أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ : " أَلَا إِنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ ، وَالْعَصَا ، وَالْحَجَرِ ، فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ ، مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا "
مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ قَالَ : أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جَوْشَنٍ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ السَّدُوسِيِّ ، عَنْ رَجُلٍ ، مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ خَطَبَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ : أَلَا إِنَّ قَتِيلَ خَطَأِ الْعَمْدِ بِالسَّوْطِ ، وَالْعَصَا ، وَالْحَجَرِ ، فِيهِ دِيَةٌ مُغَلَّظَةٌ ، مِائَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ، مِنْهَا أَرْبَعُونَ خَلِفَةً فِي بُطُونِهَا أَوْلَادُهَا وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ حَمْدَوَيْهِ الْبِيكَنْدِيُّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَارِمُ أَبُو النُّعْمَانِ ، وَمُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ ، وَيَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ ، قَالُوا : حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ جَوْشَنٍ ، عَنْ عُقْبَةَ ، أَوْ يَعْقُوبَ السَّدُوسِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّ مُسَدَّدًا ، وَالْحِمَّانِيُّ لَمْ يَشُكَّا ، وَقَالَا فِي حَدِيثَيْهِمَا : عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ رَبِيعَةَ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ أَوْسٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ هَذَا الْقَائِلُ : فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ قَضَى بِالْخَلِفَاتِ فِي الدِّيَةِ ، وَهِيَ الْحَوَامِلُ ، وَلَوْ كَانَ الْحَمْلُ غَيْرَ مَعْرُوفٍ ، وَغَيْرَ مُدْرِكٍ لَمَا قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلَا كَلَّفَهُ أَحَدًا وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْحَمْلَ مَدْرُوكٌ ، وَعَلَى أَنَّ الْحُكْمَ مُسْتَعْمَلٌ فِيهِ قَبْلَ وَضْعِ أُمِّهِ إِيَّاهُ ، كَمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ بَعْدَ وَضْعِهَا إِيَّاهُ ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ جَلَّ وَعَزَّ ، وَعَوْنُهُ : أَنَّهُ لَا حُجَّةَ لَهُ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ مِنْ ذَلِكَ لِمَا احْتَجَّ لَهُ بِهِ ، لِأَنَّ الَّذِي جَعَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ هَذِهِ الْإِبِلِ ، جَعَلَهُ بِظَاهِرِ مَا تِلْكَ الْإِبِلُ عَلَيْهِ ، وَبِمَا يَقَعُ فِي الْقُلُوبِ بِمَا يُشَاهَدُ مِنْهَا أَنَّهَا كَذَلِكَ ، لَا بِتَحْقِيقٍ لِذَلِكَ مِنْهَا ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ : أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ أَنْ تَكُونَ النَّاقَةُ عِنْدَ النَّاسِ حَامِلًا بِمَا يَرْوُنَهُ مِنْهَا ، مِمَّا جَرَتِ الْعَادَةُ بِرَؤْيَتِهِمْ إِيَّاهُ فِي أَمْثَالِهَا ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّهَا غَيْرُ حَامِلٍ ، وَكَذَلِكَ بَنَاتُ آدَمَ ، قَدْ يُرَيْنَ كَذَلِكَ ، ثُمَّ يَتَبَيَّنُ أَنَّ الَّذِي كَانَ يُرَى مِنْهُنَّ غَيْرُ حَمْلٍ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ ، وَجَبَ أَنْ لَا يُلَاعَنَ إِلَّا بِمَا يُوقَفُ عَلَى حَقِيقَتِهِ ، لَا فِيمَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ الظَّنُّ الَّذِي لَا حَقِيقَةَ مَعَهُ ، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا لَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ : إِنْ كَانَتْ أَمَتِي حَامِلًا ؛ فَأَنْتَ حُرٌّ ، وَظَاهِرُ أَمْرِهَا أَنَّهَا حَامِلٌ ، ثُمَّ مَاتَ أَبُو الْعَبْدِ قَبْلَ أَنْ تَضَعَ ، فَجَاءَ يُطَالِبُ بِمِيرَاثِهِ ، أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ لَهُ بِذَلِكَ فِي قَوْلِ جَمِيعِهِمْ ، إِذْ كَانَ مَا ظَهَرَ مِنْ تِلْكَ الْأَمَةِ قَدْ لَا يَكُونُ حَمْلًا ، وَلَا يَكُونُ بِالْقَوْلِ الَّذِي كَانَ مِنْ مَوْلَاهُ عَتِيقًا عَتَاقًا يَسْتَحِقُّ بِهِ مِيرَاثَ أَبِيهِ وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الْمَوَارِيثِ ، كَانَ فِي نَفْيِ الْأَحْمَالِ كَذَلِكَ ، وَكَانَ الَّذِي قَضَى بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنَ الْخَلِفَاتِ ، هُوَ مِنْ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَيْضًا ، أَنْ يُحَقَّقَ بِوَضْعِهِنَّ لَمَّا يَعْلَمُ أَنَّهُنَّ كُنَّ حَوَامِلَ بِهِ يَوْمَ دَفَعَهُنَّ مَنْ كُنَّ عَلَيْهِ إِلَى مَنْ وَجُبْنَ لَهُ ، كَانَ قَدِ اسْتَوْفَى مَا وَجَبَ لَهُ ، وَإِنْ بَانَ أَنَّهُنَّ كُنَّ حِينَئِذٍ بِخِلَافِ ذَلِكَ رَدَّهُنَّ وَطَالِبَ بِحَوَامِلَ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ نَفَى أَنْ يَكُونَ لِهَذَا الْمُحْتَجِّ حُجَّةٌ فِيمَا احْتَجَّ بِهِ ، مِمَّا ذَكَرْنَا لِمَا وَصَفْنَا ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ظَلَمَ مُخَالِفِهِ فِي جَمِيعِ مَا احْتَجَّ بِهِ عَلَيْهِ مِمَّا ذَكَرْنَا ، لِأَنَّ مُخَالِفَهُ يَزْعُمُ أَنَّ النَّفَقَةَ فِي اعْتِدَادِ الْمُطَلَّقَاتِ الْبَوَائِنِ عَلَى مُطَلِّقِيهِنَّ لِلْعِدَّةِ اللَّائِي هُنَّ فِيهَا ، لَا لِأَحْمَالٍ إِنْ كَانَتْ بِهِنَّ ، وَأَنَّ الدِّيَةَ فِي شِبْهِ الْعَمْدِ ، لَا خَلِفَاتِ فِيهَا ، وَإِنَّمَا هِيَ عِنْدَهُمْ مِئَةٌ مِنَ الْإِبِلِ ، مِنْهَا : خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ حِقَّةً ، وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ جَذَعَةً ، وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتُ لَبُونٍ ، وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ بَنَاتُ مَخَاضٍ ، غَيْرَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ ، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ يَقُولُ بِالْخَلِفَاتِ وَفِيمَا احْتَجَجْنَا بِهِ فِي ذَلِكَ مَا يَدْفَعُ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ حُجَّةً فِيمَا احْتَجَّ بِهِ هَذَا الْمُخَالِفُ عَلَيْهِ ، مِمَّا قَدْ ذَكَرْنَا ، وَفِيمَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي هَذِهِ الْأَبْوَابِ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْقَوْلَ الصَّحِيحَ فِي نَفْيِ الْحَمْلِ ، هُوَ مَا قَدْ ذَكَرْنَاهُ فِيهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بِمَا وَافَقَهُ أَبُو يُوسُفَ عَلَيْهِ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ