• 2453
  • عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلاَةً ، ثُمَّ رَقِيَ المِنْبَرَ ، فَقَالَ فِي الصَّلاَةِ وَفِي الرُّكُوعِ : " إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِي كَمَا أَرَاكُمْ "

    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ صَلاَةً ، ثُمَّ رَقِيَ المِنْبَرَ ، فَقَالَ فِي الصَّلاَةِ وَفِي الرُّكُوعِ : إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِي كَمَا أَرَاكُمْ

    رقي: رقي : صعد
    إِنِّي لَأَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِي كَمَا أَرَاكُمْ *

    [419] حدثنا يحيى بن صالح: ثنا فليح بن سليمان، عن هلال بن علي، عن أنس بن مالك، قالَ: صلى لنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاة، ثُمَّ رقي المنبر، فقالَ في الصَّلاة وفي الركوع -: ((إني لأراكم من ورائي كما أراكم)) . وروى قتادة، عن أنس، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: ((أقيموا الركوع والسجود، فوالله إني لأراكم من بعدي)) - وبما قال: ((من بعد ظهري - إذا ركعتم وسجدتم)) . خرجه البخاري في ((باب: الخشوع في الصلاة)) كما سيأتي من حديث شعبة. وخرجه مسلم من رواية شعبة وسعيد بن أبي عروبة، عن قتادة. وأظن أن البخاري عدل عنه هاهنا إلى حديث فليح عن هلال؛ لأن قتادة لم يصرح فيه بالسماع، وقد أكثر البخاري في ((كتابه))هذا من تخريج حديث فليح بن سليمان عن هلال بن علي. وهو هلال بن أبي ميمونة. روى عنه مالك وغيره، وقد ذكر البخاري في ((تاريخه)) أنه سمع أنسا، ولم يذكر ابن أبي حاتم في ((كتابه)) أنه يروي عن أنس، وذكر أنه سأل أباه عنه، فقال: شيخ يكتب حديثه. وأما فليح بن سليمان، فقال فيه ابن معين وأبو حاتم والنسائي: ليس بالقوي، وضعفه ابن معين - أيضا -، وقال: لا يحتج به. وحكي عن أبي كامل المظفر بن مدرك أنه كان يتقي حديثه، وضعفه أبو زرعة الرازي، وقال: هو واهي الحديث -: نقله عنه البرذعي، وضعفه علي بن المديني - أيضا - نقله عنه أبو جعفر بن أبي شيبة في ((سؤالاته له)) . وبكل حال؛ فرواية شعبة عن قتادة عن أنس، وإن لم يصرح بالسماع أقوى من رواية فليح عن هلال عن أنس. والله أعلم. وخرج مسلم - أيضا - من حديث المختار بن فلفل، عن أنس،قال: صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذات يوم، فلما قضى أقبل علينا بوجهه، فقال: ((أيها الناس، إني إمامكم، فلا تسبقوني بالركوع، ولا بالسجود، ولا بالقيام ولا بالانصراف؛ فإني أراكم أمامي ومن خلفي)) . ثم قال: ((والذي نفس محمد بيده، لو رأيتم ما رأيت لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا)) . قالوا: وما رأيت يا رسول الله؟ قال: ((رأيت الجنة والنار)) . وخرج – أيضا – من طريق الوليد بن كثير: حدثني سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: صلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثم انصرف، فقال: ((يا فلان إلا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي، فإنما يصلي لنفسه، إني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي)) . دلت هذه الأحاديث على أن من رأى من يسيء صلاته فإنه يأمره بإحسان صلاته ويعظه ويبالغ في الوعظ؛ فإن القلوب تستجيب إلى الحق بالموعظة الحسنة ما لا تستجيب بالعنف، لا سيما إذا عم بالموعظة ولم يخص أحدا، وإن خصمه فإنه يلين له القول. وقد قال الله تعالى لنبيه - عليه السلام -: {{وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً}} [النساء:63] وقال: {{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ}} [النحل:125] . وفي بعض هذه الروايات أنه خطب الناس على المنبر، واتفقت الأحاديث كلها على أنه أمر بإقامة الركوع، وفي بعضها: والسجود، وفي بعضها: والخشوع، وفي بعضها: أنه نهاهم عن مسابقته بالركوع والسجود والانصراف من المسجد بعد إتمام صلاته، وهذا كما أمرالمصلي الذي أساء في صلاته أن يعود إلى الصلاة، وقال له: ((إنك لم تصل)) . قال ميمون بن مهران: مثل الذي يرى الرجل يسيء صلاته فلا ينهاه كمثل الذي يرى النائم تنهشه الحية ثم لا يوقظه. وعن يحيى بن أبي كثير نحوه. ورأى ابن عمر رجلا لا يتم ركوعه وسجوده، فقال له لما فرغ: يا بن أخي، تحسب انك صليت؟! إنك لم تصل، فعد لصلاتك. وكان المسور بن مخرمة وغيره من الصحابة إذا رأوا من لا يتم صلاته أمروه بالإعادة، ويقولون: لا يعصى الله ونحن ننظر، ما استطعنا. قال النخعي: كانوا إذا رأوا الرجل لا يحسن الصلاة علموه. قال سفيان: أخشى أن لا يسعهم إلا ذلك. قال أبو خلاد: ما من قوم فيهم من يتهاون بالصلاة ولا يأخذون على يديه إلا كان أول عقوبتهم إن ينقص من أرزاقهم. ورأى الإمام أحمد رجلا لا يتمركوعه ولا سجوده، فقال: يا هذا، أقم صلبك في الركوع والسجود، وأحسن صلاتك. وقيل له: الرجل يرى أهل المسجد يسيئون الصلاة؟ قال: يأمرهم. قيل له: إنهم يكثرون، وربما كان عامة أهل المسجد؟ قال: يقول لهم. قيل له: يقول لهم مرتين أو ثلاثا فلا ينتهون، يتركهم بعد ذلك؟ قال: أرجو أن يسلم - أو كلمة نحوها. وقال حنبل: قيل لأبي عبد الله: ترى الرجل إذا رأي الرجل لا يتم ركوعه ولا سجوده، ولا يقيم صلبه، ترى إن يأمره بالإعادة أو يمسك عنه؟ قال: إن كان يظن أنه يقبل منه أمره وقال له ووعظه حتى يحسن صلاته؛ فإن الصلاة من تمام الدين. وقوله: ((إن كان يظن أنه يقبل منه)) ، يخرج على قوله: أنه لا يجب الأمر بالمعروف إلا لمن ظن أنه يقبل. والمشهور عنه خلافه، وانه يجب مطلقا مع القدرة. ويجب الأمر بإتمام الركوع والسجود وإقامة الصلب في الصلاة، وإن كان قد قال بعض الفقهاء: إن الصلاة صحيحة بدونه؛ لأن الخلاف إذا كان مخالفا للسنن الصحيحة فلا يكون عذرا مسقطا للأمر بالمعروف. وأيضا؛ فالخلاف إنما هو في براءة الذمة منها، وقد اجمعوا على إنها صلاة ناقصة، ومصليها مسيء غير محسن، وجميع النصوص المذكورة في هذا الباب تدل على الأمر لمن لا يتم الركوع والسجود بإتمامها. وفي ((المسند)) و ((سنن ابن ماجه)) ، عن علي بن شيبان الحنفي - وكان أحد الوفد -، قال: قدمنا على نبي الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلمح بمؤخر عينه إلى الرجل لا يقيم صلبه في الركوع ولا في السجود، فلما قضىالنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صلاته قال: ((يا معشر المسلمين، لا صلاة لامرئ لا يقيم صلبه في الركوع ولا في السجود)) . ومتى كان المسيء في صلاته جاهلا بما أساء فيه تعين الرفق في تعليمه، كما رفق النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالذي قال له: والذي بعثك بالحق، لا أحسن غير هذه الصلاة، فعلمني، فعلمه. وفي ((صحيح مسلم)) عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بينا أنا أصلي مع النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذ عطس رجل من القوم، فقلت: رحمك الله. فرماني القوم بأبصارهم. فقلت: واثكل أمياه! ما شأنكم تنظرون إلي؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمتونني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فأبي هو وأمي -، ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كرهني ولا ضربني ولا شتمني، ثم قال: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن)) - أو كما قال رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قلت: يا رسول الله، إني حديث عهد بجاهلية، وقد جاء الله بالإسلام - وذكر بقية حديث. فإن رأى من يفعل في صلاته مكروها لا يبطل الصلاة فأمره بتركه برفق كان حسنا.قال الأثرم: قلت لأبي عبد الله: رجل رأى رجلا مشمرا كميه في الصلاة، أترى عليه أن يأمره؟ قال: يستحب له إن يصلي غير كاف شعرا ولا ثوبا، وليس هذا من المنكر الذي يغلظ ترك النهي عنه. وصلى أحمد يوما خلف رجل، فكان إذا سجد جمع ثوبه بيديه، فلما فرغ قال أحمد لرجل إلى جانبه - وخفض صوته - قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إذا قام أحدكم إلى الصلاة فلا يكف شعرا ولا ثوبا)) ، ففطن الإمام بذلك، وعلم أنه أراده. ورأى الفضيل بن عياض رجلا يفقع أصابعه في صلاته فزبره وانتهره فقال له الرجل: يا هذا، ينبغي لمن يقوم لله عز وجل أن يكون ذليلا، فبكى الفضيل، وقال له: صدقت. وفي ((صحيح مسلم)) عن جابر بن سمرة، قال: كان رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يسوي صفوفنا، حتى كأنما يسوي بها القداح، حتى رأى أن قد عقلنا عنه، ثم خرج علينا يوما، فقام حتى كاد أن يكبر فرأى رجلا باديا صدره من الصف، فقال: ((عباد الله، لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم)) . وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إني لأراكم من وراء ظهري)) ، وفي رواية: ((من خلفي)) ،وفي رواية: ((من بعدي)) - والمراد به: من خلفي -: فيه تحذير لهم من التقصير في الصلاة وراءه، فإنهم لو كانوا بين يديه لم يقصروا في الصلاة فكذا ينبغي أن يصلوا من خلفه؛ فإنه يراهم. وفيه تنبيه على إن من كان يحسن صلاته لعلمه بنظر مخلوق إليه فإنه ينبغي أن يحسنها لعلمه بنظر الله إليه؛ فإن المصلي يناجي ربه، وهو قريب منه ومطلع على سره وعلانيته. وقد روي حديث أبي هريرة بلفظ أخر، فيه: الإشارة إلى هذا المعنى من رواية ابن إسحاق: حدثني سعيد المقبري، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال صلى بنا رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما انصرف من صلاته رأى رجلا كان في أخر الصفوف، فقال: ((أي فلان، ألا تتقي الله عز وجل في صلاتك، فلا تتم ركوعك وسجودك، ألا ينظر المصلي منكم كيف يصلي؟ وإنما يصلي لنفسه، وإنما يناجي ربه عز وجل، لا تظنون إني لا أراكم، والله إني لأرى من خلفي منكم كما أرى من بين يدي)) . فقوله: ((ألا ينظر المصلي منكم كيف يصلي، وإنما يصلي لنفسه)) ، يشير إلى أن نفع صلاته يعود إلى نفسه، كما قال تعالى: {{مَنْ عَمِلَ صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا}} [فصلت:46] ، فمن علم أنه يعمل لنفسه وانه ملاق عمله، ثم قصر في عمله وأساء كان مسيئا في حق نفسه، غير ناظر لها ولا ناصح.وقوله: ((وإنما يناجي ربه)) ، إشارة إلى أنه ينبغي إلى أنه ينبغي له أن يستحي من نظر الله إليه، وإطلاعه عليه وقربه منه، وهو قائم بين يديه يناجيه، فلو استشعر هذا لأحسن صلاته غاية الإحسان، وأتقنها غاية الإتقان، كما قال - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((اعبد الله كأنك تراه)) . وفي القرآن الإشارة إلى هذا بقوله - عز وجل -: {{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ}} [يونس:61] الآية. وقوله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((لا تظنون أني لا أراكم، والله إني لأرى من خلفي منكم)) ، توبيخ لمن قصر في صلاته حيث يظن أن مخلوقا لا يراه، ثم يحسنها إذا ظن أنه يراه. ومن هنا قال بعض العارفين: اتق الله أن يكون أهون الناظرين أليك. وروى إبراهيم الهجري، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قال: ((من أحسن الصلاة حيث يراه الناس، وأساءها حيث يخلو فذلك استهانة استهان بها ربه - عز وجل -)) . وروي موقوفا. وروي بقية، عن ورقاء بن عمر، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة - مرفوعا -: ((إذا صلى العبد في العلانية فأحسن، وصلى في السر فأحسن قال الله: هذا عبدي حقا)) . لعل بقية دلسه عن ضعيف.وقوله: ((إني لأرى من خلفي كما أرى من بين يدي)) ، هو فضيلة للنبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خصه الله بها، فكان ينظر ببصيرته كما ينظر ببصره، فيرى من خلفه كما يرى من بين يديه. وقد فسره الإمام أحمد بذلك في رواية ابن هانئ، وتأول عليه قوله تعالى: {{وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}} [الشعراء:219] . كما روى ابن أبي نجيج، عن مجاهد في قوله: {{الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ - وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ}} [الشعراء:218، 219] ، أن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يرى أصحابه في صلاته من خلفه، كما يرى من بين يديه. وتأويل الآية على هذا القول: إن الله تعالى يرى نبيه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حين يقوم إلى صلاته، ويرى تقلب نظره إلى الساجدين معه في صلاته. وقال الأثرم: قلت لأحمد: قول النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ((إني لأراكم من وراء ظهري)) ؟ قال: كان يرى من خلفه كما يرى من بين يديه. قلت: إن إنسانا قال لي: هو في ذلك مثل غيره، وإنما كان يراهم كما ينظر الإمام عن يمينه وشماله، فأنكر ذلك إنكارا شديدا.41 - باب هل يقال: مسجد بني فلان ابتدأ البخاري - رحمه الله - من هنا في ذكر المساجد وأحكامها، فأول ما ذكره من ذلك: أنه يجوز نسبة المساجد إلى القبائل؛ لعمارتهم إياها، أو مجاورتهم لها. وقد كره ذَلِكَ بعض المتقدمين، وتعلق بقوله تعالى: {{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}} [الجن:18] . والصحيح: أن الآية لم يرد بها ذلك، وأنها نزلت في النهي عن أن يشرك بالله في المساجد في عبادته غيره، كما يفعل أهل الكتاب في كنائسهم وبيعهم. وقيل: إن المراد بالمساجد الأرض كلها؛ فإنها لهذه الأمة مساجد وهي كلها لله، فنهى الله أن يسجد عليها لغيره. وقيل: إن المراد بالمساجد أعضاء السجود نفسها، وهي لله؛ فإنه هو خلقها وجمعها وألفها، فمن شكره على هذه النعمة أن لا يسجد بها لغيره. وقد قيل: إن قوله تعالى: {{وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً}} [الجن:18] يدل - أيضا - على أنه لا يجوز إضافة المساجد إلى مخلوق إضافة ملك واختصاص.وأخذ بعض أصحابنا من ذلك كالوزير ابن هبيرة: أنه لا يجوز نسبة شيء من المساجد إلى بعض طوائف المسلمين للاختصاص بها، فيقال: هذه المساجد للطائفة الفلانية، وهذه للطائفة الأخرى، فإنها مشتركة بين المسلمين عموما. وذكر بعض المتأخرين من أصحابنا في صحة اشتراط ذلك في وقفها وجهين. وأما إضافة المسجد إلى ما يعرفه به فليس بداخل في ذلك، وقد كان النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يضيف مسجده إلى نفسه، فيقول: ((مسجدي هذا)) ، ويضيف مسجد قباء إليه، ويضيف مسجد بيت المقدس إلى إيلياء، وكل هذه إضافات للمساجد إلى غير الله لتعريف أسمائها، وهذا غير داخل في النهي. والله أعلم. قال البخاري - رحمه الله -:


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:411 ... ورقمه عند البغا: 419 ]
    - حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صَلاَةً، ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ فَقَالَ فِي الصَّلاَةِ وَفِي الرُّكُوعِ: «إِنِّي لأَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِي كَمَا أَرَاكُمْ». [الحديث 419 - طرفاه في: 742، 6655].وبه قال: (حدّثنا يحيى بن صالح) الوحاظيّ بضم الواو وتخفيف المهملة ثم معجمة الحمصي، المتوفّى سنة اثنتين وعشرين ومائتين وقد جاوز السبعين (قال: حدّثنا فليح بن سليمان) بضم الفاء وفتح اللام وسكون المثناة التحتية آخره مهملة، المتوفّى سنة ثمان وستين ومائة (عن هلال بن علي) الفهري المدني (عن أنس بن مالك) الأنصاري رضي الله عنه (قال):(صلّى بنا) بالموحدة ولأبوي ذر والوقت والأصيلي وابن عساكر صلّى لنا أي لأجلنا (النبي) ولأبي ذر رسول الله (-صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صلاة) بالتنكير للإبهام، (ثم رقي) بفتح الراء وكسر القاف وفتح الياء ويجوز فتح القاف على لغة طيء أي صعد (المنبر) بكسر الميم (فقال في) شأن (الصلاة وفي الركوع إني لأراكم من ورائي كما أراكم) أي من أمامي، وأفرد الركوع بالذكر اهتمامًا به لكونه أعظم الأركان لأن المسبوق يدرك الركعة بتمامها بإدراكه الركوع أو لكون التقصير كان فيه أكثر، وإطلاق الرؤية من ورائه يقتضي عمومه في الصلاة وغيرها، نعم السياق يقتضي أن ذلك في الصلاة فقط والكاف كماأراكم للتشبيه فالمشبّه به الرؤية المقيدة بالقدام والمشبه بالوراء. وقد أخرج المؤلّف هذا الحديث في الرقاق أيضًا.


    [ رقم الحديث عند عبدالباقي:411 ... ورقمه عند البغا:419]
    - (حَدثنَا يحيى بن صَالح قَالَ حَدثنَا فليح بن سُلَيْمَان عَن هِلَال بن عَليّ عَن أنس بن مَالك قَالَ صلى بِنَا النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - صَلَاة ثمَّ رقي الْمِنْبَر فَقَالَ فِي الصَّلَاة وَفِي الرُّكُوع إِنِّي لأَرَاكُمْ من ورائي كَمَا أَرَاكُم) مطابقته للتَّرْجَمَة مثل مُطَابقَة الحَدِيث الَّذِي قبله. (ذكر رِجَاله) وهم أَرْبَعَة. يحيى بن صَالح الوحاظي بِضَم
    الْوَاو الثَّانِي فليح بِضَم الْفَاء وَفتح اللَّام وَسُكُون الْيَاء آخر الْحُرُوف وَفِي آخِره حاء مُهْملَة وَقد مر ذكره الثَّالِث اهلال بن عَليّ وَيُقَال هِلَال بن أبي هِلَال بن عَليّ وَيُقَال ابْن أُسَامَة الفِهري الْمَدِينِيّ مَاتَ فِي آخر خلَافَة هِشَام بن عبد الْملك الرَّابِع أنس بن مَالك رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ. (ذكر تعدد مَوْضِعه وَمن أخرجه غَيره) أخرجه البُخَارِيّ أَيْضا عَن مُحَمَّد بن سُلَيْمَان عَن فليح وَأخرجه فِي الرقَاق عَن إِبْرَاهِيم بن الْمُنْذر عَن مُحَمَّد بن فليح عَن أَبِيه بِهِ. (ذكر مَعْنَاهُ) قَوْله " صلى لنا " أَي صلى لأجلنا قَوْله " صَلَاة " بالتنكير للإبهام قَوْله " ثمَّ رقي الْمِنْبَر " بِكَسْر الْقَاف وَيجوز فتحهَا على لُغَة طَيء قَوْله " فَقَالَ فِي الصَّلَاة " فِيهِ حذف تَقْدِيره فَقَالَ فِي شَأْن الصَّلَاة وَفِي أمرهَا أَو يكون متعلقها محذوفا تَقْدِيره أَرَاكُم فِي الصَّلَاة وَقَالَ بَعضهم هُوَ مُتَعَلق بقوله بعد لأَرَاكُمْ (قلت) هَذَا غلط لِأَن مَا فِي حيّز ان لَا يتَقَدَّم عَلَيْهَا قَوْله " وَفِي الرُّكُوع " إِنَّمَا أفرده بِالذكر وَإِن كَانَ دَاخِلا فِي الصَّلَاة للاهتمام بِشَأْنِهِ إِمَّا لِأَنَّهُ أعظم أَرْكَانهَا بِدَلِيل أَن الْمَسْبُوق لَو أدْرك الرُّكُوع أدْرك تِلْكَ الرَّكْعَة بِتَمَامِهَا وَإِمَّا لِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - علم أَنهم قصروا فِي حَال الرُّكُوع فَذكره لزِيَادَة التَّنْبِيه قَوْله " من ورائي " وَفِي بعض الرِّوَايَات " من وَرَاء " حذفت الْيَاء مِنْهُ وَاكْتفى بالكسرة عَنْهَا وَقَالَ الْكرْمَانِي (فَإِن قلت) الرُّؤْيَة من الوراء كَانَت مَخْصُوصَة بِحَال الصَّلَاة أم هِيَ عَامَّة لجَمِيع الْأَحْوَال (قلت) اللَّفْظ سِيمَا فِي الحَدِيث السَّابِق يَقْتَضِي الْعُمُوم والسياق يَقْتَضِي الْخُصُوص (قلت) نقل عَن مُجَاهِد أَنه كَانَ فِي جَمِيع أَحْوَاله قَوْله " كَمَا أَرَاكُم " أَي كَمَا أَرَاكُم من أَمَامِي وَصرح بِهِ فِي رِوَايَة أُخْرَى كَمَا سَيَأْتِي إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَفِي رِوَايَة مُسلم " إِنِّي لَأبْصر من ورائي كَمَا أبْصر من بَين يَدي " وَعَن بَقِي بن مخلد أَنه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَ يبصر فِي الظلمَة كَمَا يبصر فِي الضَّوْء وَالْكَاف فِي كَمَا أَرَاكُم للتشبيه فالمشبه بِهِ الرُّؤْيَة الْمقيدَة بالوراء وَبَقِيَّة الْكَلَام مرت فِي الحَدِيث السَّابِق

    شروح صوتية للحديث

    حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ، قَالَ حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ سُلَيْمَانَ، عَنْ هِلاَلِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ صَلَّى بِنَا النَّبِيُّ ﷺ صَلاَةً ثُمَّ رَقِيَ الْمِنْبَرَ، فَقَالَ فِي الصَّلاَةِ وَفِي الرُّكُوعِ ‏ "‏ إِنِّي لأَرَاكُمْ مِنْ وَرَائِي كَمَا أَرَاكُمْ ‏"‏‏.‏

    Narrated Anas bin Malik:The Prophet (ﷺ) led us in a prayer and then got up on the pulpit and said, "In your prayer and bowing, I certainly see you from my back as I see you (while looking at you)

    Telah menceritakan kepada kami [Yahya bin Shalih] berkata, telah menceritakan kepada kami [Fulaih bin Sulaiman] dari [Hilal bin 'Ali] dari [Anas bin Malik] berkata, "Nabi shallallahu 'alaihi wasallam pernah shalat bersama kami, kemudian beliau naik mimbar dan bersabda: "Sesungguhnya saat shalat dan rukuk, aku dapat melihat kalian dari belakangku sebagaimana sekarang aku melihat kalian

    Enes İbn Mâlik (r.a.)'den şöyle nakledilmiştir: "Nebi Sallallahu Aleyhi ve Sellem bize bir namaz kıldırdı. Sonra minbere çıktı ve: 'Ben sizi şu an gördüğüm gibi namazda ve rükudayken de görüyorum' buyurdu. Tekrar:

    ہم سے یحییٰ بن صالح نے بیان کیا، انہوں نے کہا ہم سے فلیح بن سلیمان نے ہلال بن علی سے، انہوں نے انس بن مالک رضی اللہ عنہ سے، وہ کہتے ہیں کہ نبی کریم صلی اللہ علیہ وسلم نے ہمیں ایک مرتبہ نماز پڑھائی، پھر آپ صلی اللہ علیہ وسلم منبر پر چڑھے، پھر نماز کے باب میں اور رکوع کے باب میں فرمایا میں تمہیں پیچھے سے بھی اسی طرح دیکھتا رہتا ہوں جیسے اب سامنے سے دیکھ رہا ہوں۔

    আনাস ইবনু মালিক (রাযি.) হতে বর্ণিত। তিনি বলেছেনঃ নবী সাল্লাল্লাহু আলাইহি ওয়াসাল্লাম আমাদেরকে নিয়ে সালাত আদায় করলেন। অতঃপর তিনি মিম্বারে উঠলেন এবং ইরশাদ করলেনঃ তোমাদের সালাতে ও রুকূ‘তে আমি অবশ্যই তোমাদেরকে আমার পেছন হতে দেখে থাকি, যেমন এখন তোমাদেরকে দেখতে পাচ্ছি। (৭৪২, ৬৬৪৪) (আধুনিক প্রকাশনীঃ ৪০২, ইসলামিক ফাউন্ডেশনঃ)

    அனஸ் பின் மா-க் (ரலி) அவர்கள் கூறியதாவது: நபி (ஸல்) அவர்கள் எங்களுக்கு ஒரு தொழுகையைத் தொழுவித்தார்கள். பின்னர் சொற்பொழிவு மேடை (மிம்பர்) மீதேறி தொழுகையைப் பற்றியும் (அதன் முக்கிய நிலைகளில் ஒன்றான) ருகூஉ (குனிதல்) பற்றியும் (அவற்றைக் குறைவின்றி நிறைவேற்றுமாறு) கூறினார்கள். அப்போது, “(உங்களை முன்புறமாக) நான் காண்பதைப் போன்றே, எனது முதுகுக்குப் பின்புற மாகவும் உங்களை நான் காண்கிறேன்” என்று கூறினார்கள்.32 அத்தியாயம் :