" صَلَّيْتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ ، فَلَمَّا فَرَغْتُ ، قُمْتُ لِأَتَطَوَّعَ ، فَأَخَذَ بِثَوْبِي ، فَقَالَ : " لَا تَفْعَلْ حَتَّى تَقَدَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ "
كَمَا حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَطَاءِ بْنِ أَبِي الْخُوَارِ ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ جُبَيْرٍ أَرْسَلَهُ إِلَى السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ يَسْأَلُهُ : مَاذَا سَمِعَ مِنَ مُعَاوِيَةَ فِي الصَّلَاةِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ ؟ ، فَقَالَ : صَلَّيْتُ مَعَ مُعَاوِيَةَ الْجُمُعَةَ فِي الْمَقْصُورَةِ ، فَلَمَّا فَرَغْتُ ، قُمْتُ لِأَتَطَوَّعَ ، فَأَخَذَ بِثَوْبِي ، فَقَالَ : لَا تَفْعَلْ حَتَّى تَقَدَّمَ أَوْ تَكَلَّمَ ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَمْرٍو الدِّمَشْقِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْهَبِ هَوْذَةُ بْنُ خَلِيفَةَ الْبَكْرَاوِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ التَّقَدُّمِ وَمِنَ الْكَلَامِ يُبِيحُ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ مَا شَاءَ مِنَ التَّطَوُّعِ فِي الْمَسْجِدِ بِعَقِبِ صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ الَّتِي صَلَّاهَا فِيهِ ، وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ لَا يُطْلِقُ لَهُ ذَلِكَ فِي الْمَسْجِدِ ، وَيُطْلِقُهُ فِي بَيْتِهِ بَعْدَ انْصِرَافِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ إِلَيْهِ ، فَكَانَ تَصْحِيحُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ الَّذِي حَظَرَهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ هُوَ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ بِرَكْعَتَيْنِ هُمَا شَكْلٌ لِلْجُمُعَةِ فِي عَدَدِهَا ، وَأُرِيدَ مِنْ مُصَلِّي الْجُمُعَةِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِيمَا سِوَى الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ تِلْكَ الْجُمُعَةِ ، كَمَا أَمَرَ مَنْ يُرِيدُ الْمَسْجِدَ لِصَلَاةِ الصُّبْحِ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ فِي بَيْتِهِ ، ثُمَّ يُصَلِّي صَلَاةَ الْفَجْرِ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ ذَلِكَ وَقِيلَ لِمَنْ صَلَّاهَا فِي الْمَسْجِدِ قَبْلَ صَلَاةِ الْفَجْرِ : أَتُصَلِّيهِمَا أَرْبَعًا وَسَنَذْكُرُ ذَلِكَ بَعْدَ هَذَا الْبَابِ ، وَمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِيهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَكَانَ الَّذِي فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ كَانَ مُصَلِّيًا بَعْدَ الْجُمُعَةِ ، فَلْيُصَلِّ بَعْدَهَا أَرْبَعًا عَلَى أَرْبَعٍ مِنْ غَيْرِ شَكْلِ الْجُمُعَةِ ؛ لِأَنَّهَا أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ ، وَالْجُمُعَةُ رَكْعَتَانِ ، فَأَطْلَقَ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي صَلَّاهَا فِيهِ بِمَا لَيْسَ مِنْ شَكْلِهَا وَهُوَ أَرْبَعُ رَكَعَاتٍ فَمَا فَوْقَهَا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مِنْهُ الْكَلَامُ ، أَوِ التَّقَدُّمُ الْمَذْكُورَانِ فِي حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا ، وَكَذَلِكَ جَعَلَ لَهُ التَّطَوُّعَ قَبْلَهَا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الَّذِي رَوَيْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، وَعَادَ تَصْحِيحُ مَعَانِي هَذِهِ الْآثَارِ إِلَى إِطْلَاقِ التَّطَوُّعِ بَعْدَ الْجُمُعَةِ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ بِمَا لَا يُشْبِهُ الْجُمُعَةَ فِي عَدَدِهَا ، وَالْمَنْعُ مِنْ أَنْ يُصَلِّيَ فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَهَا مِثْلَهَا ، وَأَمَرَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ بَعْدَ الِانْصِرَافِ عَنْهُ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَنَازِلِ ، أَوْ مِمَّا سِوَاهَا وَهَذِهِ سُنَنٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَجِبُ عَلَى مَنْ وَقَفَ عَلَيْهَا وَعَقَلَهَا حَمْدُ اللَّهِ عَلَى مَا آتَاهُ مِنْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَلَّمَا النَّاسَ أَنْ يُصَلُّوا بَعْدَ الْجُمُعَةِ