عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرَّسَ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ , فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ , فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " هَذَا مَنْزِلٌ بِهِ شَيْطَانٌ " فَاقْتَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقْتَادَ أَصْحَابُهُ , حَتَّى ارْتَفَعَ الضُّحَى , فَأَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَأَنَاخَ أَصْحَابُهُ , فَأَمَّهُمْ , فَصَلَّى الصُّبْحَ .
حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ , قَالَ : ثنا أَبُو مُصْعَبٍ الزُّهْرِيُّ , قَالَ : ثنا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ , عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَرَّسَ ذَاتَ لَيْلَةٍ بِطَرِيقِ مَكَّةَ , فَلَمْ يَسْتَيْقِظْ هُوَ وَلَا أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِهِ حَتَّى ضَرَبَتْهُمُ الشَّمْسُ , فَاسْتَيْقَظَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : هَذَا مَنْزِلٌ بِهِ شَيْطَانٌ فَاقْتَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَاقْتَادَ أَصْحَابُهُ , حَتَّى ارْتَفَعَ الضُّحَى , فَأَنَاخَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَأَنَاخَ أَصْحَابُهُ , فَأَمَّهُمْ , فَصَلَّى الصُّبْحَ . فَلَمَّا رَأَيْنَا النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخَّرَ صَلَاةَ الصُّبْحِ لَمَّا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَهِيَ فَرِيضَةٌ فَلَمْ يُصَلِّهَا حِينَئِذٍ حَتَّى ارْتَفَعَتِ الشَّمْسُ وَقَدْ قَالَ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ : مَنْ نَسِيَ صَلَاةً أَوْ نَامَ عَنْهَا , فَلْيُصَلِّهَا إِذَا ذَكَرَهَا دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ نَهْيَهُ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , قَدْ دَخَلَ فِيهِ الْفَرَائِضُ وَالنَّوَافِلُ , وَأَنَّ الْوَقْتَ الَّذِي اسْتَيْقَظَ فِيهِ , لَيْسَ بِوَقْتٍ لِلصَّلَاةِ الَّتِي نَامَ عَنْهَا . فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ : فَلِمَ قُلْتَ بِبَعْضِ هَذَا الْحَدِيثِ , وَتَرَكْتَ بَعْضَهُ ؟ فَقُلْتُ : مَنْ صَلَّى مِنَ الْعَصْرِ رَكْعَةً ثُمَّ غَرَبَتْ لَهُ الشَّمْسُ , أَنَّهُ يُصَلِّي بَقِيَّتَهَا قِيلَ لَهُ : لَمْ نَقُلْ بِبَعْضِ هَذَا الْحَدِيثِ , وَلَا بِشَيْءٍ مِنْهُ , بَلْ جَعَلْنَاهُ مَنْسُوخًا كُلَّهُ , بِمَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ نَهْيِهِ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , وَبِمَا قَدْ دَلَّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ جُبَيْرٍ , وَعِمْرَانَ , وَأَبِي قَتَادَةَ , وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَلَى أَنَّ الْفَرِيضَةَ قَدْ دَخَلَتْ فِي ذَلِكَ , وَأَنَّهَا لَا تُصَلَّى حِينَئِذٍ , كَمَا لَا تُصَلَّى النَّافِلَةُ . وَأَمَّا الصَّلَاةُ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ لِعَصْرِ يَوْمِهِ , فَإِنَّا قَدْ ذَكَرْنَا الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ فِي بَابِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ . فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ تَصْحِيحِ مَعَانِي الْآثَارِ . وَأَمَّا وَجْهُهُ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا رَأَيْنَا وَقْتَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِلَى أَنْ تَرْتَفِعَ , وَقْتًا قَدْ نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ . فَأَرَدْنَا أَنْ نَنْظُرَ فِي حُكْمِ الْأَوْقَاتِ الَّتِي يُنْهَى فِيهَا عَنِ الْأَشْيَاءِ , هَلْ يَكُونُ عَلَى التَّطَوُّعِ مِنْهَا دُونَ الْفَرَائِضِ ؟ أَوْ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ ؟ فَرَأَيْنَا يَوْمَ الْفِطْرِ , وَيَوْمَ النَّحْرِ , قَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ صِيَامِهِمَا , وَقَامَتِ الْحُجَّةُ عَنْهُ بِذَلِكَ , فَكَانَ ذَلِكَ النَّهْيُ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ عَلَى أَنْ لَا يُصَامَ فِيهِمَا فَرِيضَةٌ , وَلَا تَطَوُّعٌ . فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ فِي وَقْتِ طُلُوعِ الشَّمْسِ , الَّذِي قَدْ نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِ , أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ , لَا تُصَلَّى فِيهِ فَرِيضَةٌ وَلَا تَطَوُّعٌ , وَكَذَلِكَ يَجِيءُ فِي النَّظَرِ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ . وَأَمَّا نَهْيُ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ بَعْدَ الْعَصْرِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ , وَبَعْدَ الصُّبْحِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَإِنَّ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ لَمْ يُنْهَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا لِلْوَقْتِ , وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنِ الصَّلَاةِ فِيهِمَا لِلصَّلَاةِ , وَقَدْ رَأَيْنَا ذَلِكَ الْوَقْتَ يَجُوزُ لِمَنْ لَمْ يُصَلِّ أَنْ يُصَلِّيَ فِيهِ الْفَرِيضَةَ وَالصَّلَاةَ الْفَائِتَةَ . فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ هِيَ النَّاهِيَةُ وَهِيَ فَرِيضَةٌ , كَانَتْ إِنَّمَا يُنْهَى عَنْ غَيْرِ شَكْلِهَا مِنَ النَّوَافِلِ , لَا عَنِ الْفَرَائِضِ . وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى . وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ الْحَكَمُ وَحَمَّادٌ