عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَقْبَلَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ : " يَا أُسَامَةُ ، عَلَيْكَ بِطَرِيقِ الْجَنَّةِ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَخْتَلِجَ دُونَهَا " , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا أَسْرَعُ مَا يُقْطَعُ بِهِ ذَلِكَ الطَّرِيقُ ؟ قَالَ : " الظَّمَأُ فِي الْهَوَاجِرِ ، وَحَبْسُ النَّفْسِ عَنْ لَذَّةِ النِّسَاءِ ، يَا أُسَامَةُ وَعَلَيْكَ بِالصَّوْمِ ؛ فَإِنَّهُ يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ ، إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ رِيحِ فَمِ الصَّائِمِ ، تَرَكَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ لِلَّهِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَأْتِيَكَ الْمَوْتُ وَبَطْنُكَ جَائِعٌ وَكَبِدُكَ ظَمْآنُ فَافْعَلْ ، فَإِنَّكَ تُدْرِكُ بِذَلِكَ شَرَفَ الْمَنَازِلِ فِي الْآخِرَةِ ، وَتَحُلُّ مَعَ النَّبِيِّينَ ، يَفْرَحُ بِقُدُومِ رُوحُكِ عَلَيْهِمْ ، وَيُصَلِّي عَلَيْكَ الْجَبَّارُ , وَإِيَّاكَ يَا أُسَامَةُ وَكُلَّ كَبِدٍ جَائِعَةٍ تُخَاصِمُكَ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَإِيَّاكَ يَا أُسَامَةُ وَدُعَاءَ عِبَادٍ قَدْ أَذَابُوا اللُّحُومَ وَأَحْرَقُوا الْجُلُودَ بِالرِّيَاحِ وَالسَّمَائِمِ وَأَظْمَأُوا الْأَكْبَادَ حَتَّى غَشِيَتْ أَبْصَارُهُمْ , فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِمْ سُرَّ بِهِمْ الْمَلَائِكَةُ , وَبِهِمْ تُصْرَفُ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ " , ثُمَّ بَكَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اشْتَدَّ نَحِيبُهُ وَهَابَ النَّاسُ أَنْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّ أَمْرًا قَدْ حَدَثَ بِهِمْ مِنَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ : " وَيْحٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ ، مَا يَلْقَى مِنْهُمْ مَنْ أَطَاعَ رَبَّهُ مِنْهُمْ ، كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ وَيُكَذِّبُونَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أَطَاعُوا اللَّهَ " , فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْإِسْلَامِ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " قَالَ : فَفِيمَ إِذًا يَقْتُلُونَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ ؟ فَقَالَ : " يَا عُمَرُ تَرَكَ الْقَوْمُ الطَّرِيقَ ، وَرَكِبُوا الدَّوَابَّ ، وَلَبِسُوا أَلْيَنَ الثِّيَابِ ، وَخَدَمَتْهُمْ أَبْنَاءُ فَارِسَ ، يَتَزَيَّنُ مِنْهُمْ تَزَيُّنَ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا ، وَتَبَرُّجَ النِّسَاءِ , زِيُّهُمْ زِيُّ الْمُلُوكِ ، وَدِينُهُمْ دِينُ كِسْرَى وَهُرْمُزَ ، يُسَمِّنُونَ مَا يَعُودُ بِالْجَشَا وَاللِّبَاسِ ، فَإِذَا تَكَلَّمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَلَيْهِمُ الْعِبَا مَحْنِيَّةٌ أَصْلَابُهُمْ ، قَدْ ذَبَحُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ الْعَطَشِ , فَإِذَا تَكَلَّمَ مِنْهُمْ مُتَكَلِّمٌ كُذِّبَ وَقِيلَ لَهُ : أَنْتَ قَرِينُ الشَّيْطَانِ وَرَأْسُ الضَّلَالَةِ ، تُحَرِّمُ زِينَةَ اللَّهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ، يَتَأَوَّلُونَ كِتَابَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ دِينٍ ، اسْتَذَلُّوا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ , وَاعْلَمْ يَا أُسَامَةُ أَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمَنْ طَالَ حُزْنُهُ وَعَطَشُهُ وَجُوعُهُ فِي الدُّنْيَا , الْأَخْفِيَاءُ الْأَبْرَارُ ، الَّذِينَ إِذَا شَهِدُوا لَمْ يُقَرَّبُوا ، وَإِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، تَعْرِفُهُمْ بِقَاعُ الْأَرْضِ ، يُعْرَفُونَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ ، وَيَخْفُونَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَتَحُفُّ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ ، تَنْعَمُ النَّاسُ وَيَنْعَمُونَ هُمْ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ , لَبِسَ النَّاسُ لَيِّنَ الثِّيَابِ وَلَبِسُوا هُمْ خَشِنَ الثِّيَابِ , افْتَرَشَ النَّاسُ الْفُرُشَ وَافْتَرَشُوا الْجِبَاهَ وَالرُّكَبَ ، ضَحِكَ النَّاسُ وَبَكَوْا , يَا أُسَامَةُ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الشِّدَّةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، لَهُمُ الْجَنَّةُ ، وَيَا لَيْتَنِي قَدْ رَأَيْتُهُمْ ، يَا أُسَامَةُ لَهُمُ الشُّرَفُ فِي الْآخِرَةِ ، وَيَا لَيْتَنِي قَدْ رَأَيْتُهُمُ , الْأَرْضُ بِهِمْ رَحِيمَةٌ ، وَالْجَبَّارُ عَنْهُمْ رَاضٍ ، ضَيَّعَ النَّاسُ فِعْلَ النَّبِيِّينَ وَأَخْلَاقَهُمْ وَحَفِظُوا هُمُ , الرَّاغِبُ مَنْ رَغِبَ إِلَى اللَّهِ فِي مِثْلِ رَغْبَتِهِمْ , وَالْخَاسِرُ مَنْ خَالَفَهُمْ ، تَبْكِي الْأَرْضُ إِذَا فَقَدَتْهُمْ ، وَيَسْخَطُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ بَلَدٍ لَيْسَ فِيهَا مَثَلُهُمْ , يَا أُسَامَةُ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ فِي قَرْيَةٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَمَانٌ لِأَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ ، لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ قَوْمًا هُمْ فِيهِمُ , اتَّخِذْهُمْ لِنَفْسِكَ عَسَى أَنْ تَنْجُوَ بِهِمْ , وَإِيَّاكَ أَنْ تَدَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ فَتَزِلَّ قَدَمُكَ فَتَهْوِيَ فِي النَّارِ ، حَرَّمُوا حَلَالًا أُحِلَّ لَهُمْ طَلَبَ الْفَضْلِ فِي الْآخِرَةِ ، وَتَرَكُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَنْ قُدْرَةٍ ، لَمْ يَتَكَالَبُوا عَلَى الدُّنْيَا تَكَالُبَ الْكِلَابِ عَلَى الْجِيَفِ , شُغِلَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا وَشَغَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ , لَبِسُوا الْخِرَقَ وَأَكَلُوا الْفَلَقَ , تَرَاهُمْ شُعْثًا غُبْرًا يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ بِهِمْ دَاءً وَمَا ذَاكَ بِهِمْ , وَيَظُنُّ النَّاسُ أَنَّهُمْ قَدْ ذَهَبَتْ عُقُولُهُمْ وَمَا ذَهَبَتْ ، وَلَكِنْ نَظَرُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مَنْ ذَهَبَ بِعُقُولِهِمْ عَنِ الدُّنْيَا , فَهُمْ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا يَمْشُونَ بِلَا عُقُولٍ , يَا أُسَامَةُ عَقَلُوا حِينَ ذَهَبَ عُقُولُ النَّاسِ ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْآخِرَةِ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بِشْرُ بْنُ أَبِي بِشْرٍ الْبَصْرِيُّ , أَخْبَرَنِي الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ الْحَرَّانِيُّ ، ثنا حَيَّانُ الْبَصْرِيُّ ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ نُوحٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ , عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَأَقْبَلَ عَلَى أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ فَقَالَ : يَا أُسَامَةُ ، عَلَيْكَ بِطَرِيقِ الْجَنَّةِ ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَخْتَلِجَ دُونَهَا , فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا أَسْرَعُ مَا يُقْطَعُ بِهِ ذَلِكَ الطَّرِيقُ ؟ قَالَ : الظَّمَأُ فِي الْهَوَاجِرِ ، وَحَبْسُ النَّفْسِ عَنْ لَذَّةِ النِّسَاءِ ، يَا أُسَامَةُ وَعَلَيْكَ بِالصَّوْمِ ؛ فَإِنَّهُ يُقَرِّبُ إِلَى اللَّهِ ، إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ رِيحِ فَمِ الصَّائِمِ ، تَرَكَ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ لِلَّهِ ، فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ يَأْتِيَكَ الْمَوْتُ وَبَطْنُكَ جَائِعٌ وَكَبِدُكَ ظَمْآنُ فَافْعَلْ ، فَإِنَّكَ تُدْرِكُ بِذَلِكَ شَرَفَ الْمَنَازِلِ فِي الْآخِرَةِ ، وَتَحُلُّ مَعَ النَّبِيِّينَ ، يَفْرَحُ بِقُدُومِ رُوحُكِ عَلَيْهِمْ ، وَيُصَلِّي عَلَيْكَ الْجَبَّارُ , وَإِيَّاكَ يَا أُسَامَةُ وَكُلَّ كَبِدٍ جَائِعَةٍ تُخَاصِمُكَ إِلَى اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَإِيَّاكَ يَا أُسَامَةُ وَدُعَاءَ عِبَادٍ قَدْ أَذَابُوا اللُّحُومَ وَأَحْرَقُوا الْجُلُودَ بِالرِّيَاحِ وَالسَّمَائِمِ وَأَظْمَأُوا الْأَكْبَادَ حَتَّى غَشِيَتْ أَبْصَارُهُمْ , فَإِنَّ اللَّهَ إِذَا نَظَرَ إِلَيْهِمْ سُرَّ بِهِمْ الْمَلَائِكَةُ , وَبِهِمْ تُصْرَفُ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ , ثُمَّ بَكَى النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى اشْتَدَّ نَحِيبُهُ وَهَابَ النَّاسُ أَنْ يُكَلِّمُوهُ حَتَّى ظَنُّوا أَنَّ أَمْرًا قَدْ حَدَثَ بِهِمْ مِنَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ سَكَتَ فَقَالَ : وَيْحٌ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ ، مَا يَلْقَى مِنْهُمْ مَنْ أَطَاعَ رَبَّهُ مِنْهُمْ ، كَيْفَ يَقْتُلُونَهُ وَيُكَذِّبُونَهُ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أَطَاعُوا اللَّهَ , فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَالنَّاسُ يَوْمَئِذٍ عَلَى الْإِسْلَامِ ؟ قَالَ : نَعَمْ قَالَ : فَفِيمَ إِذًا يَقْتُلُونَ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَأَمَرَهُمْ بِطَاعَتِهِ ؟ فَقَالَ : يَا عُمَرُ تَرَكَ الْقَوْمُ الطَّرِيقَ ، وَرَكِبُوا الدَّوَابَّ ، وَلَبِسُوا أَلْيَنَ الثِّيَابِ ، وَخَدَمَتْهُمْ أَبْنَاءُ فَارِسَ ، يَتَزَيَّنُ مِنْهُمْ تَزَيُّنَ الْمَرْأَةِ لِزَوْجِهَا ، وَتَبَرُّجَ النِّسَاءِ , زِيُّهُمْ زِيُّ الْمُلُوكِ ، وَدِينُهُمْ دِينُ كِسْرَى وَهُرْمُزَ ، يُسَمِّنُونَ مَا يَعُودُ بِالْجَشَا وَاللِّبَاسِ ، فَإِذَا تَكَلَّمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ عَلَيْهِمُ الْعِبَا مَحْنِيَّةٌ أَصْلَابُهُمْ ، قَدْ ذَبَحُوا أَنْفُسَهُمْ مِنَ الْعَطَشِ , فَإِذَا تَكَلَّمَ مِنْهُمْ مُتَكَلِّمٌ كُذِّبَ وَقِيلَ لَهُ : أَنْتَ قَرِينُ الشَّيْطَانِ وَرَأْسُ الضَّلَالَةِ ، تُحَرِّمُ زِينَةَ اللَّهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ، يَتَأَوَّلُونَ كِتَابَ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ دِينٍ ، اسْتَذَلُّوا أَوْلِيَاءَ اللَّهِ , وَاعْلَمْ يَا أُسَامَةُ أَنَّ أَقْرَبَ النَّاسِ مِنَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَمَنْ طَالَ حُزْنُهُ وَعَطَشُهُ وَجُوعُهُ فِي الدُّنْيَا , الْأَخْفِيَاءُ الْأَبْرَارُ ، الَّذِينَ إِذَا شَهِدُوا لَمْ يُقَرَّبُوا ، وَإِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا ، تَعْرِفُهُمْ بِقَاعُ الْأَرْضِ ، يُعْرَفُونَ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ ، وَيَخْفُونَ عَلَى أَهْلِ الْأَرْضِ ، وَتَحُفُّ بِهِمُ الْمَلَائِكَةُ ، تَنْعَمُ النَّاسُ وَيَنْعَمُونَ هُمْ بِالْجُوعِ وَالْعَطَشِ , لَبِسَ النَّاسُ لَيِّنَ الثِّيَابِ وَلَبِسُوا هُمْ خَشِنَ الثِّيَابِ , افْتَرَشَ النَّاسُ الْفُرُشَ وَافْتَرَشُوا الْجِبَاهَ وَالرُّكَبَ ، ضَحِكَ النَّاسُ وَبَكَوْا , يَا أُسَامَةُ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الشِّدَّةَ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، لَهُمُ الْجَنَّةُ ، وَيَا لَيْتَنِي قَدْ رَأَيْتُهُمْ ، يَا أُسَامَةُ لَهُمُ الشُّرَفُ فِي الْآخِرَةِ ، وَيَا لَيْتَنِي قَدْ رَأَيْتُهُمُ , الْأَرْضُ بِهِمْ رَحِيمَةٌ ، وَالْجَبَّارُ عَنْهُمْ رَاضٍ ، ضَيَّعَ النَّاسُ فِعْلَ النَّبِيِّينَ وَأَخْلَاقَهُمْ وَحَفِظُوا هُمُ , الرَّاغِبُ مَنْ رَغِبَ إِلَى اللَّهِ فِي مِثْلِ رَغْبَتِهِمْ , وَالْخَاسِرُ مَنْ خَالَفَهُمْ ، تَبْكِي الْأَرْضُ إِذَا فَقَدَتْهُمْ ، وَيَسْخَطُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ بَلَدٍ لَيْسَ فِيهَا مَثَلُهُمْ , يَا أُسَامَةُ وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ فِي قَرْيَةٍ فَاعْلَمْ أَنَّهُمْ أَمَانٌ لِأَهْلِ تِلْكَ الْقَرْيَةِ ، لَا يُعَذِّبُ اللَّهُ قَوْمًا هُمْ فِيهِمُ , اتَّخِذْهُمْ لِنَفْسِكَ عَسَى أَنْ تَنْجُوَ بِهِمْ , وَإِيَّاكَ أَنْ تَدَعَ مَا هُمْ عَلَيْهِ فَتَزِلَّ قَدَمُكَ فَتَهْوِيَ فِي النَّارِ ، حَرَّمُوا حَلَالًا أُحِلَّ لَهُمْ طَلَبَ الْفَضْلِ فِي الْآخِرَةِ ، وَتَرَكُوا الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ عَنْ قُدْرَةٍ ، لَمْ يَتَكَالَبُوا عَلَى الدُّنْيَا تَكَالُبَ الْكِلَابِ عَلَى الْجِيَفِ , شُغِلَ النَّاسُ بِالدُّنْيَا وَشَغَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِطَاعَةِ اللَّهِ , لَبِسُوا الْخِرَقَ وَأَكَلُوا الْفَلَقَ , تَرَاهُمْ شُعْثًا غُبْرًا يَظُنُّ النَّاسُ أَنَّ بِهِمْ دَاءً وَمَا ذَاكَ بِهِمْ , وَيَظُنُّ النَّاسُ أَنَّهُمْ قَدْ ذَهَبَتْ عُقُولُهُمْ وَمَا ذَهَبَتْ ، وَلَكِنْ نَظَرُوا بِقُلُوبِهِمْ إِلَى مَنْ ذَهَبَ بِعُقُولِهِمْ عَنِ الدُّنْيَا , فَهُمْ فِي الدُّنْيَا عِنْدَ أَهْلِ الدُّنْيَا يَمْشُونَ بِلَا عُقُولٍ , يَا أُسَامَةُ عَقَلُوا حِينَ ذَهَبَ عُقُولُ النَّاسِ ، لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْآخِرَةِ