عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ عَلَيَّ نَاقَةً وَقَدْ غَرَبَتْ عَنِّي ، فَقَالَ : " اشْتَرِ سَبْعًا مِنَ الْغَنَمِ "
فَإِذَا حُسَيْنُ بْنُ نَصْرٍ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ : ثنا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ : ثنا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ : سَأَلَ رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ عَلَيَّ نَاقَةً وَقَدْ غَرَبَتْ عَنِّي ، فَقَالَ : اشْتَرِ سَبْعًا مِنَ الْغَنَمِ أَفَلَا تَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنَّمَا عَدَلَهَا بِسَبْعٍ مِنَ الْغَنَمِ , مِمَّا يُجْزِئُ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ عَنْ رَجُلٍ , وَلَمْ يَعْدِلْهَا بِعَشْرٍ مِنَ الْغَنَمِ . فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى تَصْحِيحِ مَا رَوَى جَابِرٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ , لَا مَا رَوَى الْمِسْوَرُ , فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . وَأَمَّا وَجْهُ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا أَنَّ الْبَقَرَةَ لَا تُجْزِئُ فِي الْأُضْحِيَّةِ , عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ وَهِيَ مِنَ الْبُدُنِ بِاتِّفَاقِهِمْ . فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ النَّاقَةُ مِثْلَهَا , وَلَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : إِنَّ النَّاقَةَ وَإِنْ كَانَتْ بَدَنَةً كَمَا أَنَّ الْبَقَرَةَ بَدَنَةٌ , فَإِنَّ النَّاقَةَ أَعْلَى مِنَ الْبَقَرَةِ فِي السَّمَانَةِ وَالرِّفْعَةِ . قِيلَ لَهُ : إِنَّهَا وَإِنْ كَانَتْ كَمَا ذَكَرْتَ , فَإِنَّ ذَلِكَ غَيْرُ وَاجِبٍ لَكَ بِهِ عَلَيْنَا حُجَّةٌ . أَلَا تَرَى أَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْبَقَرَةَ الْوُسْطَى , تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ وَكَذَلِكَ مَا هُوَ دُونَهَا , وَمَا هُوَ أَرْفَعُ مِنْهَا . وَكَذَلِكَ النَّاقَةُ تُجْزِئُ عَنْ سَبْعَةٍ , أَوْ عَنْ عَشْرَةٍ , رَفِيعَةً كَانَتْ أَوْ دُونَ ذَلِكَ . فَلَمْ يَكُنِ السِّمَنُ وَالرِّفْعَةُ , مِمَّا يُمَيَّزُ بِهِ بَعْضُ الْبَقَرِ عَنْ بَعْضٍ , وَلَا بَعْضُ الْإِبِلِ عَنْ بَعْضٍ , فِيمَا تُجْزِئُ فِي الْهَدْيِ وَالْأَضَاحِيِّ . بَلْ كَانَ حُكْمُ ذَلِكَ كُلِّهِ حُكْمًا وَاحِدًا يُجْزِئُ عَنْ عَدَدٍ وَاحِدٍ . فَلَمَّا كَانَ مَا ذَكَرْنَا كَذَلِكَ , وَكَانَتِ الْإِبِلُ وَالْبَقَرُ بُدُنًا كُلَّهَا , ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمٌ وَاحِدٌ , وَأَنَّ بَعْضَهَا لَا يُجْزِئُ أَكْثَرَ مِمَّا يُجْزِئُ عَنْهُ الْبَعْضُ الْبَاقِي , وَإِنْ زَادَ بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ فِي السِّمَنِ وَالرِّفْعَةِ . فَلَمَّا كَانَتِ الْبَقَرَةُ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ , كَانَتِ النَّاقَةُ أَيْضًا كَذَلِكَ فِي النَّظَرِ لَا تُجْزِئُ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةٍ , قِيَاسًا وَنَظَرًا , عَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ