• 1172
  • عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ "

    حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ ، قَالَ : صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ ، حَدَّثَنَا الأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، وَغَيْرُهُ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ : أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ

    فأبردوا: الإبراد : انْكِسار الوهَج والحر، أو الدخول في البرد، والمراد الحث على تجنب الصلاة في شدة الحر
    فيح: الفيح : شدة الحر واللهب
    إِذَا اشْتَدَّ الحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ ، فَإِنَّ شِدَّةَ الحَرِّ

    [533] قَوْله حَدَّثَنَا الْأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَغَيْرُهُ هُوَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ فِيمَا أَظُنُّ وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي الْمُسْتَخْرَجِ مِنْ وَجْهٍآخَرَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ وَغَيْرُهُ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ قَوْله وَنَافِعٌ هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْأَعْرَجِ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعٍ وَقَدْ روى بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ بَعْضَهُ أَبْرِدُوا بِالظُهْرِ وَرَوَى السَّرَّاجُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَعْضَهُ شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّم قَوْله أَنَّهُمَا أَي أَبَا هُرَيْرَة وبن عُمَرَ حَدَّثَاهُ أَيْ حَدَّثَا مَنْ حَدَّثَ صَالِحَ بْنَ كَيْسَانَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ أَنَّهُمَا يَعُودُ عَلَى الْأَعْرَجِ وَنَافِعٍ أَيْ أَنَّ الْأَعْرَجَ وَنَافِعًا حَدَّثَاهُ أَيْ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ شَيْخَيْهِمَا بِذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنَّهُمَا حَدَّثَا بِغَيْرِ ضَمِيرٍ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ قَوْله إِذَا اشْتَدَّ أَصْلُهُ اشْتَدَدَ بِوَزْنِ افْتَعَلَ مِنَ الشِّدَّةِ ثُمَّ أُدْغِمَتْ إِحْدَى الدَّالَيْنِ فِي الْأُخْرَى وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْحَرَّ إِذَا لَمْ يَشْتَدَّ لَمْ يُشْرَعُ الْإِبْرَادُ وَكَذَا لَا يُشْرَعُ فِي الْبَرْدِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى قَوْله فَأَبْرِدُوا بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ أَخِّرُوا إِلَى أَنْ يَبْرُدَ الْوَقْتُ يُقَالُ أَبْرَدَ إِذَا دَخَلَ فِي الْبَرْدِ كَأَظْهَرَ إِذَا دَخَلَ فِي الظَّهِيرَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْمَكَانِ أَنْجَدَ إِذَا دَخَلَ نَجْدًا وَأَتْهَمَ إِذَا دَخَلَ تِهَامَةَ وَالْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ وَقِيلَ أَمْرُ إِرْشَادٍ وَقِيلَ بَلْ هُوَ لِلْوُجُوبِ حَكَاهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ وَغَفَلَ الْكِرْمَانِيُّ فَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ نَعَمْ قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الظُهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ إِلَى أَنْ يَبْرُدَ الْوَقْتُ وَيَنْكَسِرَ الْوَهَجُ وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَالتَّعْجِيلُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ أَيْضًا لَكِنْ خَصَّهُ بِالْبَلَدِ الْحَارِّ وَقَيَّدَ الْجَمَاعَةَ بِمَا إِذَا كَانُوا يَنْتَابُونَ مَسْجِدًا مِنْ بُعْدٍ فَلَوْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ كَانُوا يَمْشُونَ فِي كِنٍّ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِمُ التَّعْجِيلُ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ التَّسْوِيَةُ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَلَا قَيْدٍ وَهُوَ قَول إِسْحَاق والكوفيين وبن الْمُنْذِرِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ التِّرْمِذِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الْآتِي بَعْدَ هَذَا لِأَنَّ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي سَفَرٍ وَهِيَ رِوَايَةٌ لِلْمُصَنِّفِ أَيْضًا سَتَأْتِي قَرِيبًا قَالَ فَلَوْ كَانَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَأْمُرْ بِالْإِبْرَادِ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي السَّفَرِ وَكَانُوا لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى أَنْ يَنْتَابُوا مِنَ الْبُعْدِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِلِاتِّبَاعِ وَتَعَقَّبَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْعَسْكَرِ الْكَثِيرِ تَفْرِقَتُهُمْ فِي أَطْرَافِ الْمَنْزِلِ لِلتَّخْفِيفِ وَطَلَبِ الرَّعْيِ فَلَا نُسَلِّمُ اجْتِمَاعَهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ انْتَهَى وَأَيْضًا فَلَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِاتِّخَاذِ خِبَاءٍ كَبِيرٍ يَجْمَعُهُمْ بَلْ كَانُوا يَتَفَرَّقُونَ فِي ظِلَالِ الشَّجَرِ وَلَيْسَ هُنَاكَ كِنٌّ يَمْشُونَ فِيهِ فَلَيْسَ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنَ النَّصِّ الْعَامِّ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأُصُولِ لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ تَأَذِّيهِمْ بِالْحَرِّ فِي طَرِيقِهِمْ وَلِلْمُتَمَسِّكِ بِعُمُومِهِ أَنْ يَقُولَ الْعِلَّةُ فِيهِ تَأَذِّيهِمْ بِحَرِّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِهِمْ حَالَةَ السُّجُودِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَنَسٍ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّهَائِرِ سَجَدْنَا عَلَى ثِيَابِنَا اتِّقَاءَ الْحَرِّ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا فِي الصَّحِيحَيْنِ نَحْوَهُ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْأُولَى أَظْهَرُ فَإِنَّ الْإِبْرَادَ لَا يُزِيلُ الْحَرَّ عَنِ الْأَرْضِ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ تَعْجِيلَ الظُهْرِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَقَالُوا مَعْنَى أَبْرِدُوا صَلُّوْا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَخْذًا مِنْ بَرْدِ النَّهَارِ وَهُوَ أَوَّلُهُ وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ إِذِ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ التَّأْخِيرُ وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ الْآتِي صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ انْتَظِرِ انْتَظِرْ وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ خَبَّابٍ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ فَلَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَبِأَنَّ الصَّلَاةَ حِينَئِذٍ أَكْثَرُ مَشَقَّةً فَتَكُونُ أَفْضَلَ وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ خَبَّابٍ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ طَلَبُوا تَأْخِيرًازَائِدًا عَنْ وَقْتِ الْإِبْرَادِ وَهُوَ زَوَالُ حَرِّ الرَّمْضَاءِ وَذَلِكَ قَدْ يَسْتَلْزِمُ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُجِبْهُمْ أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ بِأَحَادِيثِ الْإِبْرَادِ فَإِنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ وَاسْتَدَلَّ لَهُ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُهْرَ بِالْهَاجِرَةِ ثُمَّ قَالَ لَنَا أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ الْحَدِيثَ وَهُوَ حَدِيث رِجَاله ثِقَات رَوَاهُ أَحْمد وبن ماجة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَنَقَلَ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الْإِبْرَادَ رُخْصَةٌ وَالتَّعْجِيلَ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ أَمْرُ إِرْشَادٍ وَعَكَسَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ الْإِبْرَادُ أَفْضَلُ وَحَدِيثُ خَبَّابٍ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَهُوَ الصَّارِفُ لِلْأَمْرِ عَنِ الْوُجُوبِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْمَنْعُ مِنَ التَّأْخِيرِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِ خَبَّابٍ فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ فَلَمْ يُحْوِجْنَا إِلَى شَكْوَى بَلْ أَذِنَ لَنَا فِي الْإِبْرَادِ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ وَيَرُدُّهُ أَن فِي الْخَبَر زِيَادَة رَوَاهَا بن الْمُنْذِرِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَمْ يُشْكِنَا.
    وَقَالَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلُّوا وَأَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ الْأَوَّلُ وَالْجَوَابُ عَنْ أَحَادِيثِ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَنَّهَا عَامَّةٌ أَوْ مُطْلَقَةٌ وَالْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ خَاصٌّ فَهُوَ مُقَدَّمٌ وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى مَنْ قَالَ التَّعْجِيلُ أَكْثَرُ مَشَقَّةً فَيَكُونُ أَفْضَلَ لِأَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي الْأَشَقِّ بَلْ قَدْ يَكُونُ الْأَخَفُّ أَفْضَلَ كَمَا فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ قَوْله بِالصَّلَاةِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ وَقِيلَ زَائِدَةٌ وَمَعْنَى أَبْرِدُوا أَخِّرُوا عَلَى سَبِيلِ التَّضْمِينِ أَيْ أَخِّرُوا الصَّلَاةَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فَقِيلَ زَائِدَةٌ أَيْضًا أَوْ عَنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَوْ هِيَ لِلْمُجَاوَزَةِ أَيْ تَجَاوَزُوا وَقْتَهَا الْمُعْتَادَ إِلَى أَنْ تَنْكَسِرَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الظُهْرُ لِأَنَّهَا الصَّلَاةُ الَّتِي يَشْتَدُّ الْحَرُّ غَالِبًا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَقَدْ جَاءَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ فَلِهَذَا حَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمُ الصَّلَاةَ عَلَى عُمُومِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُعَرَّفَ يَعُمُّ فَقَالَ بِهِ أَشْهَبُ فِي الْعَصْرِ.
    وَقَالَ بِهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي الشِّتَاءِ حَيْثُ قَالَ تُؤَخَّرُ فِي الصَّيْفِ دُونَ الشِّتَاءِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِهِ فِي الْمَغْرِبِ وَلَا فِي الصُّبْحِ لِضِيقِ وَقْتِهِمَا قَوْله فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ تَعْلِيلٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ التَّأْخِيرِ الْمَذْكُورِ وَهَلِ الْحِكْمَةُ فِيهِ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ لِكَوْنِهَا قَدْ تَسْلُبُ الْخُشُوعَ وَهَذَا أَظْهَرُ أَوْ كَوْنِهَا الْحَالَةَ الَّتِي يَنْتَشِرُ فِيهَا الْعَذَابُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ لَهُ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تُسَجَّرُ فِيهَا جَهَنَّمُ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ سَبَبُ الرَّحْمَةِ فَفِعْلَهَا مَظِنَّةٌ لِطَرْدِ الْعَذَابِ فَكَيْفَ أَمَرَ بِتَرْكِهَا وَأَجَابَ عَنْهُ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمَرِيُّ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ إِذَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَجَبَ قَبُولُهُ وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ مَعْنَاهُ وَاسْتَنْبَطَ لَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَعْنًى يُنَاسِبُهُ فَقَالَ وَقْتُ ظُهُورِ أَثَرِ الْغَضَبِ لَا يُنْجَعُ فِيهِ الطَّلَبُ إِلَّا مِمَّنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَالصَّلَاةُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ كَوْنِهَا طَلَبًا وَدُعَاءً فَنَاسَبَ الِاقْتِصَارَ عَنْهَا حِينَئِذٍ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الشَّفَاعَةِ حَيْثُ اعْتَذَرَ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ لِلْأُمَمِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ سِوَى نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَعْتَذِرْ بَلْ طَلَبَ لِكَوْنِهِ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ سَجْرُ جَهَنَّمَ سَبَبُ فَيْحِهَا وَفَيْحُهَا سَبَبُ وُجُودِ شِدَّةِ الْحَرِّ وَهُوَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ سَلْبِ الْخُشُوعِ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يُصَلَّى فِيهَا لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ سَجْرَهَا مُسْتَمِرٌّ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَالْإِبْرَادُ مُخْتَصٌّ بِشِدَّةِ الْحَرِّ فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ فَحِكْمَةُ الْإِبْرَادِ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ وَحِكْمَةُ التَّرْكِ وَقْتَ سَجْرِهَا لِكَوْنِهِ وَقْتَ ظُهُورِ أَثَرِ الْغَضَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْله مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ أَيْ مِنْ سَعَةِ انْتِشَارِهَا وَتَنَفُّسِهَا وَمِنْهُ مَكَانٌ أَفْيَحُ أَيْ مُتَّسِعٌ وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ اسْتِعَارِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَثَارَ وَهَجِ الْحَرِّ فِي الْأَرْضِ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ حَقِيقَةٌ وَقِيلَ هُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ أَيْ كَأَنَّهُ نَارُ جَهَنَّمَ فِي الْحَرِّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآتِي اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِآخَرَ عَنْ أَيُّوبَ بْنِ سُلَيْمَانَ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ وَغَيْرُهُ وَالْإِسْنَادُ كُلُّهُ مَدَنِيُّونَ قَوْله وَنَافِعٌ هُوَ بِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى الْأَعْرَجِ وَهُوَ مِنْ رِوَايَةِ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ عَنْ نَافِعٍ وَقَدْ روى بن مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الثَّقَفِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنِ بن عُمَرَ بَعْضَهُ أَبْرِدُوا بِالظُهْرِ وَرَوَى السَّرَّاجُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ بَعْضَهُ شِدَّةُ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّم قَوْله أَنَّهُمَا أَي أَبَا هُرَيْرَة وبن عُمَرَ حَدَّثَاهُ أَيْ حَدَّثَا مَنْ حَدَّثَ صَالِحَ بْنَ كَيْسَانَ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ ضَمِيرُ أَنَّهُمَا يَعُودُ عَلَى الْأَعْرَجِ وَنَافِعٍ أَيْ أَنَّ الْأَعْرَجَ وَنَافِعًا حَدَّثَاهُ أَيْ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ عَنْ شَيْخَيْهِمَا بِذَلِكَ وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ الْإِسْمَاعِيلِيِّ أَنَّهُمَا حَدَّثَا بِغَيْرِ ضَمِيرٍ فَلَا يَحْتَاجُ إِلَى التَّقْدِيرِ الْمَذْكُورِ قَوْله إِذَا اشْتَدَّ أَصْلُهُ اشْتَدَدَ بِوَزْنِ افْتَعَلَ مِنَ الشِّدَّةِ ثُمَّ أُدْغِمَتْ إِحْدَى الدَّالَيْنِ فِي الْأُخْرَى وَمَفْهُومُهُ أَنَّ الْحَرَّ إِذَا لَمْ يَشْتَدَّ لَمْ يُشْرَعُ الْإِبْرَادُ وَكَذَا لَا يُشْرَعُ فِي الْبَرْدِ مِنْ بَابِ الْأَوْلَى قَوْله فَأَبْرِدُوا بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيْ أَخِّرُوا إِلَى أَنْ يَبْرُدَ الْوَقْتُ يُقَالُ أَبْرَدَ إِذَا دَخَلَ فِي الْبَرْدِ كَأَظْهَرَ إِذَا دَخَلَ فِي الظَّهِيرَةِ وَمِثْلُهُ فِي الْمَكَانِ أَنْجَدَ إِذَا دَخَلَ نَجْدًا وَأَتْهَمَ إِذَا دَخَلَ تِهَامَةَ وَالْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ أَمْرُ اسْتِحْبَابٍ وَقِيلَ أَمْرُ إِرْشَادٍ وَقِيلَ بَلْ هُوَ لِلْوُجُوبِ حَكَاهُ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ وَغَفَلَ الْكِرْمَانِيُّ فَنَقَلَ الْإِجْمَاعَ عَلَى عَدَمِ الْوُجُوبِ نَعَمْ قَالَ جُمْهُورُ أَهْلِ الْعِلْمِ يُسْتَحَبُّ تَأْخِيرُ الظُهْرِ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ إِلَى أَنْ يَبْرُدَ الْوَقْتُ وَيَنْكَسِرَ الْوَهَجُ وَخَصَّهُ بَعْضُهُمْ بِالْجَمَاعَةِ فَأَمَّا الْمُنْفَرِدُ فَالتَّعْجِيلُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ وَهَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيِّ أَيْضًا لَكِنْ خَصَّهُ بِالْبَلَدِ الْحَارِّ وَقَيَّدَ الْجَمَاعَةَ بِمَا إِذَا كَانُوا يَنْتَابُونَ مَسْجِدًا مِنْ بُعْدٍ فَلَوْ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ كَانُوا يَمْشُونَ فِي كِنٍّ فَالْأَفْضَلُ فِي حَقِّهِمُ التَّعْجِيلُ وَالْمَشْهُورُ عَنْ أَحْمَدَ التَّسْوِيَةُ مِنْ غَيْرِ تَخْصِيصٍ وَلَا قَيْدٍ وَهُوَ قَول إِسْحَاق والكوفيين وبن الْمُنْذِرِ وَاسْتَدَلَّ لَهُ التِّرْمِذِيُّ بِحَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ الْآتِي بَعْدَ هَذَا لِأَنَّ فِي رِوَايَتِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي سَفَرٍ وَهِيَ رِوَايَةٌ لِلْمُصَنِّفِ أَيْضًا سَتَأْتِي قَرِيبًا قَالَ فَلَوْ كَانَ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الشَّافِعِيُّ لَمْ يَأْمُرْ بِالْإِبْرَادِ لِاجْتِمَاعِهِمْ فِي السَّفَرِ وَكَانُوا لَا يَحْتَاجُونَ إِلَى أَنْ يَنْتَابُوا مِنَ الْبُعْدِ قَالَ التِّرْمِذِيُّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى لِلِاتِّبَاعِ وَتَعَقَّبَهُ الْكِرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْعَسْكَرِ الْكَثِيرِ تَفْرِقَتُهُمْ فِي أَطْرَافِ الْمَنْزِلِ لِلتَّخْفِيفِ وَطَلَبِ الرَّعْيِ فَلَا نُسَلِّمُ اجْتِمَاعَهُمْ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ انْتَهَى وَأَيْضًا فَلَمْ تَجْرِ عَادَتُهُمْ بِاتِّخَاذِ خِبَاءٍ كَبِيرٍ يَجْمَعُهُمْ بَلْ كَانُوا يَتَفَرَّقُونَ فِي ظِلَالِ الشَّجَرِ وَلَيْسَ هُنَاكَ كِنٌّ يَمْشُونَ فِيهِ فَلَيْسَ فِي سِيَاقِ الْحَدِيثِ مَا يُخَالِفُ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ وَغَايَتُهُ أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنَ النَّصِّ الْعَامِّ وَهُوَ الْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ مَعْنًى يُخَصِّصُهُ وَذَلِكَ جَائِزٌ عَلَى الْأَصَحِّ فِي الْأُصُولِ لَكِنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي ذَلِكَ تَأَذِّيهِمْ بِالْحَرِّ فِي طَرِيقِهِمْ وَلِلْمُتَمَسِّكِ بِعُمُومِهِ أَنْ يَقُولَ الْعِلَّةُ فِيهِ تَأَذِّيهِمْ بِحَرِّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِهِمْ حَالَةَ السُّجُودِ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ أَنَسٍ كُنَّا إِذَا صَلَّيْنَا خَلْفَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالظَّهَائِرِ سَجَدْنَا عَلَى ثِيَابِنَا اتِّقَاءَ الْحَرِّ رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ وَأَصْلُهُ فِي مُسْلِمٍ وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ أَيْضًا فِي الصَّحِيحَيْنِ نَحْوَهُ وَسَيَأْتِي قَرِيبًا وَالْجَوَابُ عَنْ ذَلِكَ أَنَّ الْعِلَّةَ الْأُولَى أَظْهَرُ فَإِنَّ الْإِبْرَادَ لَا يُزِيلُ الْحَرَّ عَنِ الْأَرْضِ وَذَهَبَ بَعْضُهُمْ إِلَى أَنَّ تَعْجِيلَ الظُهْرِ أَفْضَلُ مُطْلَقًا وَقَالُوا مَعْنَى أَبْرِدُوا صَلُّوْا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَخْذًا مِنْ بَرْدِ النَّهَارِ وَهُوَ أَوَّلُهُ وَهُوَ تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ وَيَرُدُّهُ قَوْلُهُ فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ إِذِ التَّعْلِيلُ بِذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَطْلُوبَ التَّأْخِيرُ وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ الْآتِي صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ حَيْثُ قَالَ انْتَظِرِ انْتَظِرْ وَالْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى ذَلِكَ حَدِيثُ خَبَّابٍ شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ فَلَمْ يُزِلْ شَكْوَانَا وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَتَمَسَّكُوا أَيْضًا بِالْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى فَضِيلَةِ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَبِأَنَّ الصَّلَاةَ حِينَئِذٍ أَكْثَرُ مَشَقَّةً فَتَكُونُ أَفْضَلَ وَالْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ خَبَّابٍ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ طَلَبُوا تَأْخِيرًازَائِدًا عَنْ وَقْتِ الْإِبْرَادِ وَهُوَ زَوَالُ حَرِّ الرَّمْضَاءِ وَذَلِكَ قَدْ يَسْتَلْزِمُ خُرُوجَ الْوَقْتِ فَلِذَلِكَ لَمْ يُجِبْهُمْ أَوْ هُوَ مَنْسُوخٌ بِأَحَادِيثِ الْإِبْرَادِ فَإِنَّهَا مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ وَاسْتَدَلَّ لَهُ الطَّحَاوِيُّ بِحَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُهْرَ بِالْهَاجِرَةِ ثُمَّ قَالَ لَنَا أَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ الْحَدِيثَ وَهُوَ حَدِيث رِجَاله ثِقَات رَوَاهُ أَحْمد وبن ماجة وَصَححهُ بن حِبَّانَ وَنَقَلَ الْخَلَّالُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِأَنَّ الْإِبْرَادَ رُخْصَةٌ وَالتَّعْجِيلَ أَفْضَلُ وَهُوَ قَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّهُ أَمْرُ إِرْشَادٍ وَعَكَسَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ الْإِبْرَادُ أَفْضَلُ وَحَدِيثُ خَبَّابٍ يَدُلُّ عَلَى الْجَوَازِ وَهُوَ الصَّارِفُ لِلْأَمْرِ عَنِ الْوُجُوبِ كَذَا قِيلَ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ الْمَنْعُ مِنَ التَّأْخِيرِ وَقِيلَ مَعْنَى قَوْلِ خَبَّابٍ فَلَمْ يُشْكِنَا أَيْ فَلَمْ يُحْوِجْنَا إِلَى شَكْوَى بَلْ أَذِنَ لَنَا فِي الْإِبْرَادِ حُكِيَ عَنْ ثَعْلَبٍ وَيَرُدُّهُ أَن فِي الْخَبَر زِيَادَة رَوَاهَا بن الْمُنْذِرِ بَعْدَ قَوْلِهِ فَلَمْ يُشْكِنَا.
    وَقَالَ إِذَا زَالَتِ الشَّمْسُ فَصَلُّوا وَأَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ كَمَا قَالَ الْمَازِرِيُّ الْأَوَّلُ وَالْجَوَابُ عَنْ أَحَادِيثِ أَوَّلِ الْوَقْتِ أَنَّهَا عَامَّةٌ أَوْ مُطْلَقَةٌ وَالْأَمْرُ بِالْإِبْرَادِ خَاصٌّ فَهُوَ مُقَدَّمٌ وَلَا الْتِفَاتَ إِلَى مَنْ قَالَ التَّعْجِيلُ أَكْثَرُ مَشَقَّةً فَيَكُونُ أَفْضَلَ لِأَنَّ الْأَفْضَلِيَّةَ لَمْ تَنْحَصِرْ فِي الْأَشَقِّ بَلْ قَدْ يَكُونُ الْأَخَفُّ أَفْضَلَ كَمَا فِي قَصْرِ الصَّلَاةِ فِي السَّفَرِ قَوْله بِالصَّلَاةِ كَذَا لِلْأَكْثَرِ وَالْبَاءُ لِلتَّعْدِيَةِ وَقِيلَ زَائِدَةٌ وَمَعْنَى أَبْرِدُوا أَخِّرُوا عَلَى سَبِيلِ التَّضْمِينِ أَيْ أَخِّرُوا الصَّلَاةَ وَفِي رِوَايَةِ الْكُشْمِيهَنِيِّ عَنِ الصَّلَاةِ فَقِيلَ زَائِدَةٌ أَيْضًا أَوْ عَنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ أَوْ هِيَ لِلْمُجَاوَزَةِ أَيْ تَجَاوَزُوا وَقْتَهَا الْمُعْتَادَ إِلَى أَنْ تَنْكَسِرَ شِدَّةُ الْحَرِّ وَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الظُهْرُ لِأَنَّهَا الصَّلَاةُ الَّتِي يَشْتَدُّ الْحَرُّ غَالِبًا فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا وَقَدْ جَاءَ صَرِيحًا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ كَمَا سَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ فَلِهَذَا حَمَلَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّرْجَمَةِ الْمُطْلَقَ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    وَقَدْ حَمَلَ بَعْضُهُمُ الصَّلَاةَ عَلَى عُمُومِهَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُفْرَدَ الْمُعَرَّفَ يَعُمُّ فَقَالَ بِهِ أَشْهَبُ فِي الْعَصْرِ.
    وَقَالَ بِهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُ فِي الشِّتَاءِ حَيْثُ قَالَ تُؤَخَّرُ فِي الصَّيْفِ دُونَ الشِّتَاءِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِهِ فِي الْمَغْرِبِ وَلَا فِي الصُّبْحِ لِضِيقِ وَقْتِهِمَا قَوْله فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ تَعْلِيلٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ التَّأْخِيرِ الْمَذْكُورِ وَهَلِ الْحِكْمَةُ فِيهِ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ لِكَوْنِهَا قَدْ تَسْلُبُ الْخُشُوعَ وَهَذَا أَظْهَرُ أَوْ كَوْنِهَا الْحَالَةَ الَّتِي يَنْتَشِرُ فِيهَا الْعَذَابُ وَيُؤَيِّدُهُ حَدِيثُ عَمْرِو بْنِ عَبَسَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ لَهُ أَقْصِرْ عَنِ الصَّلَاةِ عِنْدَ اسْتِوَاءِ الشَّمْسِ فَإِنَّهَا سَاعَةٌ تُسَجَّرُ فِيهَا جَهَنَّمُ وَقَدِ اسْتُشْكِلَ هَذَا بِأَنَّ الصَّلَاةَ سَبَبُ الرَّحْمَةِ فَفِعْلَهَا مَظِنَّةٌ لِطَرْدِ الْعَذَابِ فَكَيْفَ أَمَرَ بِتَرْكِهَا وَأَجَابَ عَنْهُ أَبُو الْفَتْحِ الْيَعْمَرِيُّ بِأَنَّ التَّعْلِيلَ إِذَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَجَبَ قَبُولُهُ وَإِنْ لَمْ يُفْهَمْ مَعْنَاهُ وَاسْتَنْبَطَ لَهُ الزَّيْنُ بْنُ الْمُنِيرِ مَعْنًى يُنَاسِبُهُ فَقَالَ وَقْتُ ظُهُورِ أَثَرِ الْغَضَبِ لَا يُنْجَعُ فِيهِ الطَّلَبُ إِلَّا مِمَّنْ أَذِنَ لَهُ فِيهِ وَالصَّلَاةُ لَا تَنْفَكُّ عَنْ كَوْنِهَا طَلَبًا وَدُعَاءً فَنَاسَبَ الِاقْتِصَارَ عَنْهَا حِينَئِذٍ وَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ الشَّفَاعَةِ حَيْثُ اعْتَذَرَ الْأَنْبِيَاءُ كُلُّهُمْ لِلْأُمَمِ بِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى غَضِبَ غَضَبًا لَمْ يَغْضَبْ قَبْلَهُ مِثْلَهُ وَلَا يَغْضَبُ بَعْدَهُ مِثْلَهُ سِوَى نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يَعْتَذِرْ بَلْ طَلَبَ لِكَوْنِهِ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ سَجْرُ جَهَنَّمَ سَبَبُ فَيْحِهَا وَفَيْحُهَا سَبَبُ وُجُودِ شِدَّةِ الْحَرِّ وَهُوَ مَظِنَّةُ الْمَشَقَّةِ الَّتِي هِيَ مَظِنَّةُ سَلْبِ الْخُشُوعِ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يُصَلَّى فِيهَا لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ سَجْرَهَا مُسْتَمِرٌّ فِي جَمِيعِ السَّنَةِ وَالْإِبْرَادُ مُخْتَصٌّ بِشِدَّةِ الْحَرِّ فَهُمَا مُتَغَايِرَانِ فَحِكْمَةُ الْإِبْرَادِ دَفْعُ الْمَشَقَّةِ وَحِكْمَةُ التَّرْكِ وَقْتَ سَجْرِهَا لِكَوْنِهِ وَقْتَ ظُهُورِ أَثَرِ الْغَضَبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
    قَوْله مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ أَيْ مِنْ سَعَةِ انْتِشَارِهَا وَتَنَفُّسِهَا وَمِنْهُ مَكَانٌ أَفْيَحُ أَيْ مُتَّسِعٌ وَهَذَا كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ اسْتِعَارِهَا وَظَاهِرُهُ أَنَّ مَثَارَ وَهَجِ الْحَرِّ فِي الْأَرْضِ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ حَقِيقَةٌ وَقِيلَ هُوَ مِنْ مَجَازِ التَّشْبِيهِ أَيْ كَأَنَّهُ نَارُ جَهَنَّمَ فِي الْحَرِّ وَالْأَوَّلُ أَوْلَى وَيُؤَيِّدُهُ الْحَدِيثُ الْآتِي اشْتَكَتِ النَّارُ إِلَى رَبِّهَا فَأَذِنَ لَهَا بِنَفَسَيْنِ وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ فِيهِالْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَيَجْمَعُ فَضِيلَتَيْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ فَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَهَلِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا واختلفوا في الراجح وقد أوضحته فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ الِانْتِظَارِ إِنْ لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ الْكَلِمَةُ وَتَقَعَ الْفِتْنَةُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ تَكُونُ الْأُولَى فَرِيضَةً وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَذْهَبِنَا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الْفَرْضَ هِيَ الْأُولَى لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخِطَابَ سَقَطَ بِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْفَرْضَ أَكْمَلَهُمَا وَالثَّالِثُ كِلَاهُمَا فَرْضٌ وَالرَّابِعُ الْفَرْضُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْإِبْهَامِ يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَلَاةٍ وَصَلَاةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَفْلٌ وَلَا تَنَفُّلَ بَعْدَهُمَا وَوَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ لِئَلَّا تَصِيرَ شَفْعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ دَلِيلٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ مَعْنَاهُ إِذَا عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِمْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ إِنْ صَلُّوهَا لِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا أَيْضًا مَعَهُمْ وَتَكُونُ صَلَاتُكَ مَعَهُمْ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ بِفِعْلِكَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ حَصَّلْتَهَا وَصُنْتَهَا وَاحْتَطْتَ لها قولهأَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ أَيْ مُقَطَّعَ الْأَطْرَافِ وَالْجَدْعُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَطْعُ وَالْمُجَدَّعُ أَرْدَأُ الْعَبِيدِ لِخِسَّتِهِ وَقِلَّةِ قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ وَنُفْرَةِ النَّاسِ مِنْهُ وَفِي هَذَا الْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْعَبْدُ إِمَامًا وَشَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيمَ الْأَطْرَافِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَغَيْرَهَا إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْإِمَامَةُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاسَ لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّةِ بَأْسِهِ وَأَعْوَانِهِ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَانْتَصَبَ إِمَامًا فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تَنْفُذُ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا الْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ إِمَامًا بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ أَوِ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلَّوْا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ وَإِلَّا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اذْهَبْ لِحَاجَتِكَ فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ مَعْنَاهُ صَلِّ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَصَرَّفْ فِي شُغْلِكَ فَإِنْ صَادَفْتَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّوْا أَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ وَإِنْ ادْرَكْتَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَتَكُونُ هَذِهِ الثَّانِيَةُ لَكَ نَافِلَةً قَوْلُهُ وَضَرَبَ فَخِذِي أَيْ لِلتَّنْبِيهِ وَجَمْعِ الذِّهْنِ عَلَى مَا يَقُولهُ لَهُقَوْلُهُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ كَانَ يَبْرِي النَّبْلَ وَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ فَيْرُوزَ الْبَصْرِيُّ وَقِيلَ اسْمُهُ كُلْثُومٌ تُوُفِّيَ يوم الاثنين في شوال سنة تسعينالْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَيَجْمَعُ فَضِيلَتَيْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ فَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَهَلِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا واختلفوا في الراجح وقد أوضحته فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ الِانْتِظَارِ إِنْ لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ الْكَلِمَةُ وَتَقَعَ الْفِتْنَةُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ تَكُونُ الْأُولَى فَرِيضَةً وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَذْهَبِنَا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الْفَرْضَ هِيَ الْأُولَى لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخِطَابَ سَقَطَ بِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْفَرْضَ أَكْمَلَهُمَا وَالثَّالِثُ كِلَاهُمَا فَرْضٌ وَالرَّابِعُ الْفَرْضُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْإِبْهَامِ يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَلَاةٍ وَصَلَاةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَفْلٌ وَلَا تَنَفُّلَ بَعْدَهُمَا وَوَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ لِئَلَّا تَصِيرَ شَفْعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ دَلِيلٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ مَعْنَاهُ إِذَا عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِمْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ إِنْ صَلُّوهَا لِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا أَيْضًا مَعَهُمْ وَتَكُونُ صَلَاتُكَ مَعَهُمْ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ بِفِعْلِكَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ حَصَّلْتَهَا وَصُنْتَهَا وَاحْتَطْتَ لها قولهأَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ أَيْ مُقَطَّعَ الْأَطْرَافِ وَالْجَدْعُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَطْعُ وَالْمُجَدَّعُ أَرْدَأُ الْعَبِيدِ لِخِسَّتِهِ وَقِلَّةِ قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ وَنُفْرَةِ النَّاسِ مِنْهُ وَفِي هَذَا الْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْعَبْدُ إِمَامًا وَشَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيمَ الْأَطْرَافِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَغَيْرَهَا إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْإِمَامَةُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاسَ لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّةِ بَأْسِهِ وَأَعْوَانِهِ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَانْتَصَبَ إِمَامًا فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تَنْفُذُ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا الْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ إِمَامًا بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ أَوِ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلَّوْا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ وَإِلَّا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اذْهَبْ لِحَاجَتِكَ فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ مَعْنَاهُ صَلِّ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَصَرَّفْ فِي شُغْلِكَ فَإِنْ صَادَفْتَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّوْا أَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ وَإِنْ ادْرَكْتَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَتَكُونُ هَذِهِ الثَّانِيَةُ لَكَ نَافِلَةً قَوْلُهُ وَضَرَبَ فَخِذِي أَيْ لِلتَّنْبِيهِ وَجَمْعِ الذِّهْنِ عَلَى مَا يَقُولهُ لَهُقَوْلُهُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ كَانَ يَبْرِي النَّبْلَ وَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ فَيْرُوزَ الْبَصْرِيُّ وَقِيلَ اسْمُهُ كُلْثُومٌ تُوُفِّيَ يوم الاثنين في شوال سنة تسعينالْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَيَجْمَعُ فَضِيلَتَيْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ فَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَهَلِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا واختلفوا في الراجح وقد أوضحته فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ الِانْتِظَارِ إِنْ لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ الْكَلِمَةُ وَتَقَعَ الْفِتْنَةُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ تَكُونُ الْأُولَى فَرِيضَةً وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَذْهَبِنَا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الْفَرْضَ هِيَ الْأُولَى لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخِطَابَ سَقَطَ بِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْفَرْضَ أَكْمَلَهُمَا وَالثَّالِثُ كِلَاهُمَا فَرْضٌ وَالرَّابِعُ الْفَرْضُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْإِبْهَامِ يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَلَاةٍ وَصَلَاةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَفْلٌ وَلَا تَنَفُّلَ بَعْدَهُمَا وَوَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ لِئَلَّا تَصِيرَ شَفْعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ دَلِيلٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ مَعْنَاهُ إِذَا عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِمْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ إِنْ صَلُّوهَا لِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا أَيْضًا مَعَهُمْ وَتَكُونُ صَلَاتُكَ مَعَهُمْ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ بِفِعْلِكَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ حَصَّلْتَهَا وَصُنْتَهَا وَاحْتَطْتَ لها قولهأَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ أَيْ مُقَطَّعَ الْأَطْرَافِ وَالْجَدْعُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَطْعُ وَالْمُجَدَّعُ أَرْدَأُ الْعَبِيدِ لِخِسَّتِهِ وَقِلَّةِ قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ وَنُفْرَةِ النَّاسِ مِنْهُ وَفِي هَذَا الْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْعَبْدُ إِمَامًا وَشَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيمَ الْأَطْرَافِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَغَيْرَهَا إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْإِمَامَةُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاسَ لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّةِ بَأْسِهِ وَأَعْوَانِهِ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَانْتَصَبَ إِمَامًا فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تَنْفُذُ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا الْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ إِمَامًا بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ أَوِ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلَّوْا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ وَإِلَّا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اذْهَبْ لِحَاجَتِكَ فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ مَعْنَاهُ صَلِّ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَصَرَّفْ فِي شُغْلِكَ فَإِنْ صَادَفْتَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّوْا أَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ وَإِنْ ادْرَكْتَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَتَكُونُ هَذِهِ الثَّانِيَةُ لَكَ نَافِلَةً قَوْلُهُ وَضَرَبَ فَخِذِي أَيْ لِلتَّنْبِيهِ وَجَمْعِ الذِّهْنِ عَلَى مَا يَقُولهُ لَهُقَوْلُهُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ كَانَ يَبْرِي النَّبْلَ وَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ فَيْرُوزَ الْبَصْرِيُّ وَقِيلَ اسْمُهُ كُلْثُومٌ تُوُفِّيَ يوم الاثنين في شوال سنة تسعينالْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَيَجْمَعُ فَضِيلَتَيْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ فَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَهَلِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا واختلفوا في الراجح وقد أوضحته فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ الِانْتِظَارِ إِنْ لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ الْكَلِمَةُ وَتَقَعَ الْفِتْنَةُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ تَكُونُ الْأُولَى فَرِيضَةً وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَذْهَبِنَا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الْفَرْضَ هِيَ الْأُولَى لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخِطَابَ سَقَطَ بِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْفَرْضَ أَكْمَلَهُمَا وَالثَّالِثُ كِلَاهُمَا فَرْضٌ وَالرَّابِعُ الْفَرْضُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْإِبْهَامِ يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَلَاةٍ وَصَلَاةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَفْلٌ وَلَا تَنَفُّلَ بَعْدَهُمَا وَوَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ لِئَلَّا تَصِيرَ شَفْعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ دَلِيلٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ مَعْنَاهُ إِذَا عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِمْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ إِنْ صَلُّوهَا لِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا أَيْضًا مَعَهُمْ وَتَكُونُ صَلَاتُكَ مَعَهُمْ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ بِفِعْلِكَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ حَصَّلْتَهَا وَصُنْتَهَا وَاحْتَطْتَ لها قولهأَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ أَيْ مُقَطَّعَ الْأَطْرَافِ وَالْجَدْعُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَطْعُ وَالْمُجَدَّعُ أَرْدَأُ الْعَبِيدِ لِخِسَّتِهِ وَقِلَّةِ قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ وَنُفْرَةِ النَّاسِ مِنْهُ وَفِي هَذَا الْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْعَبْدُ إِمَامًا وَشَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيمَ الْأَطْرَافِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَغَيْرَهَا إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْإِمَامَةُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاسَ لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّةِ بَأْسِهِ وَأَعْوَانِهِ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَانْتَصَبَ إِمَامًا فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تَنْفُذُ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا الْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ إِمَامًا بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ أَوِ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلَّوْا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ وَإِلَّا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اذْهَبْ لِحَاجَتِكَ فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ مَعْنَاهُ صَلِّ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَصَرَّفْ فِي شُغْلِكَ فَإِنْ صَادَفْتَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّوْا أَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ وَإِنْ ادْرَكْتَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَتَكُونُ هَذِهِ الثَّانِيَةُ لَكَ نَافِلَةً قَوْلُهُ وَضَرَبَ فَخِذِي أَيْ لِلتَّنْبِيهِ وَجَمْعِ الذِّهْنِ عَلَى مَا يَقُولهُ لَهُقَوْلُهُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ كَانَ يَبْرِي النَّبْلَ وَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ فَيْرُوزَ الْبَصْرِيُّ وَقِيلَ اسْمُهُ كُلْثُومٌ تُوُفِّيَ يوم الاثنين في شوال سنة تسعينالْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَيَجْمَعُ فَضِيلَتَيْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ فَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَهَلِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا واختلفوا في الراجح وقد أوضحته فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ الِانْتِظَارِ إِنْ لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ الْكَلِمَةُ وَتَقَعَ الْفِتْنَةُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ تَكُونُ الْأُولَى فَرِيضَةً وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَذْهَبِنَا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الْفَرْضَ هِيَ الْأُولَى لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخِطَابَ سَقَطَ بِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْفَرْضَ أَكْمَلَهُمَا وَالثَّالِثُ كِلَاهُمَا فَرْضٌ وَالرَّابِعُ الْفَرْضُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْإِبْهَامِ يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَلَاةٍ وَصَلَاةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَفْلٌ وَلَا تَنَفُّلَ بَعْدَهُمَا وَوَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ لِئَلَّا تَصِيرَ شَفْعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ دَلِيلٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ مَعْنَاهُ إِذَا عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِمْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ إِنْ صَلُّوهَا لِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا أَيْضًا مَعَهُمْ وَتَكُونُ صَلَاتُكَ مَعَهُمْ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ بِفِعْلِكَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ حَصَّلْتَهَا وَصُنْتَهَا وَاحْتَطْتَ لها قولهأَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ أَيْ مُقَطَّعَ الْأَطْرَافِ وَالْجَدْعُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَطْعُ وَالْمُجَدَّعُ أَرْدَأُ الْعَبِيدِ لِخِسَّتِهِ وَقِلَّةِ قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ وَنُفْرَةِ النَّاسِ مِنْهُ وَفِي هَذَا الْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْعَبْدُ إِمَامًا وَشَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيمَ الْأَطْرَافِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَغَيْرَهَا إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْإِمَامَةُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاسَ لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّةِ بَأْسِهِ وَأَعْوَانِهِ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَانْتَصَبَ إِمَامًا فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تَنْفُذُ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا الْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ إِمَامًا بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ أَوِ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلَّوْا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ وَإِلَّا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اذْهَبْ لِحَاجَتِكَ فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ مَعْنَاهُ صَلِّ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَصَرَّفْ فِي شُغْلِكَ فَإِنْ صَادَفْتَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّوْا أَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ وَإِنْ ادْرَكْتَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَتَكُونُ هَذِهِ الثَّانِيَةُ لَكَ نَافِلَةً قَوْلُهُ وَضَرَبَ فَخِذِي أَيْ لِلتَّنْبِيهِ وَجَمْعِ الذِّهْنِ عَلَى مَا يَقُولهُ لَهُقَوْلُهُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ كَانَ يَبْرِي النَّبْلَ وَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ فَيْرُوزَ الْبَصْرِيُّ وَقِيلَ اسْمُهُ كُلْثُومٌ تُوُفِّيَ يوم الاثنين في شوال سنة تسعينالْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَيَجْمَعُ فَضِيلَتَيْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ فَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَهَلِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا واختلفوا في الراجح وقد أوضحته فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ الِانْتِظَارِ إِنْ لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ الْكَلِمَةُ وَتَقَعَ الْفِتْنَةُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ تَكُونُ الْأُولَى فَرِيضَةً وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَذْهَبِنَا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الْفَرْضَ هِيَ الْأُولَى لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخِطَابَ سَقَطَ بِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْفَرْضَ أَكْمَلَهُمَا وَالثَّالِثُ كِلَاهُمَا فَرْضٌ وَالرَّابِعُ الْفَرْضُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْإِبْهَامِ يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَلَاةٍ وَصَلَاةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَفْلٌ وَلَا تَنَفُّلَ بَعْدَهُمَا وَوَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ لِئَلَّا تَصِيرَ شَفْعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ دَلِيلٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ مَعْنَاهُ إِذَا عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِمْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ إِنْ صَلُّوهَا لِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا أَيْضًا مَعَهُمْ وَتَكُونُ صَلَاتُكَ مَعَهُمْ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ بِفِعْلِكَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ حَصَّلْتَهَا وَصُنْتَهَا وَاحْتَطْتَ لها قولهأَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ أَيْ مُقَطَّعَ الْأَطْرَافِ وَالْجَدْعُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَطْعُ وَالْمُجَدَّعُ أَرْدَأُ الْعَبِيدِ لِخِسَّتِهِ وَقِلَّةِ قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ وَنُفْرَةِ النَّاسِ مِنْهُ وَفِي هَذَا الْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْعَبْدُ إِمَامًا وَشَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيمَ الْأَطْرَافِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَغَيْرَهَا إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْإِمَامَةُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاسَ لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّةِ بَأْسِهِ وَأَعْوَانِهِ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَانْتَصَبَ إِمَامًا فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تَنْفُذُ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا الْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ إِمَامًا بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ أَوِ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلَّوْا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ وَإِلَّا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اذْهَبْ لِحَاجَتِكَ فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ مَعْنَاهُ صَلِّ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَصَرَّفْ فِي شُغْلِكَ فَإِنْ صَادَفْتَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّوْا أَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ وَإِنْ ادْرَكْتَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَتَكُونُ هَذِهِ الثَّانِيَةُ لَكَ نَافِلَةً قَوْلُهُ وَضَرَبَ فَخِذِي أَيْ لِلتَّنْبِيهِ وَجَمْعِ الذِّهْنِ عَلَى مَا يَقُولهُ لَهُقَوْلُهُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ كَانَ يَبْرِي النَّبْلَ وَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ فَيْرُوزَ الْبَصْرِيُّ وَقِيلَ اسْمُهُ كُلْثُومٌ تُوُفِّيَ يوم الاثنين في شوال سنة تسعينالْحَثُّ عَلَى الصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ وَفِيهِ أَنَّ الْإِمَامَ إِذَا أَخَّرَهَا عَنْ أَوَّلِ وَقْتِهَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَأْمُومِ أَنْ يُصَلِّيَهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ مُنْفَرِدًا ثُمَّ يُصَلِّيهَا مَعَ الْإِمَامِ فَيَجْمَعُ فَضِيلَتَيْ أَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ فَلَوْ أَرَادَ الِاقْتِصَارَ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَهَلِ الْأَفْضَلُ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا مُنْفَرِدًا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَمِ الِاقْتِصَارُ عَلَى فِعْلِهَا جَمَاعَةً فِي آخِرِ الْوَقْتِ فِيهِ خِلَافٌ مَشْهُورٌ لِأَصْحَابِنَا واختلفوا في الراجح وقد أوضحته فِي بَابِ التَّيَمُّمِ مِنْ شَرْحِ الْمُهَذَّبِ وَالْمُخْتَارُ اسْتِحْبَابُ الِانْتِظَارِ إِنْ لَمْ يَفْحُشِ التَّأْخِيرُ وَفِيهِ الْحَثُّ عَلَى مُوَافَقَةِ الْأُمَرَاءِ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ لِئَلَّا تَتَفَرَّقَ الْكَلِمَةُ وَتَقَعَ الْفِتْنَةُ وَلِهَذَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ وَفِيهِ أَنَّ الصَّلَاةَ الَّتِي يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ تَكُونُ الْأُولَى فَرِيضَةً وَالثَّانِيَةُ نَفْلًا وَهَذَا الْحَدِيثُ صَرِيحٌ فِي ذَلِكَ وَقَدْ جَاءَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ أَيْضًا وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَفِي مَذْهَبِنَا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الصَّحِيحُ أَنَّ الْفَرْضَ هِيَ الْأُولَى لِلْحَدِيثِ وَلِأَنَّ الْخِطَابَ سَقَطَ بِهَا وَالثَّانِي أَنَّ الْفَرْضَ أَكْمَلَهُمَا وَالثَّالِثُ كِلَاهُمَا فَرْضٌ وَالرَّابِعُ الْفَرْضُ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْإِبْهَامِ يَحْتَسِبُ اللَّهُ تَعَالَى بِأَيَّتِهِمَا شَاءَ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِعَادَةِ الصُّبْحِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ كَبَاقِي الصَّلَوَاتِ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَطْلَقَ الْأَمْرَ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَلَاةٍ وَصَلَاةٍ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا وَلَنَا وَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الصُّبْحَ وَالْعَصْرَ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ نَفْلٌ وَلَا تَنَفُّلَ بَعْدَهُمَا وَوَجْهٌ أَنَّهُ لَا يُعِيدُ الْمَغْرِبَ لِئَلَّا تَصِيرَ شَفْعًا وَهُوَ ضَعِيفٌ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّهُ سَيَكُونُ بَعْدِي أُمَرَاءُ يُمِيتُونَ الصَّلَاةَ فِيهِ دَلِيلٌ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ وَقَدْ وَقَعَ هَذَا فِي زَمَنِ بَنِي أُمَيَّةَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا فَإِنْ صَلَّيْتَ لِوَقْتِهَا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ مَعْنَاهُ إِذَا عَلِمْتَ مِنْ حَالِهِمْ تَأْخِيرَهَا عَنْ وَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا لِأَوَّلِ وَقْتِهَا ثُمَّ إِنْ صَلُّوهَا لِوَقْتِهَا الْمُخْتَارِ فَصَلِّهَا أَيْضًا مَعَهُمْ وَتَكُونُ صَلَاتُكَ مَعَهُمْ نَافِلَةً وَإِلَّا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ بِفِعْلِكَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَيْ حَصَّلْتَهَا وَصُنْتَهَا وَاحْتَطْتَ لها قولهأَوْصَانِي خَلِيلِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الْأَطْرَافِ أَيْ مُقَطَّعَ الْأَطْرَافِ وَالْجَدْعُ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَطْعُ وَالْمُجَدَّعُ أَرْدَأُ الْعَبِيدِ لِخِسَّتِهِ وَقِلَّةِ قِيمَتِهِ وَمَنْفَعَتِهِ وَنُفْرَةِ النَّاسِ مِنْهُ وَفِي هَذَا الْحَثُّ عَلَى طَاعَةِ وُلَاةِ الْأُمُورِ مَا لَمْ تَكُنْ مَعْصِيَةً فَإِنْ قِيلَ كَيْفَ يَكُونُ الْعَبْدُ إِمَامًا وَشَرْطُ الْإِمَامِ أَنْ يَكُونَ حُرًّا قُرَشِيًّا سَلِيمَ الْأَطْرَافِ فَالْجَوَابُ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّ هَذِهِ الشُّرُوطَ وَغَيْرَهَا إِنَّمَا تُشْتَرَطُ فِيمَنْ تُعْقَدُ لَهُ الْإِمَامَةُ بِاخْتِيَارِ أَهْلِ الْحَلِّ وَالْعَقْدِ وَأَمَّا مَنْ قَهَرَ النَّاسَ لِشَوْكَتِهِ وَقُوَّةِ بَأْسِهِ وَأَعْوَانِهِ وَاسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ وَانْتَصَبَ إِمَامًا فَإِنَّ أَحْكَامَهُ تَنْفُذُ وَتَجِبُ طَاعَتُهُ وَتَحْرُمُ مُخَالَفَتُهُ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ عَبْدًا كَانَ أَوْ حُرًّا أَوْ فَاسِقًا بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا الْجَوَابُ الثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَكُونُ إِمَامًا بَلْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ يُفَوِّضُ إِلَيْهِ الْإِمَامُ أَمْرًا مِنَ الْأُمُورِ أَوِ اسْتِيفَاءَ حَقٍّ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلَّوْا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلَاتَكَ وَإِلَّا كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى صَلِّ الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا ثُمَّ اذْهَبْ لِحَاجَتِكَ فَإِنْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتَ فِي الْمَسْجِدِ فَصَلِّ مَعْنَاهُ صَلِّ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَتَصَرَّفْ فِي شُغْلِكَ فَإِنْ صَادَفْتَهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ وَقَدْ صَلَّوْا أَجْزَأَتْكَ صَلَاتُكَ وَإِنْ ادْرَكْتَ الصَّلَاةَ مَعَهُمْ فَصَلِّ مَعَهُمْ وَتَكُونُ هَذِهِ الثَّانِيَةُ لَكَ نَافِلَةً قَوْلُهُ وَضَرَبَ فَخِذِي أَيْ لِلتَّنْبِيهِ وَجَمْعِ الذِّهْنِ عَلَى مَا يَقُولهُ لَهُقَوْلُهُ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ الْبَرَّاءِ هُوَ بِتَشْدِيدِ الرَّاءِ وَبِالْمَدِّ كَانَ يَبْرِي النَّبْلَ وَاسْمُهُ زِيَادُ بْنُ فَيْرُوزَ الْبَصْرِيُّ وَقِيلَ اسْمُهُ كُلْثُومٌ تُوُفِّيَ يوم الاثنين في شوال سنة تسعينالدستوَائي قَوْله.
    وَقَالَ سعيد أَي بن أَبِي عَرُوبَةَ عَنْ قَتَادَةَ أَيْ بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُورِ وَطَرِيقه مَوْصُولَة عِنْد الإِمَام أَحْمد وبن حِبَّانَ وَقَوْلُهُ فِيهَا قُدَّامَهُ أَوْ بَيْنَ يَدَيْهِ شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي قَوْله.
    وَقَالَ شُعْبَةُ أَيْ عَنْ قَتَادَةَ بِالْإِسْنَادِ أَيْضًا وَطَرِيقُهُ مَوْصُولَةٌ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ آدَمَ عَنْهُ وَتَقَدَّمَ أَيْضًا فِي بَابِ حَكِّ الْمُخَاطِ مِنَ الْمَسْجِدِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عُمَرَ عَنْ شُعْبَةَ وَأَرَادَ بِهَذَيْنِ التَّعْلِيقَيْنِ بَيَانَ اخْتِلَافِ أَلْفَاظِ أَصْحَابِ قَتَادَةَ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَرِوَايَةُ شُعْبَةَ أَتَمُّ الرِّوَايَاتِ لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا الْمُنَاجَاةُ.
    وَقَالَ الْكِرْمَانِيُّ لَيْسَ هَذَا التَّعْلِيقُ مَوْقُوفًا عَلَى قَتَادَةَ وَلَا عَلَى شُعْبَةَ يَعْنِي بَلْ هِيَ مَرْفُوعَةٌ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ وَيُحْتَمَلُ الدُّخُولُ تَحْتَ الْإِسْنَادِ السَّابِقِ بِأَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ مَثَلًا حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ حَدَّثَنَا هِشَامٌ وَحَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ قَالَ سَعِيدٌ وَحَدَّثَنَا مُسْلِمٌ قَالَ قَالَ شُعْبَةُ انْتَهَى وَهُوَ احْتِمَالٌ ضَعِيفٌ بِالنِّسْبَةِ لِشُعْبَةَ فَإِنَّ مُسْلِمَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ سَمِعَ مِنْهُ وَبَاطِلٌ بِالنِّسْبَةِ لِسَعِيدٍ فَإِنَّهُ لَا رِوَايَةَ لَهُ عَنْهُ وَالَّذِي ذَكَرْتُهُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَكَذَا طَرِيقُ حُمَيْدٍ وَصَلَهَا الْمُؤَلِّفُ فِي أَوَّلِ أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْهُ لَكِنْ لَيْسَ فِيهَا قَوْلُهُ وَلَا عَنْ يَمِينِهِ

    [533]ولكن الرواية بالمناولة جائزة عند الأكثرين. وقد ذكر الطبراني أن هذا الحديث تفرد به أيوب بهذا الإسناد. ولكن قد روي حديث الأعرج، عن أبي هريرة من غير هذا الوجه. خرجه ابن ماجه عن هشام بن عمار، عن مالك، عن أبي الزناد، عنه. وهو في " الموطا" كذلك. وكذلك حديث نافع، خرجه ابن ماجة - أيضا - من طريق الثقفي، عن عبيد الله، عن نافع، عن ابن عمر، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((أبردوا بالظهر)) . الحديث الثاني:

    (بابُُ الإِبْرَادِ بِالظُّهْرِ فِي شِدَّةِ الحَرِّ)أَي: هَذَا بابُُ فِي بَيَان فضل الْإِبْرَاد بِصَلَاة الظّهْر عِنْد شدَّة الْحر، وسنفسر الْإِبْرَاد فِي الحَدِيث، وَإِنَّمَا قدم الْإِبْرَاد بِالظّهْرِ على بابُُ وَقت الظّهْر للاهتمام بِهِ.
    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:519 ... ورقمه عند البغا:533]
    - (حَدثنَا أَيُّوب بن سُلَيْمَان قَالَ حَدثنَا أَبُو بكر عَن سُلَيْمَان قَالَ صَالح بن كيسَان حَدثنَا الْأَعْرَج عبد الرَّحْمَن وَغَيره عَن أبي هُرَيْرَة وَنَافِع مولى عبد الله بن عمر عَن عبد الله بن عمر أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَن رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أَنه قَالَ إِذا اشْتَدَّ الْحر فأبردوا بِالصَّلَاةِ فَإِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم) مطابقته للتَّرْجَمَة من حَيْثُ أَن المُرَاد بقوله " فأبردوا بِالصَّلَاةِ " هِيَ صَلَاة الظّهْر لِأَن الْإِبْرَاد إِنَّمَا يكون فِي وَقت يشْتَد الْحر فِيهِ وَذَلِكَ وَقت الظّهْر وَلِهَذَا صرح بِالظّهْرِ فِي حَدِيث أبي سعيد حَيْثُ قَالَ " أبردوا بِالظّهْرِ فَإِن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم " على مَا يَأْتِي فِي آخر هَذَا الْبابُُ فَالْبُخَارِي حمل الْمُطلق على الْمُقَيد فِي هَذِه التَّرْجَمَة. (ذكر رِجَاله) وهم ثَمَانِيَة. الأول أَيُّوب بن سُلَيْمَان بن بِلَال الْمدنِي مَاتَ سنة أَربع وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ. الثَّانِي أَبُو بكر واسْمه عبد الحميد بن أبي أويس الأصبحي توفّي سنة ثِنْتَيْنِ وَمِائَة. الثَّالِث سُلَيْمَان بن بِلَال وَالِد أَيُّوب الْمَذْكُور. الرَّابِع صَالح بن كيسَان. الْخَامِس الْأَعْرَج وَهُوَ عبد الرَّحْمَن بن هُرْمُز. السَّادِس نَافِع مولى ابْن عمر. السَّابِع أَبُو هُرَيْرَة. الثَّامِن عبد الله بن عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا (ذكر لطائف إِسْنَاده) فِيهِ التحديث بِصِيغَة الْجمع فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وبصيغة التَّثْنِيَة من الْمَاضِي فِي مَوضِع وَاحِد وَفِيه العنعنة فِي أَرْبَعَة مَوَاضِع وَفِيه القَوْل فِي ثَلَاثَة مَوَاضِع وَفِيه أَن رُوَاته كلهم مدنيون وَفِيه صحابيان وَثَلَاثَة من التَّابِعين وهم صَالح بن كيسَان فَإِنَّهُ رأى عبد الله بن عمر قَالَه الْوَاقِدِيّ والأعرج وَنَافِع. وَفِيه أَن أَبَا بكر من أَقْرَان أَيُّوب قَوْله " وَغَيره " أَي وَغير الْأَعْرَج الظَّاهِر أَنه أَبُو سَلمَة بن عبد الرَّحْمَن وروى أَبُو نعيم هَذَا الحَدِيث فِي الْمُسْتَخْرج من طَرِيق
    آخر عَن أَيُّوب بن سُلَيْمَان وَلم يقل فِيهِ وَغَيره قَوْله " وَنَافِع " بِالرَّفْع عطف على قَوْله الْأَعْرَج (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ " أَي أَن أَبَا هُرَيْرَة وَابْن عمر حَدثا من حدث صَالح بن كيسَان وَيحْتَمل أَن يعود الضَّمِير فِي أَنَّهُمَا إِلَى الْأَعْرَج وَنَافِع أَي أَن الْأَعْرَج ونافعا حَدَّثَاهُ أَي صَالح بن كيسَان عَن شيخيهما بذلك وَوَقع فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ " أَنَّهُمَا حَدثا " بِغَيْر ضمير فَلَا يحْتَاج إِلَى التَّقْدِير الْمَذْكُور قَوْله " إِذا اشْتَدَّ " من الاشتداد من بابُُ الافتعال وَأَصله اشتدد أدغمت الدَّال الأولى فِي الثَّانِيَة قَوْله " فأبردوا " بِفَتْح الْهمزَة من الْإِبْرَاد قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ فِي الْفَائِق حَقِيقَة الْإِبْرَاد الدُّخُول فِي الْبرد وَالْبَاء للتعدية وَالْمعْنَى إِدْخَال الصَّلَاة فِي الْبرد وَيُقَال مَعْنَاهُ افعلوها فِي وَقت الْبرد وَهُوَ الزَّمَان الَّذِي يتَبَيَّن فِيهِ شدَّة انكسار الْحر لِأَن شدته تذْهب الْخُشُوع وَقَالَ السفاقسي أبردوا أَي ادخُلُوا فِي وَقت الْإِبْرَاد مثل أظلم دخل فِي الظلام وَأمسى دخل فِي الْمسَاء. وَقَالَ الْخطابِيّ الْإِبْرَاد انكسار شدَّة حر الظهيرة وَذَلِكَ أَن فتور حرهَا بِالْإِضَافَة إِلَى وهج الهاجرة برد وَلَيْسَ ذَلِك بِأَن يُؤَخر إِلَى آخر برد النَّهَار وَهُوَ برد العشى إِذْ فِيهِ الْخُرُوج عَن قَول الْأَئِمَّة قَوْله " بِالصَّلَاةِ " وَفِي حَدِيث أبي ذَر الَّذِي يَأْتِي بعد هَذَا الحَدِيث " عَن الصَّلَاة " وَالْفرق بَينهمَا أَن الْبَاء هُوَ الأَصْل وَأما عَن فَفِيهِ تضمين معنى التَّأْخِير أَي أخروا عَنْهَا مبردين وَقيل هما بِمَعْنى وَاحِد لِأَن عَن تَأتي بِمَعْنى الْبَاء كَمَا يُقَال رميت عَن الْقوس أَي بِالْقَوْسِ وَقيل الْبَاء زَائِدَة وَالْمعْنَى أبردوا بِالصَّلَاةِ وَقَوله " بِالصَّلَاةِ " بِالْبَاء هُوَ رِوَايَة الْأَكْثَرين وَفِي رِوَايَة الْكشميهني " عَن الصَّلَاة " كَمَا فِي حَدِيث أبي ذَر وَقَالَ بَعضهم فِي قَوْله " بِالصَّلَاةِ " الْبَاء للتعدية وَقيل زَائِدَة وَمعنى أبردوا أخروا على سَبِيل التَّضْمِين (قلت) قَوْله للتعدية غير صَحِيح لِأَنَّهُ لَا يجمع فِي تَعديَة اللَّازِم بَين الْهمزَة وَالْبَاء وَقَوله على سَبِيل التَّضْمِين أَيْضا غير صَحِيح لِأَن معنى التَّضْمِين فِي رِوَايَة عَن كَمَا ذكرنَا لَا فِي رِوَايَة الْبَاء فَافْهَم وَقد ذكرنَا أَن المُرَاد من الصَّلَاة هِيَ صَلَاة الظّهْر قَوْله " فَإِن شدَّة الْحر " الْفَاء فِيهِ للتَّعْلِيل أَرَادَ أَن عِلّة الْأَمر بالإبراد هِيَ شدَّة الْحر وَاخْتلف فِي حِكْمَة هَذَا التَّأْخِير فَقيل دفع الْمَشَقَّة لكَون شدَّة الْحر مِمَّا يذهب الْخُشُوع وَقيل لِأَنَّهُ وَقت تسجر فِيهِ جَهَنَّم كَمَا روى مُسلم من حَدِيث عَمْرو بن عبسة حَيْثُ قَالَ لَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " اقصر عَن الصَّلَاة عِنْد اسْتِوَاء الشَّمْس فَإِنَّهَا سَاعَة تسجر فِيهَا جَهَنَّم " انْتهى فَهَذِهِ الْحَالة ينتشر فِيهَا الْعَذَاب (فَإِن قلت) الصَّلَاة سَبَب الرَّحْمَة وإقامتها مَظَنَّة دفع الْعَذَاب فَكيف أَمر - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِتَرْكِهَا فِي هَذِه الْحَالة (قلت) أُجِيب عَنهُ بجوابين أَحدهمَا قَالَه الْيَعْمرِي بِأَن التَّعْلِيل إِذا جَاءَ من جِهَة الشَّارِع وَجب قبُوله وَإِن لم يفهم مَعْنَاهُ وَالْآخر من جِهَة أهل الْحِكْمَة وَهُوَ أَن هَذَا الْوَقْت وَقت ظُهُور الْغَضَب فَلَا ينجع فِيهِ الطّلب إِلَّا مِمَّن أذن لَهُ كَمَا فِي حَدِيث الشَّفَاعَة حَيْثُ اعتذر الْأَنْبِيَاء كلهم عَلَيْهِم السَّلَام للأمم بذلك سوى النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَإِنَّهُ أذن لَهُ فِي ذَلِك. قَوْله " من فيح جَهَنَّم " بِفَتْح الْفَاء وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة وَهُوَ سطوع الْحر وفورانه وَيُقَال بِالْوَاو فوح وفاحت الْقُدْرَة تفوح إِذا غلت وَقَالَ ابْن سَيّده فاح الْحر يفيح فيحا سَطَعَ وهاج وَيُقَال هَذَا خَارج مخرج التَّشْبِيه والتمثيل أَي كَأَنَّهُ فار جَهَنَّم فِي حرهَا وَيُقَال هُوَ حَقِيقَة وَهُوَ أَن نثار وهج الْحر فِي الأَرْض من فيح جَهَنَّم حَقِيقَة ويقوى هَذَا حَدِيث " اشتكت النَّار إِلَى رَبهَا " كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَأما لفظ جَهَنَّم فقد قَالَ قطرب زعم يُونُس أَنه اسْم أعجمي وَفِي الزَّاهِر لِابْنِ الْأَنْبَارِي قَالَ أَكثر النَّحْوِيين هِيَ أَعْجَمِيَّة لَا تجْرِي للتعريف والعجمة وَقَالَ أَنه عَرَبِيّ وَلم تجر للتعريف والتأنيث وَفِي المغيث هِيَ نعريب كهنام بالعبرانية وَذكره فِي الصِّحَاح فِي الرباعي ثمَّ قَالَ هُوَ مُلْحق بالخماسي لتشديد الْحَرْف الثَّالِث وَفِي الْمُحكم سميت جَهَنَّم لبعد قعرها وَلم يَقُولُوا فِيهَا جهنام وَيُقَال بِئْر جهنام بعيدَة القعر وَبِه سميت جَهَنَّم وَقَالَ أَبُو عَمْرو جهنام اسْم وَهُوَ الغليظ الْبعيد القعر (ذكر مَا يستنبط مِنْهُ) وَهُوَ على وُجُوه. الأول أَن فِيهِ الْأَمر بالإبراد فِي صَلَاة الظّهْر وَاخْتلفُوا فِي كَيْفيَّة هَذَا الْأَمر فَحكى القَاضِي عِيَاض وَغَيره أَن بَعضهم ذهب إِلَى أَن الْأَمر فِيهِ للْوُجُوب وَقَالَ الْكرْمَانِي (فَإِن قلت) ظَاهر الْأَمر للْوُجُوب فَلم قلت للاستحبابُ (قلت) للْإِجْمَاع على عَدمه وَقَالَ بَعضهم وغفل الْكرْمَانِي فَنقل الْإِجْمَاع على عدم الْوُجُوب (قلت) لَا يُقَال أَنه غفل بل الَّذين نقل عَنْهُم فِيهِ الْإِجْمَاع كَأَنَّهُمْ لم يعتبروا كَلَام من ادّعى الْوُجُوب فَصَارَ كَالْعدمِ وَأَجْمعُوا على أَن الْأَمر للاستحبابُ (فَإِن قلت) مَا الْقَرِينَة الصارفة
    عَن الْوُجُوب وَظَاهر الْكَلَام يَقْتَضِيهِ (قلت) لما كَانَت الْعلَّة فِيهِ دفع الْمَشَقَّة عَن الْمُصَلِّي لشدَّة الْحر وَكَانَ ذَلِك للشفقة عَلَيْهِ فَصَارَ من بابُُ النَّفْع لَهُ فَلَو كَانَ للْوُجُوب يصير عَلَيْهِ وَيعود الْأَمر على مَوْضِعه بِالنَّقْضِ وَفِي التَّوْضِيح اخْتلف الْفُقَهَاء فِي الْإِبْرَاد بِالصَّلَاةِ فَمنهمْ من لم يره وَتَأَول الحَدِيث على إيقاعها فِي برد الْوَقْت وَهُوَ أَوله وَالْجُمْهُور من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ وَغَيرهم على القَوْل بِهِ ثمَّ اخْتلفُوا فَقيل أَنه عَزِيمَة وَقيل وَاجِب تعويلا على صِيغَة الْأَمر وَقيل رخصَة وَنَصّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيّ وَصَححهُ الشَّيْخ أَبُو عَليّ من الشَّافِعِيَّة وَأغْرب النَّوَوِيّ فوصفه فِي الرَّوْضَة بالشذوذ لكنه لم يحكه قولا وبنوا على ذَلِك أَن من صلى فِي بَيته أَو مَشى فِي كن إِلَى الْمَسْجِد هَل يسن لَهُ الْإِبْرَاد إِن قُلْنَا رخصَة لم يسن لَهُ إِذْ لَا مشقة عَلَيْهِ فِي التَّعْجِيل وَإِن قُلْنَا سنة أبرد وَهُوَ الْأَقْرَب لوُرُود الْأَثر بِهِ مَعَ مَا اقْترن بِهِ من الْعلَّة من أَن شدَّة الْحر من فيح جَهَنَّم وَقَالَ صَاحب الْهِدَايَة من أَصْحَابنَا يسْتَحبّ الْإِبْرَاد بِالظّهْرِ فِي أَيَّام الصَّيف وَيسْتَحب تَقْدِيمه فِي أَيَّام الشتَاء (فَإِن قلت) يُعَارض حَدِيث الْإِبْرَاد حَدِيث إِمَامَة جِبْرِيل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام لِأَن إِمَامَته فِي الْعَصْر فِي الْيَوْم الأول فِيمَا إِذا صَار ظلّ كل شَيْء مثله فَدلَّ ذَلِك على خُرُوج وَقت الظّهْر وَحَدِيث الْإِبْرَاد دلّ على عدم خُرُوج وَقت الظّهْر لِأَن امتداد الْحر فِي دِيَارهمْ فِي ذَلِك الْوَقْت (قلت) الْآثَار إِذا تَعَارَضَت لَا يَنْقَضِي الْوَقْت الثَّابِت بِيَقِين بِالشَّكِّ وَمَا لم يكن ثَابتا بِيَقِين هُوَ وَقت الْعَصْر لَا يثبت بِالشَّكِّ (فَإِن قلت) هَل فِي الْإِبْرَاد تَحْدِيد (قلت) روى أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيّ وَالْحَاكِم من حَدِيث ابْن مَسْعُود رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ كَانَ قدر صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - الظّهْر فِي الصَّيف ثَلَاثَة أَقْدَام إِلَى خَمْسَة أَقْدَام وَفِي الشتَاء خَمْسَة أَقْدَام إِلَى سَبْعَة أَقْدَام فَهَذَا يدل على التَّحْدِيد. اعْلَم أَن هَذَا الْأَمر مُخْتَلف فِي الأقاليم والبلدان وَلَا يَسْتَوِي فِي جَمِيع المدن والأمصار وَذَلِكَ لِأَن الْعلَّة فِي طول الظل وقصره هُوَ زِيَادَة ارْتِفَاع الشَّمْس فِي السَّمَاء وانحطاطها فَكلما كَانَت أَعلَى وَإِلَى محاذاة الرؤس فِي مجْراهَا أقرب كَانَ الظل أقصر وَكلما كَانَت أَخفض وَمن محاذاة الرؤس أبعد كَانَ الظل أطول وَلذَلِك ظلال الشتَاء ترَاهَا أبدا أطول من ظلال الصَّيف فِي كل مَكَان وَكَانَت صَلَاة رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِمَكَّة وَالْمَدينَة وهما من الإقليم الثَّانِي ثَلَاثَة أَقْدَام ويذكرون أَن الظل فيهمَا فِي أول الصَّيف فِي شهر أدَار ثَلَاثَة أَقْدَام وَشَيْء وَيُشبه أَن تكون صلَاته إِذا اشْتَدَّ الْحر مُتَأَخِّرَة عَن الْوَقْت الْمَعْهُود قبله فَيكون الظل عِنْد ذَلِك خَمْسَة أَقْدَام وَأما الظل فِي الشتَاء فَإِنَّهُم يذكرُونَ أَنه فِي تشرين الأول خَمْسَة أَقْدَام وَشَيْء وَفِي الكانون سَبْعَة أَقْدَام أَو سَبْعَة وَشَيْء فَقَوْل ابْن مَسْعُود منزل على هَذَا التَّقْدِير فِي ذَلِك الإقليم دون سَائِر الأقاليم والبلدان الَّتِي هِيَ خَارِجَة عَن الإقليم الثَّانِي وَفِي التَّوْضِيح اخْتلف فِي مِقْدَار وقته فَقيل أَن يُؤَخر الصَّلَاة عَن أول الْوَقْت مِقْدَار مَا يظْهر للحيطان ظلّ وَظَاهر النَّص أَن الْمُعْتَبر أَن ينْصَرف مِنْهَا قبل آخر الْوَقْت وَيُؤَيِّدهُ حَدِيث أبي ذَر " حَتَّى رَأينَا فَيْء التلول " وَقَالَ مَالك أَنه يُؤَخر الظّهْر إِلَى أَن يصير الْفَيْء ذِرَاعا وَسَوَاء فِي ذَلِك الصَّيف والشتاء وَقَالَ أَشهب فِي مدونته لَا يُؤَخر الظّهْر إِلَى آخر وَقتهَا وَقَالَ ابْن بزيزة ذكر أهل النَّقْل عَن مَالك أَنه كره أَن يصلى الظّهْر فِي أول الْوَقْت وَكَانَ يَقُول هِيَ صَلَاة الْخَوَارِج وَأهل الْأَهْوَاء وَأَجَازَ ابْن عبد الحكم التَّأْخِير إِلَى آخر الْوَقْت وَحكى أَبُو الْفرج عَن مَالك أول الْوَقْت أفضل فِي كل صَلَاة إِلَّا الظّهْر فِي شدَّة الْحر وَعَن أبي حنيفَة والكوفيين وَأحمد واسحق يؤخرها حَتَّى يبرد الْحر الْوَجْه الثَّانِي أَن بعض النَّاس استدلوا بقوله " فأبردوا بِالصَّلَاةِ " على أَن الْإِبْرَاد يشرع فِي يَوْم الْجُمُعَة أَيْضا لِأَن لفظ الصَّلَاة يُطلق على الظّهْر وَالْجُمُعَة وَالتَّعْلِيل مُسْتَمر فِيهَا وَفِي التَّوْضِيح اخْتلف فِي الْإِبْرَاد بِالْجمعَةِ على وَجْهَيْن لِأَصْحَابِنَا أصَحهمَا عِنْد جمهورهم لَا يشرع وَهُوَ مَشْهُور مَذْهَب مَالك أَيْضا فَإِن التبكير سنة فِيهَا انْتهى (قلت) مَذْهَبنَا أَيْضا التبكير يَوْم الْجُمُعَة لما ثَبت فِي الصَّحِيح أَنهم كَانُوا يرجعُونَ من صَلَاة الْجُمُعَة وَلَيْسَ للحيطان ظلّ يَسْتَظِلُّونَ بِهِ من شدَّة التبكير لَهَا أول الْوَقْت فَدلَّ على عدم الْإِبْرَاد وَالْمرَاد بِالصَّلَاةِ فِي الحَدِيث الظّهْر كَمَا ذكرنَا فعلى هَذَا لَا يبرد بالعصر إِذا اشْتَدَّ الْحر فِيهِ وَقَالَ ابْن بزيزة إِذا اشْتَدَّ الْحر فِي الْعَصْر هَل يبرد بهَا أم لَا الْمَشْهُور نفي الْإِبْرَاد بهَا وَتفرد أَشهب بإبراده وَقَالَ أَيْضا وَهل يبرد الفذام لَا وَالظَّاهِر أَن الْإِبْرَاد مَخْصُوص بِالْجَمَاعَة وَهل يبرد فِي زمن الشتَاء أم لَا فِيهِ قَولَانِ وَالظَّاهِر نَفْيه وَهل يبرد بِالْجمعَةِ أم لَا الْمَشْهُور نَفْيه الْوَجْه الثَّالِث فِيهِ دَلِيل على وجود جَهَنَّم الْآن

    حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ، قَالَ صَالِحُ بْنُ كَيْسَانَ حَدَّثَنَا الأَعْرَجُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ‏.‏وَنَافِعٌ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، أَنَّهُمَا حَدَّثَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ قَالَ ‏ "‏ إِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا عَنِ الصَّلاَةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ ‏"‏‏.‏

    Narrated Abu Huraira and `Abdullah bin `Umar:Allah's Messenger (ﷺ) said, "If it is very hot, then pray the Zuhr prayer when it becomes (a bit) cooler, as the severity of the heat is from the raging of the Hell-fire

    Telah menceritakan kepada kami [Ayyub bin Sulaiman bin Bilal] berkata, telah menceritakan kepada kami [Abu Bakar] dari [Sulaiman] berkata, [Shalih bin Kaisan] telah menceritakan kepada kami [Al A'raj 'Abdurrahman], dan selainnya dari [Abu Hurairah] dan [Nafi'] mantan budak 'Abdullah bin 'Umar, dari ['Abdullah bin 'Umar] bahwa keduanya menceritakan kepadanya dari Rasulullah shallallahu 'alaihi wasallam, bahwa beliau bersabda: "Jika udara sangat panas menyengat maka tundalah shalat, karena panas yang sangat menyengat itu berasal dari hembusan api neraka jahannam

    Ebu Hureyre ile Abdullah İbn Ömer'in kölesi Nâfi', İbn Ömer'e Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem'in şöyle dediğini nakletmişlerdir: "Aşırı derecede sıcak olunca, (öğle namazını) serinlikte kılın. Çünkü havanın aşırı derecede sıcak olması, cehennemin kaynamasından ileri gelir. Tekrar:

    আবূ হুরাইরাহ্ ও ‘আবদুল্লাহ্ ইবনু ‘উমার (রাযি.) হতে বর্ণিত যে, আল্লাহর রাসূল সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম বলেছেনঃ যখন গরমের প্রচন্ডতা বৃদ্ধি পায়, তখন গরম কমলে সালাত আদায় করবে। কেননা, গরমের প্রচন্ডতা জাহান্নামের নিঃশ্বাসের অংশ। (৫৩৬) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৫০২, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அல்லாஹ்வின் தூதர் (ஸல்) அவர்கள் கூறினார்கள்: வெப்பம் கடுமையாகும்போது, வெப்பம் தணியும்வரை (லுஹ்ர்) தொழுகையைத் தாமதப்படுத்துங்கள். ஏனெனில், கடுமை யான வெப்பம் நரக நெருப்பின் பெருமூச் சால் உண்டாகிறது.5 இதை அபூஹுரைரா (ரலி) அவர்களும் அப்துல்லாஹ் பின் உமர் (ரலி) அவர்களும் அறிவிக்கிறார்கள். அத்தியாயம் :