِّ قَصْرٍ ثَلَاثُمِائَةِ دَارٍ مِنْ نَارٍ فِي كُلِّ دَارٍ ثَلَاثُمِائَةِ بَيْتٍ مِنْ نَارٍ فِي كُلِّ بَيْتٍ ثَلَاثُمِائَةِ لَوْنٍ مِنَ الْعَذَابِ فِيهَا الْحَيَّاتُ وَالْعَقَارِبُ وَالْأَفَاعِي فَأُلْقِيتُ فِيهَا مَغْلُولًا مَعَ أَصْحَابِي تَحْرِقُنَا النَّارُ وَتَأْكُلُ بُطُونَنَا الْأَفَاعِي وَتَنْهَشُنَا الْحَيَّاتُ وَتَضْرِبُنَا الْمَلَائِكَةُ بِالْمَقَامِعِ ، فَإِنَّا مُنْذُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً فِي الْعَذَابِ لَا يُخَفَّفُ عَنِّي طَرْفَةَ عَيْنٍ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَفِّفُ عَنَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَنَعْلَمُ الْجُمُعَةَ وَالْخَمِيسَ بِالتَّخْفِيفِ عَنَّا ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكُ إِذْ أَتَانِي نِدَاءٌ : أَنْ أَخْرِجُوا هَذِهِ النَّفْسَ الْخَبِيثَةَ إِلَى جُمْجُمَتِهَا الْمُلْقَاةِ بِوَادِي الْقِيَامَةِ فَإِنَّ رُوحَ اللَّهِ قَدْ شَفَعَ لَهَا فَأُخْرِجَتْ فَأَسْأَلُكَ يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ أَنْ تَسْأَلَ رَبَّكَ أَنْ يَعْفُوَ عَنِّي وَأَنْ يُشَفِّعَكَ فِيَّ ، قَالَ : فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَدَعَا رَبَّهُ تَعَالَى فَقَالَ : يَا إِلَهِي وَخَالِقِي ابْعَثْ لِي هَذِهِ النَّفْسَ الْخَاطِئَةَ ، قَالَ : فَبَعَثَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ تَزَلْ مَعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى رُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ

    حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السِّنْدِيِّ ، ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلَّوَيْهِ الْقَطَّانُ ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى الْعَطَّارُ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ أَبُو حُذَيْفَةَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَصْرِيُّ ، وَعَامِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، شَيْخٌ مِنْ أَهْلِ نَهْرِ تِيرِي يَرْفَعَانِهِ إِلَى كَعْبٍ قَالَا : قَالَ كَعْبُ الْأَحْبَارِ : إِنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ مَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ بِوَادِي الْقِيَامَةِ ، يَعْنِي الصَّخْرَةَ ، وَهُوَ عَشِيَّةُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ عِنْدَ الْعَصْرِ فَإِذَا هُوَ بِجُمْجُمَةٍ بَيْضَاءَ نَخِرَةٍ قَدْ مَاتَ صَاحِبُهَا مُنْذُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً فَوَقَفَ عَلَيْهَا مُتَعَجِّبًا مِنْهَا ، وَقَالَ : يَا رَبِّ ائْذَنْ لِهَذِهِ الْجُمْجُمَةِ أَنْ تُكَلِّمَنِيَ بِلِسَانِ حَيٍّ وَتُخْبِرَنِي مَاذَا لَقِيَتْ مِنَ الْعَذَابِ وَكَمْ أَتَى عَلَيْهَا مُنْذُ مَاتَتْ وَمَاذَا عَايَنَتْ وَبِأَيِّ مِيتَةٍ مَاتَتْ ، وَمَاذَا كَانَتْ تَعْبُدُ ، قَالَ : فَأَتَاهُ نِدَاءٌ مِنَ السَّمَاءِ فَقَالَ : يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ سَلْهَا فَإِنَّهَا سَتُخْبِرُكَ فَصَلَّى عِيسَى رَكْعَتَيْنِ ، ثُمَّ دَنَا مِنْهَا فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهَا فَقَالَ عِيسَى : بِسْمِ اللَّهِ وَبِاللَّهِ فَقَالَتِ الْجُمْجُمَةُ خَيْرُ الْأَسْمَاءِ دَعَوْتَ وَبِالذِّكْرِ اسْتَعَنْتَ ، فَقَالَ عِيسَى : أَيَّتُهَا الْجُمْجُمَةُ النَّخِرَةُ ، قَالَتْ : لَبَّيْكَ وَسَعْدَيْكَ سَلْنِي عَمَّا بَدَا لَكَ قَالَ : كَمْ أَتَى عَلَيْكِ مُنْذُ مِتِّ ؟ قَالَتْ : لَا نَفْسٌ تَعُدُّ الْحَيَاةَ وَلَا رُوحٌ تُحْصِي السِّنِينَ ، فَأَتَاهُ نِدَاءٌ أَنَّهَا قَدْ مَاتَتْ مُنْذُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً ، فَسَأَلَهَا قَالَ : فَبِمَاذَا مِتِّ ؟ قَالَتْ : كُنْتُ جَالِسًا ذَاتَ يَوْمٍ إِذْ أَتَانِي مِثْلُ السَّهْمِ مِنَ السَّمَاءِ فَدَخَلَ جَوْفِي مِثْلُ الْحَرِيقِ وَكَانَ مَثَلِي كَمَثَلِ رَجُلٍ دَخَلَ الْحَمَّامَ فَأَصَابَهُ حَرُّهُ فَهُوَ يَلْتَمِسُ الْخُرُوجَ مَخَافَةً عَلَى نَفْسِهِ أَنْ تَهْلِكَ ، قَالَ : فَأَتَانِي مَلَكُ الْمَوْتِ وَمَعَهُ أَعْوَانُهُ وَوجُوهُهُمْ مِثْلُ وُجُوهِ الْكِلَابِ بَادِيَةٌ أَنْيَابُهُمْ زُرْقٌ أَعْينُهُمْ كَلَهَبَانِ النَّارِ ، بِأَيْدِيهِمُ الْمَقَامِعُ يَضْرِبُونَ وَجْهِي وَدُبُرِي ، فَانْتَزَعُوا رُوحِي فَكَشَطُوهَا عَنِّي ثُمَّ وَضَعَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَى جَمْرَةٍ مِنْ جَمْرِ جَهَنَّمَ ثُمَّ لَفَّهُ فِي قِطْعَةِ مَسْحٍ مِنْ مُسُوحِ جَهَنَّمَ ، فَرَفَعُوا رُوحِي إِلَى السَّمَاءِ فَمَنَعَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَنْ يَدْخُلُوا وَأُغْلِقَتِ الْأَبْوَابُ دُونَهُ ، فَأَتَانِي نِدَاءٌ : أَنْ رُدُّوا هَذِهِ النَّفْسَ الْخَاطِئَةَ إِلَى مَثْوَاهَا وَمَأْوَاهَا . فَقَالَ لَهَا عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : فَأَيُّ شَيْءٍ كَانَ أَشَدَّ عَلَيْكِ ظُلْمَةُ الْقَبْرِ وَضِيقُهُ أَمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ ؟ فَقَالَتْ : يَا رُوحَ اللَّهِ إِذَا انْتُزِعَ الرُّوحُ مِنَ الْجَسَدِ فَلَيْسَ فِي الْعَيْنِ نُورٌ يَعْرِفُ الظُّلْمَةَ وَالضَّوْءَ ، وَلَيْسَ لِلْقَلْبِ عَقْلٌ فَيَعْرِفَ الضِّيقَ وَالسَّعَةَ ، وَلَكِنْ أُخْبِرُكَ أَنَّهُ لَمَّا رُدَّ رُوحِي فَاحْتُمِلْتُ إِلَى الْقَبْرِ دَخَلَ عَلَيَّ مَلَكَانِ عَظِيمَانِ لَا يُوصِفَانِ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِقْمَعَةٌ مِنْ حَدِيدٍ فَأَقْعَدَانِي فَضَرَبَانِي ضَرْبَةُ ظَنَنْتُ أَنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَقَعْنَ عَلَى الْأَرْضِ وَدَفَعَا إِلَيَّ لَوْحًا وَقَالَا لِي : اكْتُبْ كُلَّ عَمَلٍ عَمِلْتَهُ قَالَ : فَكَتَبْتُهُ فَلَمَّا كَتَبْتُ الْكِتَابَ فَتَحُوا لِي بَابًا إِلَى جَهَنَّمَ ، فَجَاءَتْ نَارٌ فَامْتَلَأَ قَبْرِي وَأَقْبَلَتْ حَيَّاتٌ كَأَمْثَالِ الذِّئَابِ أَعَنَاقُهُنَّ كَأَعْنَاقِ الْبُخْتِ فَنَهَشُوا لَحْمِي وَرَضُّوا عَظْمِي ، فَدَخَلَ عَلَيَّ مَلَكٌ بِيَدِهِ مِقْمَعَةٌ فِي رَأْسِ الْمِقْمَعَةِ ثُعْبَانٌ لَا يُوصَفُ وَفِي أَصْلِهِ عَقَارِبُ سُودٌ كَأَمْثَالِ الْبِغَالِ الدُّهْمِ عَلَى تِلْكَ الْمِقْمَعَةِ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ غُصْنًا عَلَى كُلِّ غُصْنٍ ثَلَاثُمِائَةٍ وَسِتُّونَ لَوْنًا مِنْ نَارٍ فَضَرَبُونِي بِهَا فَاشْتَعَلَ النِّيرَانُ فِي جَسَدِي وَأَقْبَلَ إِلَيَّ الثُّعْبَانُ وَالْعَقَارِبُ إِذْ أَتَانِي نِدَاءٌ فَقَالَ : عَلَيَّ بِهَذِهِ النَّفْسِ الْخَاطِئَةِ فَتَعَلَّقَ بِي مَلَائِكَةٌ لَا تُوصَفُ صِفَةُ أَلْوَانِهِمْ غَيْرَ أَنَّ أَنْيَابِهِمْ كَالصَّيَاصِي وَأَعْيُنُهُمْ كَالْبَرْقِ وَأَصَابِعُهُمْ كَالْقُرُونِ فَانْتَهَوْا بِي إِلَى مَلَكٍ قَاعِدٍ عَلَى كُرْسِيٍّ لَهُ فَقَالَ : اذْهَبُوا بِهَذِهِ النَّفْسِ الظَّالِمَةِ إِلَى جَهَنَّمَ مَثْوَاهَا فَانْطَلَقَ بِي حَتَّى انْتَهَوْا بِي إِلَى أَوَّلِ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ جَهَنَّمَ فَإِذَا أَنَا بِوَلْجَةٍ ضَيِّقَةٍ وَرِيحِ شَدِيدَةٍ ، وَإِذَا أَنا بِأَصْوَاتِ الرَّعْدِ الْقَاصِفِ وَقَوَاصِفَ شَدِيدَةٍ وَنَارٍ لَيْسَتْ كَنَارِكُمْ هَذِهِ وَهِيَ نَارٌ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ يَضْعُفُ حَرُّهَا عَلَى حَرِّ نَارِكُمْ هَذِهِ سِتِّينَ جُزْءًا ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى الْبَابِ الثَّانِي ، فَإِذَا نَارٌ تَأْكُلُ النَّارَ الْأُولَى وَهَى أَشَدُّ مِنْهَا حَرًّا سِتِّينَ ضِعْفًا ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْبَابَ الثَّالِثَ فَإِذَا أَنا بِنَارٍ هِيَ أَشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ سِتِّينَ جُزْءًا ، وَهِيَ تَأْكُلُ النَّارَ الثَّانِيَةَ وَالْحِجَارَةَ ، ثُمَّ أُدْخِلْتُ الْبَابَ الرَّابِعَ فَإِذَا أَنَا بِنَارٍ تَأْكُلُ النَّارَ الثَّالِثَةَ وَهِيَ أَشَدُّ حَرًّا مِنَ النَّارِ الثَّالِثَةِ سِتِّينَ ضِعْفًا ، فَإِذَا أَنَا بِشَجَرَةٍ يَتَسَاقَطُ مِنْهَا حِجَارَةٌ سُودٌ حُرُوفُهَا نَارٌ ، وَإِذَا قَوْمٌ كُلِّفُوا أَكْلَ تِلْكَ الْحِجَارَةِ فَقُلْتُ : مَنْ هَؤُلَاءِ . قَالَ : الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا وَعُدْوَانًا ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى الْبَابِ الْخَامِسِ فَإِذَا أَنَا بِنَارٍ وَظُلْمَةٍ وَإِذَا تِلْكَ النَّارُ أَشَدُّ حَرًّا مِنَ الْأَبْوَابِ كُلِّهَا سِتِّينَ جُزْءًا ، وَإِذَا أَنَا فِيهَا بِشَجَرَةٍ عَلَيْهَا أَمْثَالُ رُءُوسِ الشَّيَاطِينَ فِيهَا دِيدَانُ طُوَالٌ طُولُ الدُّودَةِ مِنْهَا مِائَةُ ذِرَاعٍ سُودٍ وَإِذَا رِجَالٌ كُلِّفُوا أَكْلَهَا قُلْتُ : مَا هَذِهِ . قَالُوا : شَجَرَةُ الزَّقُّومِ قُلْتُ : فَمَنْ هَؤُلَاءِ ؟ قَالُوا : أَكَلَةُ الرِّبَا ، ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى الْبَابِ السَّادِسِ فَإِذَا أَنَا بِنَارٍ تَضْعُفُ عَلَى مَا رَأَيْتُ سِتِّينَ ضِعْفًا وَظُلْمَةً وَإِذَا فِيهَا بِئْرٌ لَا يُعْرَفُ قَعْرُهَا وَإِذَا فِيهَا قَوْمٌ يَسِيلُ مِنْ وُجُوهَهِمُ الصَّدِيدُ لَوْ وَقَعَتْ مِنْهَا قَطْرَةٌ عَلَى الْأَرْضِ لَمَلَأَتْ أَهْلَ الْأَرْضِ نَتْنًا وَإِذَا فِيهَا رِيَاحٌ يَغْلِبُ بَرْدُهَا حَرَّ النَّارِ قُلْتُ : مَا هَذَا ؟ قَالُوا : الزَّمْهَرِيرُ ، قُلْتُ : مَنْ هَؤُلَاءِ . قَالُوا : الزُّنَاةُ ثُمَّ انْطَلَقَ بِي إِلَى رَجُلٍ قَاعِدٍ عَلَى كُرْسِيٍّ لَهُ فِي النَّارِ وَحَوْلَهُ مَلَائِكَةٌ قِيَامٌ بِأَيْدِيهِمْ مَقَامِعُ مِنْ نَارٍ فَقَالَ : مَا كَانَتْ تَعْبُدُ هَذِهِ . قَالُوا : كَانَتْ تَعْبُدُ ثَوْرًا مِنْ دُونِ اللَّهِ ؟ قَالَ : انْطَلِقُوا بِهِ إِلَى أَصْحَابِهِ ، قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : فَكَيْفَ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ الثَّوْرَ ؟ قَالَتْ : كُنَّا نَعْبُدُ ثَوْرًا نَسْجُدُ لَهُ وَنُطْعِمُهُ الْحِمَّصَ وَنَسْقِيهِ الْعَسَلَ الْمُصَفَّى ، قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : فَمَنْ كَانَ نَبِيُّكُمْ ؟ قَالَتْ : إِلْيَاسُ ، قَالَتْ : فَانْطَلَقُوا بِي حَتَّى أُدْخِلْتُ الْبَابَ السَّابِعَ ، فَإِذَا فِيهِ ثَلَاثُمِائَةِ سُرَادِقٍ مِنْ نَارٍ كُلُّ سُرَادِقٍ ثَلَاثُمِائَةِ قَصْرٍ مِنْ نَارٍ فِي كُلِّ قَصْرٍ ثَلَاثُمِائَةِ دَارٍ مِنْ نَارٍ فِي كُلِّ دَارٍ ثَلَاثُمِائَةِ بَيْتٍ مِنْ نَارٍ فِي كُلِّ بَيْتٍ ثَلَاثُمِائَةِ لَوْنٍ مِنَ الْعَذَابِ فِيهَا الْحَيَّاتُ وَالْعَقَارِبُ وَالْأَفَاعِي فَأُلْقِيتُ فِيهَا مَغْلُولًا مَعَ أَصْحَابِي تَحْرِقُنَا النَّارُ وَتَأْكُلُ بُطُونَنَا الْأَفَاعِي وَتَنْهَشُنَا الْحَيَّاتُ وَتَضْرِبُنَا الْمَلَائِكَةُ بِالْمَقَامِعِ ، فَإِنَّا مُنْذُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ سَنَةً فِي الْعَذَابِ لَا يُخَفَّفُ عَنِّي طَرْفَةَ عَيْنٍ إِلَّا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُخَفِّفُ عَنَّا يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيَوْمَ الْخَمِيسِ فَنَعْلَمُ الْجُمُعَةَ وَالْخَمِيسَ بِالتَّخْفِيفِ عَنَّا ، فَبَيْنَا أَنَا كَذَلِكُ إِذْ أَتَانِي نِدَاءٌ : أَنْ أَخْرِجُوا هَذِهِ النَّفْسَ الْخَبِيثَةَ إِلَى جُمْجُمَتِهَا الْمُلْقَاةِ بِوَادِي الْقِيَامَةِ فَإِنَّ رُوحَ اللَّهِ قَدْ شَفَعَ لَهَا فَأُخْرِجَتْ فَأَسْأَلُكَ يَا رُوحَ اللَّهِ وَكَلِمَتَهُ أَنْ تَسْأَلَ رَبَّكَ أَنْ يَعْفُوَ عَنِّي وَأَنْ يُشَفِّعَكَ فِيَّ ، قَالَ : فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ فَدَعَا رَبَّهُ تَعَالَى فَقَالَ : يَا إِلَهِي وَخَالِقِي ابْعَثْ لِي هَذِهِ النَّفْسَ الْخَاطِئَةَ ، قَالَ : فَبَعَثَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمْ تَزَلْ مَعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى رُفِعَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ قَبَضَهُ اللَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ

    لبيك: التلبية : أصل التلبية الإقامة بالمكان ، وإجابة المنادي ، ولبيك أي إجابة لك بعد إجابة والتلبية أيضا قول المرء: لبيك اللهم لبيك
    وسعديك: سعديك : تقال في الدعاء والمراد إسعاد لك بعد إسعاد
    الحمام: الحمام : ما يغتسل فيه
    بادية: بدا : وضح وظهر
    مسح: المسح : قطعة من الصوف الغليظ
    مقمعة: المقمع : سِياط تعمل من حديد، رُؤوسها مُعْوَجَّة
    البخت: البُخْتِية : الأنثى من الجِمال البُخْت، والذكر بُخْتِيٌّ، وهي جِمال طِوَال الأعناق
    مقامع: المقامع : سياط من حديد أو مطارق
    مغلولا: المغلول : الذي وضع فيه الغُل : وهو طوق من حديد أو جلد يجعل في عنق الأسير أو المجرم أو في أيديهما
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات