كَتَبَ نَاسٌ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَنُسَّاكِهِمْ ، مِنْهُمْ مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ الرِّيَاحِيُّ ، وَمَالِكُ بْنُ حَبِيبٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيُّ ، وَزِيَادُ بْنُ حَفْصٍ التَّمِيمِيُّ ، وَيَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيُّ ، وَحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْكِنْدِيُّ ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيُّ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدَ ، وَزَيْدُ بْنُ حِصْنٍ الطَّائِيُّ ، وَكَعْبُ بْنُ عَبْدَةَ النَّهْدِيُّ إِلَى عُثْمَانَ - وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدٌ نَفْسَهُ فِي الْكِتَابِ إِلَّا كَعْبٌ - أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ كَثَّرَ عِنْدَكَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ فَحَمَّلَكَ مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ ، وَإِنَّا نُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ . فَإِنَّكَ قَدْ بَسَطْتَ يَدَكَ فِيهَا ، وَحَمَلْتَ بَنِي أَبِيكَ عَلَى رِقَابِهَا ، وَقَدْ خِفْنَا أَنْ يَكُونَ فَسَادُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى يَدَيْكَ ، فَإِنَّ لَكَ نَاصِرًا ظَالِمًا ، وَنَاقِمًا عَلَيْكَ مَظْلُومًا ، فَمَتَى نَقَمَ عَلَيْكَ النَّاقِمُ ، وَنَصَرَكَ الظَّالِمُ تَبَايَنَ الْفَرِيقَانِ ، وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ ، فَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ أَمِيرُنَا مَا أَطَعْتَ اللَّهَ وَاسْتَقَمْتَ . وَبَعَثُوا بِالْكِتَابِ مَعَ أَبِي رَبِيعَةَ الْعَنَزِيِّ . فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " مَنْ كَتَبَ هَذَا الْكِتَابَ ؟ " قَالَ : صُلَحَاءُ أَهْلِ الْمِصْرِ . قَالَ : " سَمِّهِمْ لِي " . قَالَ : مَا أُسَمِّي لَكَ إِلَّا مَنْ سَمَّى نَفْسَهُ . فَكَتَبَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى سَعِيدٍ : " انْظُرْ ابْنَ ذِي الْحَبَكَةِ فَاضْرِبْهُ عِشْرِينَ سَوْطًا ، وَحَوِّلْ دِيوَانَهُ إِلَى الرَّيِّ " . فَضَرَبَهُ سَعِيدٌ عِشْرِينَ سَوْطًا وَسَيَّرَهُ إِلَى جَبَلِ دَنْبَاوَنْدَ . فَقَالَ كَعْبُ بْنُ عَبْدَةَ : {
} أَتَرْجُو اعْتِذَارِي يَا ابْنَ أَرْوَى وَرَجْعَتِي {
}عَنِ الْحَقِّ قِدْمًا غَالَ حِلْمَكَ غُولُ {
}{
} وَإِنَّ دُعَائِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ {
}عَلَيْكَ لِمَا أَسْدَيْتَهُ لَطَوِيلُ {
}{
} وَإِنَّ اغْتِرَابِي فِي الْبِلَادِ وَجَفْوَتِي {
}وَشَتْمِي فِي ذَاتِ الْإِلَهِ قَلِيلُ {
}فَبَلَغَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشِّعْرُ ، فَكَتَبَ إِلَى سَعِيدٍ : قَدْ خِفْتُ أَنْ أَكُونَ قَدِ احْتَمَلْتُ فِي ابْنِ ذِي الْحَبَكَةِ حُوبَةً ، فَسَرِّحْ إِلَيْهِ مَنْ يَقْدَمُ بِهِ إِلَيْكَ ، ثُمَّ احْمِلْهُ إِلَيَّ . فَبَعَثَ سَعِيدٌ بُكَيْرَ بْنَ حُمْرَانَ الْأَحْمَرِيَّ - وَهُوَ الَّذِي كَانَ ذَهَبَ بِهِ - فَرَدَّهُ ، ثُمَّ أَشْخَصَهُ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : " يَا أَخَا بَنِي نَهْدٍ ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ لَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ لَحَقًّا ، وَقَدْ كَانَتْ مِنِّي طِيَرَةٌ فَكَتَبْتُ إِلَى سَعِيدٍ آمُرُهُ أَنْ يَضْرِبَكَ عِشْرِينَ سَوْطًا ، وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ، فَإِنْ شِئْتَ تَقْتَصُّ فَاقْتَصَّ " . قَالَ : أَقْتَصُّ . فَنَزَعَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَمِيصَهُ وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَعْطَاهُ السَّوْطَ ، فَقَالَ : قَدْ عَفَوْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَتَرَكْتُ ذَلِكَ لِلَّهِ . فَلَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ لَامَهُ قَوْمُهُ وَقَالُوا : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقْتَصَّ ؟ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَالِي الْمُسْلِمِينَ أَقَادَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَلَوْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ ، أَقْتَصُّ مِنْهُ عِنْدَ تَوْبَتِهِ ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ
حَدَّثَنَا عَلِيٌّ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى بْنِ سُلَيْمَانَ الْعَبْدِيِّ ، عَنْ يُونُسَ بْنِ أَبِي إِسْحَاقَ الْهَمَذَانِيِّ قَالَ : كَتَبَ نَاسٌ مِنْ وُجُوهِ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَنُسَّاكِهِمْ ، مِنْهُمْ مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ الرِّيَاحِيُّ ، وَمَالِكُ بْنُ حَبِيبٍ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الطُّفَيْلِ الْعَامِرِيُّ ، وَزِيَادُ بْنُ حَفْصٍ التَّمِيمِيُّ ، وَيَزِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَرْحَبِيُّ ، وَحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الْكِنْدِيُّ ، وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ الْخُزَاعِيُّ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ صُرَدَ ، وَزَيْدُ بْنُ حِصْنٍ الطَّائِيُّ ، وَكَعْبُ بْنُ عَبْدَةَ النَّهْدِيُّ إِلَى عُثْمَانَ - وَلَمْ يُسَمِّ أَحَدٌ نَفْسَهُ فِي الْكِتَابِ إِلَّا كَعْبٌ - أَنَّ سَعِيدَ بْنَ الْعَاصِ كَثَّرَ عِنْدَكَ عَلَى قَوْمٍ مِنْ أَهْلِ الْفَضْلِ وَالدِّينِ فَحَمَّلَكَ مِنْ أَمْرِهِمْ عَلَى مَا لَا يَحِلُّ ، وَإِنَّا نُذَكِّرُكَ اللَّهَ فِي أُمَّةِ مُحَمَّدٍ . فَإِنَّكَ قَدْ بَسَطْتَ يَدَكَ فِيهَا ، وَحَمَلْتَ بَنِي أَبِيكَ عَلَى رِقَابِهَا ، وَقَدْ خِفْنَا أَنْ يَكُونَ فَسَادُ هَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى يَدَيْكَ ، فَإِنَّ لَكَ نَاصِرًا ظَالِمًا ، وَنَاقِمًا عَلَيْكَ مَظْلُومًا ، فَمَتَى نَقَمَ عَلَيْكَ النَّاقِمُ ، وَنَصَرَكَ الظَّالِمُ تَبَايَنَ الْفَرِيقَانِ ، وَاخْتَلَفَتِ الْكَلِمَةُ ، فَاتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّكَ أَمِيرُنَا مَا أَطَعْتَ اللَّهَ وَاسْتَقَمْتَ . وَبَعَثُوا بِالْكِتَابِ مَعَ أَبِي رَبِيعَةَ الْعَنَزِيِّ . فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : مَنْ كَتَبَ هَذَا الْكِتَابَ ؟ قَالَ : صُلَحَاءُ أَهْلِ الْمِصْرِ . قَالَ : سَمِّهِمْ لِي . قَالَ : مَا أُسَمِّي لَكَ إِلَّا مَنْ سَمَّى نَفْسَهُ . فَكَتَبَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إِلَى سَعِيدٍ : انْظُرْ ابْنَ ذِي الْحَبَكَةِ فَاضْرِبْهُ عِشْرِينَ سَوْطًا ، وَحَوِّلْ دِيوَانَهُ إِلَى الرَّيِّ . فَضَرَبَهُ سَعِيدٌ عِشْرِينَ سَوْطًا وَسَيَّرَهُ إِلَى جَبَلِ دَنْبَاوَنْدَ . فَقَالَ كَعْبُ بْنُ عَبْدَةَ : أَتَرْجُو اعْتِذَارِي يَا ابْنَ أَرْوَى وَرَجْعَتِي عَنِ الْحَقِّ قِدْمًا غَالَ حِلْمَكَ غُولُ وَإِنَّ دُعَائِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَلَيْكَ لِمَا أَسْدَيْتَهُ لَطَوِيلُ وَإِنَّ اغْتِرَابِي فِي الْبِلَادِ وَجَفْوَتِي وَشَتْمِي فِي ذَاتِ الْإِلَهِ قَلِيلُ فَبَلَغَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الشِّعْرُ ، فَكَتَبَ إِلَى سَعِيدٍ : قَدْ خِفْتُ أَنْ أَكُونَ قَدِ احْتَمَلْتُ فِي ابْنِ ذِي الْحَبَكَةِ حُوبَةً ، فَسَرِّحْ إِلَيْهِ مَنْ يَقْدَمُ بِهِ إِلَيْكَ ، ثُمَّ احْمِلْهُ إِلَيَّ . فَبَعَثَ سَعِيدٌ بُكَيْرَ بْنَ حُمْرَانَ الْأَحْمَرِيَّ - وَهُوَ الَّذِي كَانَ ذَهَبَ بِهِ - فَرَدَّهُ ، ثُمَّ أَشْخَصَهُ إِلَى عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ لَهُ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا أَخَا بَنِي نَهْدٍ ، وَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ لَكُمْ عَلَيَّ حَقٌّ إِنَّ لِي عَلَيْكُمْ لَحَقًّا ، وَقَدْ كَانَتْ مِنِّي طِيَرَةٌ فَكَتَبْتُ إِلَى سَعِيدٍ آمُرُهُ أَنْ يَضْرِبَكَ عِشْرِينَ سَوْطًا ، وَأَنَا أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ ، فَإِنْ شِئْتَ تَقْتَصُّ فَاقْتَصَّ . قَالَ : أَقْتَصُّ . فَنَزَعَ عُثْمَانُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَمِيصَهُ وَقَعَدَ بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَعْطَاهُ السَّوْطَ ، فَقَالَ : قَدْ عَفَوْتُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَتَرَكْتُ ذَلِكَ لِلَّهِ . فَلَمَّا قَدِمَ الْكُوفَةَ لَامَهُ قَوْمُهُ وَقَالُوا : مَا مَنَعَكَ أَنْ تَقْتَصَّ ؟ قَالَ : سُبْحَانَ اللَّهِ وَالِي الْمُسْلِمِينَ أَقَادَ مِنْ نَفْسِهِ ، وَلَوْ شَاءَ لَمْ يَفْعَلْ ، أَقْتَصُّ مِنْهُ عِنْدَ تَوْبَتِهِ ؟ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ