قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ عَلَى أَبِي مَحْذُورَةَ ، فَقَالَ : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ : مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ : مَا فَعَلَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ ؟ قُلْتُ : هُوَ حَيٌّ . قَالَ : مَا عَلَى الْأَرْضِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَطْوَلَ حَيَاةً مِنْهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِي وَلَهُ : " آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ " , وَحَدَّثَنَا مَرَّةً أُخْرَى ، فَقَالَ : قَالَ لِي وَلِحُذَيْفَةَ وَلَهُ : " آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ "
وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْأَصْبَهَانِيِّ ، حَدَّثَنَا شَرِيكٌ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، يُقَالُ لَهُ : حُجْرٌ قَالَ : قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ عَلَى أَبِي مَحْذُورَةَ ، فَقَالَ : مِمَّنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ : مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ قَالَ : مَا فَعَلَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ ؟ قُلْتُ : هُوَ حَيٌّ . قَالَ : مَا عَلَى الْأَرْضِ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيَّ أَطْوَلَ حَيَاةً مِنْهُ ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لِي وَلَهُ : آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ , وَحَدَّثَنَا مَرَّةً أُخْرَى ، فَقَالَ : قَالَ لِي وَلِحُذَيْفَةَ وَلَهُ : آخِرُكُمْ مَوْتًا فِي النَّارِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : وَذَكَرَ الْبُخَارِيُّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ سَعِيدٍ صَاحِبَ هَذَا الْحَدِيثِ بِرِوَايَةِ شَرِيكٍ عَنْهُ ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ . فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ لِطَلَبِ الْوُقُوفِ عَلَى الْمُرَادِ بِهَا ، فَوَجَدْنَا قَوْلَهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا قَدْ ذُكِرَ عَنْهُ فِيهَا لِمَنْ قَالَ لَهُ مِمَّا قَدْ ذُكِرَ فِيهَا مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِالنَّارِ الَّتِي ذَكَرَهَا نَارَ الدُّنْيَا ، فَيَكُونَ ذَلِكَ فَضِيلَةً لِلَّذِي وَقَعَ ذَلِكَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْحَابِهِ ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ بِذَلِكَ مِنَ الْجِنْسِ الَّذِي قَدْ أَخْبَرَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ مِنْ شُهَدَاءِ أُمَّتِهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا . وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ عَلَى نَارِ الْآخِرَةِ ، فَيَكُونَ ذَلِكَ عُقُوبَةً لِلَّذِي وَقَعَ ذَلِكَ الْقَوْلُ عَلَيْهِ مِمَّا كَانَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا ، ثُمَّ رَدَّ اللَّهُ أَمْرَهُ إِلَى مَا يَرُدُّ إِلَيْهِ أُمُورَ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ عِبَادِهِ مِمَّنْ يُدْخِلُهُ النَّارَ ، وَلِهَذَا اهْتَمَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنْهُمْ ، الَّذِينَ كَانَ خَاطَبَهُمْ بِذَلِكَ الْقَوْلِ حِينَ كَانَ بَعْضُهُمْ يَسْأَلُ عَنْ حَيَاةِ مَنْ سِوَاهُ مِنْهُمْ ، وَعَنْ مَوْتِهِ ، لِيَعْلَمَ بِمَا يَقِفُ عَلَيْهِ مِنْ حَقِيقَةِ ذَلِكَ سَلَامَتَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى ، أَوْ وُقُوعَهُ بِهِ ، فَلَمَّا كَانَ آخِرَهُمْ مَوْتًا سَمُرَةُ ، عُلِمَ أَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِمَا فِي تِلْكَ الْآثَارِ إِلَيْهِ ، كَانَ مَوْتُهُ فِي النَّارِ ، لَا أَنَّهُ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ