أَنَّ رَجُلًا ، مِنْ بَنِي سَلِمَةَ يُقَالُ لَهُ سَلِيمٌ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَقَالَ : إِنَّا نَظَلُّ فِي أَعْمَالِنَا , فَنَأْتِي حِينَ نُمْسِي , فَنُصَلِّي فَيَأْتِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ , فَيُنَادَى بِالصَّلَاةِ , فَنَأْتِيهِ فَيُطَوِّلُ عَلَيْنَا . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا مُعَاذُ لَا تَكُنْ فَتَّانًا , إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي , وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَنْ قَوْمِكَ "
حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، قَالَ : ثنا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ الْوُحَاظِيُّ ح وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، قَالَ : ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنُ قَعْنَبٍ ، قَالَا : ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ ، قَالَ : ثنا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ الزُّرَقِيُّ : أَنَّ رَجُلًا ، مِنْ بَنِي سَلِمَةَ يُقَالُ لَهُ سَلِيمٌ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , فَقَالَ : إِنَّا نَظَلُّ فِي أَعْمَالِنَا , فَنَأْتِي حِينَ نُمْسِي , فَنُصَلِّي فَيَأْتِي مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ , فَيُنَادَى بِالصَّلَاةِ , فَنَأْتِيهِ فَيُطَوِّلُ عَلَيْنَا . فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا مُعَاذُ لَا تَكُنْ فَتَّانًا , إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي , وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ عَنْ قَوْمِكَ فَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ هَذَا لِمُعَاذٍ , يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يَفْعَلُ أَحَدَ الْأَمْرَيْنِ , إِمَّا الصَّلَاةَ مَعَهُ , أَوْ بِقَوْمِهِ , وَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَجْمَعُهَا , لِأَنَّهُ قَالَ : إِمَّا أَنْ تُصَلِّيَ مَعِي أَيْ وَلَا تُصَلِّ بِقَوْمِكَ وَإِمَّا أَنْ تُخَفِّفَ بِقَوْمِكَ أَيْ وَلَا تُصَلِّ مَعِي . فَلَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي الْآثَارِ الْأُوَلِ مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ شَيْءٌ , وَكَانَ فِي هَذَا الْأَثَرِ مَا ذَكَرْنَا , ثَبَتَ بِهَذَا الْأَثَرِ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي ذَلِكَ لِمُعَاذٍ شَيْءٌ مُتَقَدِّمٌ , وَلَا عَلِمْنَا أَنَّهُ كَانَ فِي ذَلِكَ أَيْضًا مِنْهُ شَيْءٌ مُتَأَخِّرٌ , فَيَجِبُ بِهِ الْحُجَّةُ عَلَيْنَا . وَلَوْ كَانَ فِي ذَلِكَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمْرٌ , كَمَا قَالَ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى لَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَانَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي وَقْتٍ مَا كَانَتِ الْفَرِيضَةُ تُصَلَّى مَرَّتَيْنِ , فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْ كَانَ يُفْعَلُ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ حَتَّى نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي بَابِ صَلَاةِ الْخَوْفِ . فَفِعْلُ مُعَاذٍ , الَّذِي ذَكَرْنَا , يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ , ثُمَّ كَانَ النَّهْيُ فَنَسَخَهُ , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ . فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي أَحَدِ الْوَقْتَيْنِ إِلَّا كَانَ لِمُخَالِفِهِ أَنْ يَجْعَلَهُ فِي الْوَقْتِ الْآخَرِ . فَهَذَا حُكْمُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ . وَأَمَّا حُكْمُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا صَلَاةَ الْمَأْمُومِينَ مُضَمَّنَةً بِصَلَاةِ إِمَامِهِمْ بِصِحَّتِهَا وَفَسَادِهَا يُوجِبُ ذَلِكَ النَّظَرُ الصَّحِيحُ . مِنْ ذَلِكَ أَنَّا رَأَيْنَا الْإِمَامَ إِذَا سَهَا وَجَبَ عَلَى مَنْ خَلْفَهُ لِسَهْوِهِ , مَا وَجَبَ عَلَيْهِ , وَلَوْ سَهَوْا هُمْ , وَلَمْ يَسْهُ هُوَ , لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ مَا يَجِبُ عَلَىالْإِمَامِ إِذَا سَهَا . فَلَمَّا ثَبَتَ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ يَجِبُ عَلَيْهِمْ حُكْمُ السَّهْوِ لِسَهْوِالْإِمَامِ , وَيَنْتَفِي عَنْهُمْ حُكْمُ السَّهْوِ بِانْتِفَائِهِ عَنِ الْإِمَامِ , ثَبَتَ أَنَّ حُكْمَهُمْ فِي صَلَاتِهِمْ , حُكْمُ الْإِمَامِ فِي صَلَاتِهِ , وَكَأَنَّ صَلَاتَهُمْ مُضَمَّنَةٌ بِصَلَاتِهِ . وَلَمَّا كَانَتْ صَلَاتُهُمْ مُضَمَّنَةً بِصَلَاتِهِ , لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ صَلَاتُهُمْ خِلَافَ صَلَاتِهِ . فَثَبَتَ بِذَلِكَ , أَنَّ الْمَأْمُومَ لَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ صَلَاتُهُ خِلَافَ صَلَاةِ إِمَامِهِ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُصَلِّيَ تَطَوُّعًا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي فَرِيضَةً , فَكَمَا كَانَ الْمُصَلِّي تَطَوُّعًا , يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَأْتَمَّ بِمَنْ يُصَلِّي فَرِيضَةً , كَانَ كَذَلِكَ , يَجُوزُ لِلْمُصَلِّي فَرِيضَةً أَنْ يُصَلِّيَهَا خَلْفَ مَنْ يُصَلِّي تَطَوُّعًا . قِيلَ لَهُ : إِنَّ سَبَبَ التَّطَوُّعِ , هُوَ بَعْضُ سَبَبِ الْفَرِيضَةِ , وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ , وَلَا يُرِيدُ شَيْئًا غَيْرَ ذَلِكَ , مِنْ نَافِلَةٍ وَلَا فَرِيضَةٍ , يَكُونُ بِذَلِكَ دَاخِلًا فِي نَافِلَةٍ , وَإِذَا نَوَى الدُّخُولَ فِي الصَّلَاةِ , وَنَوَى الْفَرِيضَةَ كَانَ بِذَلِكَ دَاخِلًا فِي الْفَرِيضَةِ , فَصَارَ يَكُونُ ذَلِكَ دَاخِلًا فِي الْفَرِيضَةِ , بِالسَّبَبِ الَّذِي دَخَلَ بِهِ فِي النَّافِلَةِ , وَبِسَبَبٍ آخَرَ , فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ , كَانَ الَّذِي يُصَلِّي تَطَوُّعًا , وَهُوَ يَأْتَمُّ بِمُصَلٍّ فَرِيضَةً , هُوَ فِي صَلَاةٍ لَهُ فِي كُلِّهَا إِمَامٌ , وَالَّذِي يُصَلِّي فَرِيضَةً , وَيَأْتَمُّ بِمِنْ يُصَلِّي تَطَوُّعًا هُوَ فِي صَلَاةِ لَهُ فِي بَعْضِ سَبَبِهَا الَّذِي بِهِ دَخَلَ فِيهَا إِمَامٌ , وَلَيْسَ لَهُ فِي بَقِيَّتِهِ إِمَامٌ , فَلَمْ يَجْنِ ذَلِكَ . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَا عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ صَلَّى بِالنَّاسِ جُنُبًا , فَأَعَادَ وَلَمْ يُعِيدُوا , فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ صَلَاتَهُمْ لَمْ تَكُنْ مُضَمَّنَةً بِصَلَاتِهِ . فَقَالَ مُخَالِفُهُمْ : إِنَّمَا فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَيَقَّنْ بِالْجَنَابَةِ كَانَتْ مِنْهُ قَبْلَ الصَّلَاةِ , فَأَخَذَ لِنَفْسِهِ بِالْحَوْطَةِ , فَأَعَادَ وَلَمْ يَأْمُرْ غَيْرَهُ بِالْإِعَادَةِ