عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إنَّ رَحَى الْإِسْلَامِ سَتَزُولُ بَعْدَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ، فَإِنْ يَصْطَلِحُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى غَيْرِ قِتَالٍ يَأْكُلُوا الدُّنْيَا سَبْعِينَ عَامًا رَغَدًا ، وَإِنْ يَقْتَتِلُوا يَرْكَبُوا سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ "
حَدَّثَنَا فَهْدٌ , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ , قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيكٌ , عَنْ مُجَالِدٍ , عَنْ عَامِرٍ , عَنْ مَسْرُوقٍ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إنَّ رَحَى الْإِسْلَامِ سَتَزُولُ بَعْدَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ، فَإِنْ يَصْطَلِحُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى غَيْرِ قِتَالٍ يَأْكُلُوا الدُّنْيَا سَبْعِينَ عَامًا رَغَدًا ، وَإِنْ يَقْتَتِلُوا يَرْكَبُوا سُنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَهُمْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ , قَالَ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ , قَالَ : حَدَّثَنَا شَيْبَانُ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ رِبْعِيٍّ , عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ الْكَاهِلِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ , قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَ حَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ عَنْ قَبِيصَةَ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي هَذَا الْبَابِ ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ : إنَّ رَحَى الْإِسْلَامِ تَدُورُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الْآثَارَ لِنَقِفَ عَلَى الْمُرَادِ بِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ فَكَانَ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : تَدُورُ أَوْ تَزُولُ رَحَى الْإِسْلَامِ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْأُمُورَ الَّتِي عَلَيْهَا يَدُورُ الْإِسْلَامُ ، وَشَبَّهَ ذَلِكَ بِالرَّحَى فَسَمَّاهُ بِاسْمِهَا ، وَكَانَ قَوْلُهُ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : بَعْدَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ، أَوْ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ، أَوْ سَبْعٍ وَثَلَاثِينَ لَيْسَ عَلَى الشَّكِّ ، وَلَكِنْ عَلَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِيمَا يَشَاؤُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ تِلْكَ السِّنِينَ ، فَشَاءَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ كَانَ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ ، فَتَهَيَّأَ فِيهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَصْرُ إمَامِهِمْ ، وَقَبْضُ يَدِهِ عَمَّا يَتَوَلَّاهُ عَلَيْهِمْ مَعَ جَلَالَةِ مِقْدَارِهِ ; لِأَنَّهُ مِنَ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ حَتَّى كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِسَفْكِ دَمِهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، وَحَتَّى كَانَ ذَلِكَ سَبَبًا لِوُقُوعِ الِاخْتِلَافِ وَتَفَرُّقِ الْكَلِمَةِ ، وَاخْتِلَافِ الْآرَاءِ ، فَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَوْ هَلَكُوا عَلَيْهِ لَكَانَ سَبِيلَ مَهْلِكٍ لِعِظَمِهِ ، وَلِمَا حَلَّ بِالْإِسْلَامِ مِنْهُ ، وَلَكِنَّ اللَّهَ سَتَرَ وَتَلَافَى ، وَخَلَفَ نَبِيَّهُ فِي أُمَّتِهِ مَنْ يَحْفَظُ دِينَهُمْ عَلَيْهِمْ ، وَيُبْقِي ذَلِكَ لَهُمْ ، ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا بَقِيَ مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ فَوَجَدْنَا فِي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ مِنْهَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ فَإِنْ يَصْطَلِحُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى غَيْرِ قِتَالٍ يَأْكُلُوا الدُّنْيَا سَبْعِينَ عَامًا رَغَدًا وَوَجَدْنَا مَكَانَ ذَلِكَ فِي حَدِيثَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَالْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ فَإِنْ يَبْقَ لَهُمْ دِينُهُمْ فَسَبْعِينَ عَامًا وَكَانَ ذَلِكَ قَدْ جَاءَ مُخْتَلِفًا فِي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ وَحَدِيثَيْ صَاحِبَيْهِ ، فَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ أَوْلَاهُمَا وَأَشْبَهَهُمَا بِمَا جَرَتْ عَلَيْهِ أُمُورُ النَّاسِ مِمَّا فِي حَدِيثَيِ الْآخَرَيْنِ ; لِأَنَّ الَّذِي فِي حَدِيثِ مَسْرُوقٍ فَإِنْ يَصْطَلِحُوا بَيْنَهُمْ عَلَى غَيْرِ قِتَالٍ يَأْكُلُوا الدُّنْيَا سَبْعِينَ عَامًا رَغَدًا , وَلَمْ يَصْطَلِحُوا عَلَى غَيْرِ قِتَالٍ ، فَتَكُونُ الْمُدَّةُ الَّتِي يَأْكُلُونَ الدُّنْيَا فِيهَا كَذَلِكَ سَبْعِينَ عَامًا ثُمَّ تَنْقَطِعُ ، فَلَا يَأْكُلُونَهَا بَعْدَهَا ، وَلَكِنْ جَرَتْ أُمُورُهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا لَمْ يَنْقَطِعْ مَعَهُمُ الْقِتَالُ ، فَكَانَ ذَلِكَ رَحْمَةً مِنَ اللَّهِ لَهُمْ وَسَتْرًا مِنْهُ عَلَيْهِمْ ، فَجَرَى عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَأْكُلُوا الدُّنْيَا بِلَا تَوْقِيتٍ عَلَيْهِمْ فِيهِ وَكَانَ مَا فِي حَدِيثَيْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَالْبَرَاءِ بْنِ نَاجِيَةَ يُوجِبُ خِلَافَ ذَلِكَ ، وَيُوجِبُ انْقِطَاعَ أَكْلِهِمُ الدُّنْيَا بَعْدَ سَبْعِينَ عَامًا وَقَدْ وَجَدْنَاهُمْ بِحَمْدِ اللَّهِ وَنِعْمَتِهِ أَكَلُوهَا بَعْدَ ذَلِكَ سَبْعِينَ عَامًا وَسَبْعِينَ عَامًا ، وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ وَدِينُهُمْ قَائِمٌ عَلَى حَالِهِ فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ أَصْلَ الْحَدِيثِ فِي ذَلِكَ كَمَا رَوَاهُ مَسْرُوقٌ فِيهِ ، لَا كَمَا رَوَاهُ صَاحِبَاهُ ; لِأَنَّهُ لَا خُلْفَ لِمَا يَقُولُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ