عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ قِيَامِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ ، فَانْتَهَى إِلَى الْقَوْمِ ، وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ ، فَقَالَ حِينَ انْتَهَى إِلَى الصَّفِّ : الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ : " مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ، أَوِ الْقَائِلُ ، الْكَلِمَاتِ ؟ " ، فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ مِثْلَهَا قَالَ : " مَنْ هُوَ ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا " ، أَوْ قَالَ : " إِلَّا خَيْرًا " ، فَقَالَ الرَّجُلُ : جِئْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ ، وَقَدِ انْبَهَرْتُ أَوْ حَفَزَنِي النَّفَسُ ، فَقُلْتُ الَّذِي قُلْتُ قَالَ : " لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا " ، ثُمَّ قَالَ : " إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَلْيَمْشِ عَلَى هِينَتِهِ ، وَلْيُصَلِّ مَا أَدْرَكَ ، وَلْيَقْضِ مَا سُبِقَ بِهِ "
مَا قَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ : قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَجَاءَ رَجُلٌ بَعْدَ قِيَامِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَأَسْرَعَ الْمَشْيَ ، فَانْتَهَى إِلَى الْقَوْمِ ، وَقَدْ حَفَزَهُ النَّفَسُ ، فَقَالَ حِينَ انْتَهَى إِلَى الصَّفِّ : الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلَاتَهُ قَالَ : مَنِ الْمُتَكَلِّمُ ، أَوِ الْقَائِلُ ، الْكَلِمَاتِ ؟ ، فَسَكَتَ الْقَوْمُ ، فَقَالَ مِثْلَهَا قَالَ : مَنْ هُوَ ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا ، أَوْ قَالَ : إِلَّا خَيْرًا ، فَقَالَ الرَّجُلُ : جِئْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَأَسْرَعْتُ الْمَشْيَ ، وَقَدِ انْبَهَرْتُ أَوْ حَفَزَنِي النَّفَسُ ، فَقُلْتُ الَّذِي قُلْتُ قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ اثْنَيْ عَشَرَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا ، أَيُّهُمْ يَرْفَعُهَا ، ثُمَّ قَالَ : إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلَاةِ ، فَلْيَمْشِ عَلَى هِينَتِهِ ، وَلْيُصَلِّ مَا أَدْرَكَ ، وَلْيَقْضِ مَا سُبِقَ بِهِ قَالَ : فَفِي هَذَا أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ عَلِمَ قَائِلَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ مَنْ هُوَ ؟ حَتَّى اسْتَعْلَمَهُ مِنْ غَيْرِهِ ، وَهَذَا تَضَادٌّ شَدِيدٌ . فَكَانَ جَوَابَنَا لَهُ فِي ذَلِكَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَقُلْ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي بَدَأْنَا بِذِكْرِهِ فِي هَذَا الْبَابِ : إِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِي بِعَيْنَيَّ , وَالرُّؤْيَةُ قَدْ تَكُونُ بِالْعَيْنِ ، وَقَدْ تَكُونُ بِالْعِلْمِ ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى : {{ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ }} ، أَيْ عَلِمْتُمُوهُ ، وَإِنْ كُنْتُمْ لَمْ تُعَايِنُوهُ بِأَعْيُنِكُمْ ، وَمِنْ ذَلِكَ مَا حَكَاهُ عَنْ عَبْدِهِ وَنَبِيِّهِ شُعَيْبٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِنْ قَوْلِهِ لِقَوْمِهِ : {{ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ }} وَشُعَيْبٌ قَدْ كَانَ أَعْمَى ، فَكَانَ ذَلِكَ لَهُ رُؤْيَةَ عِلْمٍ ، فَدَلَّ ذَلِكَ : أَنَّهُ قَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَةُ بِالْعَيْنِ ، وَقَدْ تَكُونُ الرُّؤْيَةُ رُؤْيَةَ عِلْمٍ ، وَكَانَ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَإِنِّي أَرَاكُمْ مِنْ خَلْفِ ظَهْرِي ، أَيْ : لِمَا يُلْقِي اللَّهُ فِي قَلْبِهِ مَا هُمْ عَلَيْهِ فِي صَلَوَاتِهِمْ مِنَ الْخُشُوعِ فِيهَا , وَمَا سِوَاهُ مِمَّا يَكُونُونَ عَلَيْهِ فِيهَا خَلْفَهُ ، فَبَانَ بِحَمْدِ اللَّهِ أَنْ لَا تَضَادَّ فِي شَيْءٍ مِمَّا تَوَهَّمَهُ هَذَا الْمُتَوَهِّمُ أَنَّهُ تَضَادٌّ فِي آثَارِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ