عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ يُعِزُّ بِهِ الْإِسْلَامَ ، وَبِذُلِّ ذَلِيلٍ يَذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ "
ـ مَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ جَمِيعًا قَالَا : حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، أَخْبَرَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ الْكَلَاعِيُّ ، عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ ، بِعِزِّ عَزِيزٍ يُعِزُّ بِهِ الْإِسْلَامَ ، وَبِذُلِّ ذَلِيلٍ يَذِلُّ بِهِ الْكُفْرَ قَالَ : وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ ، حَتَّى يَعْمُرَ اللَّهُ الْأَرْضَ كُلَّهَا ، بِغَيْرِ انْقِطَاعٍ مِنْهُ دُونِ ذَلِكَ . فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ فِي حَدِيثِ تَمِيمٍ عُمُومَ الْأَرْضِ كُلِّهَا ، حَتَّى لَا يَبْقَى بَيْتٌ إِلَّا دَخَلَهُ ، إِمَّا بِالْعِزِّ الَّذِي ذَكَرَهُ ، أَوْ بِالذُّلِّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ ، وَيَكُونُ الْمُنْتَهَى الَّذِي ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ كُرْزِ بْنِ عَلْقَمَةَ ، هُوَ الْمُنْتَهَى بِهِ إِلَى النَّاسِ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ بِهِ ، وَيَدْخُلُونَ فِيهِ ، وَيَكُونُونَ مِنْ أَهْلِهِ ، ثُمَّ تَأْتِي الْفِتَنُ ، فَتَشْغَلُ مَنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَشْغَلُهُ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مِنَ التَّمَسُّكِ بِالْإِسْلَامِ ، فَيَكُونُ مَا فِي حَدِيثِ تَمِيمٍ عَلَى عُمُومِهِ بِالْمُسَاوَاةِ . وَمَا فِي حَدِيثِ كُرْزٍ عَلَى انْقِطَاعِهِ عَنْ بَعْضِ النَّاسِ بِالتَّشَاغُلِ بِالْفِتْنَةِ بَعْدَ دُخُولِهِ كَانَ فِيمَنْ عَمَّتْهُ ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ فِي الْأَرْضِ الَّتِي يَبْلُغُهَا اللَّيْلُ . فَهَذَا أَحْسَنُ مَا حَضَرَنَا فِي تَأْوِيلِ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ ، وَفِي الْتِئَامِ مَعْنَاهُمَا ، وَفِي انْتِفَاءِ التَّضَادِ عَنْهُمَا ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الْأَمْرِ فِي ذَلِكَ ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ .