عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : " نَهَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ ، وَالذَّهَبَ بِالذَّهَبِ ، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَبِيعَ الذَّهَبَ فِي الْفِضَّةِ ، وَالْفِضَّةَ فِي الذَّهَبِ ، كَيْفَ شِئْنَا "
وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ ، أَخْبَرَنَا عَبَّادٌ يَعْنِي ابْنَ الْعَوَّامِ ، وَعَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُخْتَارِ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : نَهَانَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَ الْفِضَّةَ بِالْفِضَّةِ ، وَالذَّهَبَ بِالذَّهَبِ ، إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَأَمَرَنَا أَنْ نَبِيعَ الذَّهَبَ فِي الْفِضَّةِ ، وَالْفِضَّةَ فِي الذَّهَبِ ، كَيْفَ شِئْنَا وَفِي هَذَا الْبَابِ آثَارٌ كَثِيرَةٌ اكْتَفَيْنَا مِنْهَا بِالَّذِي جِئْنَا بِهِ مِنْهَا ، فَكَانَ فِي هَذِهِ الْآثَارِ إِبَاحَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَيْعَ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ مِثْلًا بِمِثْلٍ ، وَقَدْ يَكُونُ الذَّهَبُ يَتَفَاضَلُ ، فَيَكُونُ أَحَدُهُمَا أَعْلَى مِنَ الْآخَرِ يُبَاعَانِ بِدِينَارَيْنِ مُسْتَوِيَيْنِ ، فَظَاهِرُ آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تُطْلِقُ ذَلِكَ ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ مِمَّا يَخْتَلِفُ لِاخْتِلَافِ الدِّينَارَيْنِ اللَّذَيْنِ ذَكَرْنَا ، لَبَيَّنَ لِلنَّاسٍ ، حَتَّى يَعْلَمُوا أَنَّهُ أَرَادَ بِمَا أَطْلَقَ غَيْرَهُمَا ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْتِيَ إِلَى مَا أَجْمَلَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِحُكْمٍ وَاحِدٍ ، فَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ تَفْرِيقَ الْأَحْكَامِ ، وَضَرْبَ الْأَمْثَالِ ، وَكَذَلِكَ التَّمْرُ ، فَقَدْ أَبَاحَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ مِثْلًا بِمِثْلٍ يَدًا بِيَدٍ ، وَلَمْ يَخْتَلِفْ فِي ذَلِكَ بَيْنَ تَمْرَيْنِ مُتَفَاضِلَيْنِ بِيعَا بِتَمْرٍ مُتَسَاو . وَقَدْ وَجَدْنَا التَّمْرَ فِي نَفْسِهِ مَوْجُودًا فِيهِ الِاخْتِلَافُ ، وَالتَّبَايُنُ ، حَتَّى تَكُونَ فِيهِ التَّمْرَةُ الْعَالِيَةُ فِي مِقْدَارِهَا ، وَتَكُونُ فِيهِ التَّمْرَةُ الْمُقَصِّرَةَ ، عَنْ ذَلِكَ ، فَإِذَا بِيعَ التَّمْرُ بِمِثْلِهِ مِنَ التَّمْرِ ، فَكَانَ هَذَا مَوْجُودًا فِيهِ ، وَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ الشِّرَاءُ لِتَبَايُنِهِ فِي نَفْسِهِ ، وَلِاخْتِلَافِهِ فِي قِيمَتِهِ ، وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ لَا يُرَاعَى بِقِسْمَةِ الثَّمَنِ عَلَيْهِ ، إِذَا بِيعَ بِجِنْسِهِ ، وَكَانَ الْبَيْعُ فِيهِ جَائِزًا ، دَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ خُولِفَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمَوْزُونَاتِ ، وَبَيْنَ الْأَشْيَاءِ الْمَكِيلَاتِ الْمَبِيعَاتِ بِأَمْثَالِهَا ، فَلَمْ تُسْتَعْمَلْ فِيهَا الْقِيَمُ ، وَاسْتُعْمِلَ فِيهَا التَّسَاوِي فِيمَا هِيَ عَلَيْهِ مِنْ كَيْلٍ ، أَوْ وَزْنٍ ، فَأُجِيزَ بَيْعُ ذَلِكَ ، وَأُبْطِلَ إِذَا كَانَ بِخِلَافِ ذَلِكَ . وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا مَا يَدُلُّ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى