• 157
  • عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : " الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ "

    فَإِنَّ سُفْيَانَ بْنَ عُيَيْنَةَ أَخْبَرَنَا ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الشَّرِيدِ ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَزَادَ فِي حَدِيثِ بَعْضِ مَنْ خَالَفَنَا ، أَنَّهُ كَانَ لِأَبِي رَافِعٍ بَيْتٌ فِي دَارِ رَجُلٍ ، فَعَرَضَ الْبَيْتَ عَلَيْهِ بِأَرْبَعِمِائَةٍ ، وَقَالَ : قَدْ أُعْطِيتُ بِهِ ثَمَانَمِائَةٍ ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ : الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقَالَ الَّذِي خَالَفَنَا : أَتَأَوَّلُ هَذَا الْحَدِيثَ فَأَقُولُ : لِلشَّرِيكِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ شُفْعَةٌ ، وَلِلْجَارِ الْمُقَاسِمِ شُفْعَةٌ ، كَانَ لَاصِقًا أَوْ غَيْرَ لَاصِقٍ ، إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الدَّارِ الَّتِي بِيعَتْ طَرِيقٌ نَافِذَةٌ ، وَإِنْ بَعُدَ مَا بَيْنَهُمَا ، وَاحْتَجَّ بِأَنْ قَالَ : أَبُو رَافِعٍ يَرَى الشُّفْعَةَ لِلَّذِي بَيْتُهُ فِي دَارِهِ ، وَالْبَيْتُ مَقْسُومٌ ؛ لِأَنَّهُ مُلَاصِقٌ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَقُلْتُ لَهُ : أَبُو رَافِعٍ فِيمَا رَوَيْتُ عَنْهُ مُتَطَوِّعٌ بِمَا صَنَعَ ، قَالَ : وَكَيْفَ قُلْتَ ؟ هَلْ كَانَ عَلَى أَبِي رَافِعٍ أَنْ يُعْطِيَهُ الْبَيْتَ بِشَيْءٍ قَبْلَ بَيْعِهِ ، أَوَلَمْ تَكُنْ لَهُ الشُّفْعَةُ حَتَّى يَبِيعَهُ ؟ قَالَ : بَلْ لَيْسَتْ لَهُ الشُّفْعَةُ حَتَّى يَبِيعَهُ أَبُو رَافِعٍ ، قُلْتُ : فَإِنْ بَاعَهُ أَبُو رَافِعٍ ، فَإِنَّمَا يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ مِنَ الْمُشْتَرِي ، قَالَ : نَعَمْ ، قُلْتُ : وَبِمِثْلِ الثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ لَا يَنْقُصُهُ الْبَائِعُ ، وَلَا أَنَّ عَلَى أَبِي رَافِعٍ أَنْ يَضَعَ مِنْ ثَمَنِهِ عَنْهُ شَيْئًا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، فَقُلْتُ : أَتَعْلَمُ أَنَّ مَا وَصَفْتُ عَنْ أَبِي رَافِعٍ كُلُّهُ تَطَوُّعٌ ؟ قَالَ : فَقَدْ رَأَى لَهُ الشُّفْعَةَ فِي بَيْتٍ لَهُ ، فَقُلْتُ : وَإِنْ رَأَى الشُّفْعَةَ فِي بَيْتٍ لَهُ مَا كَانَ عَلَيْنَا فِي ذَلِكَ شَيْءٌ عَارَضَ حَدِيثَنَا ، بَلْ حَدِيثُ النَّبِيِّ إِنَّمَا يُعَارَضُ بِحَدِيثٍ عَنِ النَّبِيِّ ، فَأَمَّا رَأْيُ رَجُلٍ فَلَا يُعَارَضُ بِهِ حَدِيثَ النَّبِيِّ ، قَالَ : فَلَعَلَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ؟ قُلْتُ : أَلَسْتَ تَسْمَعُهُ حِينَ حَكَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ؟ قَالَ : الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ ، لَا مَا أَعْطَى مِنْ نَفْسِهِ ، قَالَ : بَلْ هَكَذَا حِكَايَتُهُ عَنِ النَّبِيِّ ، قُلْتُ : وَلَعَلَّهُ لَا يَرَى لَهُ الشُّفْعَةَ ، فَتَطَوَّعَ لَهُ بِمَا لَا يَرَى كَمَا يَتَطَوَّعُ لَهُ بِمَا لَيْسَ عَلَيْهِ ، فَإِنْ حَمَلْتَهُ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَعْطَاهُ مَا يَرَاهُ عَلَيْهِ قِيلَ : فَقَدْ رَأَى عَلَى نَفْسِهِ أَنْ يُعْطِيَهُ بَيْتًا لَمْ يَبِعْهُ بِنِصْفِ مَا أَعْطَى بِهِ ، قَالَ : لَا أُرَاهُ يَرَى هَذَا ، قُلْتُ : وَلَا أَرَى عَلَيْهِ أَنَّ لَهُ شُفَعًا فِيمَا نَرَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، وَلَكِنْ أَحْسَنُ أَنْ يَفْعَلَ ، وَقُلْتُ لَهُ : نَحْنُ نَعْلَمُ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ : الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ ، لَا يَحْتَمِلُ إِلَّا مَعْنَيَيْنِ لَا ثَالِثَ لَهُمَا ، قَالَ : فَمَا هُمَا ؟ قُلْتُ : أَنْ يَكُونَ أَجَابَ عَنْ مَسْأَلَةٍ لَمْ يَخْلُ أَكْثَرُهَا أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنَّ الشُّفْعَةَ لِكُلِّ جَارٍ ، أَوْ أَرَادَ بَعْضَ الْجِيرَانِ دُونَ بَعْضٍ ، فَإِنْ كَانَ هَذَا الْمَعْنَى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ خَرَجَ عَامًّا أَرَادَ بِهِ خَاصًّا إِلَّا بِدَلَالَةٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ، أَوْ إِجْمَاعٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنْ لَا شُفْعَةَ فِيمَا قُسِمَ ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لِلْجَارِ الَّذِي لَمْ يُقَاسِمْ دُونَ الْجَارِ الْمُقَاسِمِ ، وَقُلْتُ لَهُ : حَدِيثُ أَبِي رَافِعٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ جُمْلَةٌ ، وَقَوْلُنَا عَنِ النَّبِيِّ مَنْصُوصٌ لَا يَحْتَمِلُ تَأْوِيلًا ، قَالَ : فَمَا مَعْنَى الثَّانِي الَّذِي يَحْتَمِلُهُ قَوْلُ النَّبِيِّ ؟ قُلْتُ : أَنْ تَكُونَ الشُّفْعَةُ لِكُلِّ مَنْ لَزِمَهُ اسْمُ جِوَارٍ ، وَأَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ الْجِوَارَ أَرْبَعُونَ دَارًا مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ، وَأَنْتَ لَا تَقُولُ بِحَدِيثِنَا ، وَلَا بِمَا تَأَوَّلْتَ مِنْ حَدِيثِكَ ، وَلَا بِهَذِهِ الْمَعَانِي ، قَالَ : وَلَا يَقُولُ بِهَذَا أَحَدٌ ، قُلْتُ : أَجَلْ لَا يَقُولُ بِهَذَا أَحَدٌ ، وَذَلِكَ يَدُلُّكَ عَلَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ أَرَادَ أَنَّ الشُّفْعَةَ لِبَعْضِ الْجِيرَانِ دُونَ بَعْضٍ ، وَأَنَّهَا لَا تَكُونُ إِلَّا لِجَارٍ لَمْ يُقَاسِمْ ، قَالَ : أَفَيَقَعُ اسْمُ الْجِوَارِ عَلَى الشَّرِيكِ ؟ قُلْتُ : نَعَمْ ، وَعَلَى الْمُلَاصِقِ ، وَعَلَى غَيْرِ الْمُلَاصِقِ ، قَالَ : فَالشَّرِيكُ يَنْفَرِدُ بِاسْمِ الشَّرِيكِ ، قُلْتُ : أَجَلْ ، وَالْمُلَاصِقِ يَنْفَرِدُ بِاسْمِ الْمُلَاصَقَةِ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْجِيرَانِ ، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ وَاحِدًا مِنْهُمَا أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الْجِوَارِ ، قَالَ : أَفَتَجِدُونِي مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْمَ الْجِوَارِ يَقَعُ عَلَى الشَّرِيكِ ؟ قُلْتُ : زَوْجَتُكَ الَّتِي هِيَ قَرِينَتُكَ يَقَعُ عَلَيْهَا اسْمُ الْجِوَارِ . قَالَ حَمَلُ بْنُ مَالِكِ بْنِ النَّابِغَةِ : كُنْتُ بَيْنَ جَارَتَيْنِ لِي ، يَعْنِي ضَرَّتَيْنِ ، وَقَالَ الْأَعْشَى : أَجَارَتَنَا بِينِي فَإِنَّكِ طَالِقَةْ وَمَوْمُوقَةٌ مَا كُنْتِ فِينَا وَوَامِقَةْ كَذَاكَ أُمُورُ النَّاسِ تَغْدُو وَطَارِقَةْ وَبِينِي فَإِنَّ الْبَيْنَ خَيْرٌ مِنَ الْعَصَا وَأَنْ لَا تَزَالِي فَوْقَ رَأْسِكِ بَارِقَةْ حَبَسْتُكِ حَتَّى لَامَنِي كُلُّ صَاحِبٍ وَخِفْتُ بِأَنْ تَأْتِي لَدَيَّ بِبَائِقَةْ *

    بسقبه: سقبه : ما قرب منه والمراد أنه أحق بالشفعة
    الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَزَادَ فِي حَدِيثِ
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات
    لا توجد بيانات