أَنَّ عَبْدًا سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ فَجَاءَ بِهِ فَغَرَسَهُ فِي مَكَانٍ آخَرَ . فَأَتَى بِهِ مَرْوَانَ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ فَشَهِدَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ "
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ يَحْيَى الْمُزَنِيُّ , قَالَ : ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ , عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ , عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ , عَنْ عَمِّهِ , وَاسِعِ بْنِ حِبَّانَ , أَنَّ عَبْدًا سَرَقَ وَدِيًّا مِنْ حَائِطِ رَجُلٍ فَجَاءَ بِهِ فَغَرَسَهُ فِي مَكَانٍ آخَرَ . فَأَتَى بِهِ مَرْوَانَ فَأَرَادَ أَنْ يَقْطَعَهُ فَشَهِدَ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ . قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ : فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّهُ لَا يُقْطَعُ فِي شَيْءٍ مِنَ الثَّمَرِ وَلَا مِنَ الْكَثَرِ وَسَوَاءٌ عِنْدَهُمْ أَخَذَ مِنْ حَائِطِ صَاحِبِهِ أَوْ مَنْزِلِهِ بَعْدَمَا قَطَعَهُ وَأَحْرَزَهُ فِيهِ . وَقَالُوا : لَا قَطْعَ أَيْضًا فِي جَرِيدِ النَّخْلِ وَلَا فِي خَشَبِهِ لِأَنَّ رَافِعًا لَمْ يَسْأَلْ عَنْ قِيمَةِ مَا كَانَ فِي الْوَدِيَّةِ الْمَسْرُوقَةِ مِنَ الْجَرِيدِ وَلَا عَنْ قِيمَةِ جِذْعِهَا وَدَرَأَ الْقَطْعَ عَنِ السَّارِقِ فِي ذَلِكَ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَا قَطْعَ فِي كَثَرٍ وَهُوَ الْجُمَّارُ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَا قَطْعَ فِي الْجُمَّارِ وَلَا فِيمَا يَكُونُ عِنْدَهُ مِنَ الْجَرِيدِ وَالْخَشَبِ وَالثَّمَرِ . وَمِمَّنْ قَالَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ . وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ فَقَالُوا : هَذَا الَّذِي حَكَاهُ رَافِعٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ وَهُوَ عَلَى الثَّمَرِ وَالْكَثَرِ الْمَأْخُوذَيْنِ مِنَ الْحَائِطِ الَّتِي لَيْسَتْ بِحِرْزٍ لِمَا فِيهَا . فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ أُحْرِزَ فَحُكْمُهُ حُكْمُ سَائِرِ الْأَمْوَالِ وَيَجِبُ الْقَطْعُ عَلَى مَنْ سَرَقَ مِنْ ذَلِكَ الْمِقْدَارِ الَّذِي يَجِبُ الْقَطْعُ فِيهِ . وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِمَا قَدْ رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي هَذَا الْكِتَابِ فِي غَيْرِ هَذَا الْبَابِ لَمَّا سُئِلَ عَنِ الثَّمَرِ الْمُعَلَّقِ فَقَالَ : لَا قَطْعَ فِيهِ إِلَّا مَا أَوَاهُ الْجَرِينُ وَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ الْقَطْعُ وَمَا لَمْ يَبْلُغْ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَفِيهِ غَرَامَةُ مِثْلِهِ وَجَلَدَاتُ نَكَالٍ . وَقَدْ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ قَالَ : ثنا الْوَهْبِيُّ قَالَ : ثنا ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ أَيْضًا فَفَرَّقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي الثِّمَارِ الْمَسْرُوقَةِ بَيْنَ مَا أَوَاهُ الْجَرِينُ مِنْهَا وَبَيْنَ مَا لَمْ يَأْوِهِ وَكَانَ فِي شَجَرِهِ فَجَعَلَ فِيمَا أَوَاهُ الْجَرِينُ مِنْهَا الْقَطْعَ وَفِيمَا لَمْ يَأْوِهِ الْجَرِينُ الْغُرْمَ وَالنَّكَالَ . فَتَصْحِيحُ هَذَا الْحَدِيثِ وَمَا رَوَاهُ رَافِعٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ قَوْلِهِ لَا قَطْعَ فِي ثَمَرٍ وَلَا كَثَرٍ أَنْ يُجْعَلَ مَا رَوَى رَافِعٌ هُوَ عَلَى مَا كَانَ فِي الْحَوَائِطِ الَّتِي لَمْ يُحْرَزْ مَا فِيهَا عَلَى مَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو مِمَّا زَادَ عَلَى مَا فِي حَدِيثِ رَافِعٍ فَهُوَ خِلَافُ مَا فِي حَدِيثِ رَافِعٍ فَفِي ذَلِكَ الْقَطْعُ وَلَا قَطْعَ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ , يَسْتَوِي هَذَانِ الْأَثَرَانِ وَلَا يَتَضَادَّانِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ