عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَبُو بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ عُمَيْسٍ قَالَتْ : أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ ، فَاشْتَدَّ مَرَضُهُ حَتَّى أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَالَ : فَتَشَاوَرَ نِسَاؤُهُ فِي لَدَّهِ فَلَدُّوهُ ، فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ : هَذَا فِعْلُ نِسَاءٍ جِئْنَ مِنْ هَؤُلَاءِ وَأَشَارَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ ، وَكَانَتْ أَسْمَاءُ بِنْتُ عُمَيْسٍ فِيهِنَّ قَالُوا : كُنَّا نَتَّهِمُ بِكَ ذَاتَ الْجَنْبِ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ : إِنَّ ذَلِكَ لَدَاءٌ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَقْذِفُنِي بِهِ لَا يَبْقَيَنَّ فِي الْبَيْتِ أَحَدٌ إِلَّا الْتَدَّ إِلَّا عَمُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ـ يَعْنِي عَبَّاسًا ـ قَالَ : فَلَقَدِ الْتَدَّتْ مَيْمُونَةُ يَوْمَئِذٍ وَإِنَّهَا لَصَائِمَةٌ لِعَزِيمَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ أَنَّ عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ قَالَتْ : أَوَّلُ مَا اشْتَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي بَيْتِ مَيْمُونَةَ فَاسْتَأْذَنَ أَزْوَاجَهُ أَنْ يُمَرَّضَ فِي بَيْتِي فَأَذِنَّ لَهُ قَالَتْ : فَخَرَجَ وَيَدٌ لَهُ عَلَى الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ ، وَيَدٌ أُخْرَى عَلَى يَدِ رَجُلٍ آخَرَ ، وَهُوَ يَخُطُّ بِرِجْلَيْهِ فِي الْأَرْضِ ، فَقَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ : فَحَدَّثْتُ بِهِ ابْنَ عَبَّاسٍ ، فَقَالَ : أَتَدْرِي مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي لَمْ تُسَمِّ عَائِشَةُ ؟ هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ ، وَلَكِنَّ عَائِشَةَ لَا تَطِيبُ لَهَا نَفْسًا بِخَيْرٍ
قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَأَخْبَرَنِي عُرْوَةُ عَنْ غَيْرِهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ : صُبُّوا عَلِيَّ مِنْ سَبْعِ قِرَبٍ لَمْ تُحْلَلْ أَوْكِيَتُهُنَّ لِعَلِّي أَسْتَرِيحُ فَأَعْهَدُ إِلَى النَّاسِ قَالَتْ عَائِشَةُ : فَأَجْلَسْنَاهُ فِي مِخْضَبٍ لِحَفْصَةَ مِنْ نُحَاسٍ وَسَكَبْنَا عَلَيْهِ الْمَاءَ ، حَتَّى طَفِقَ يُشِيرُ إِلَيْنَا أَنْ قَدْ فَعَلْتُنَّ ثُمَّ خَرَجَ
قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ وَكَانَ أَبُوهُ أَحَدَ الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ تِيبَ عَلَيْهِمْ ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَامَ يَوْمَئِذٍ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَاسْتَغْفَرَ لِلشُّهَدَاءِ الَّذِينَ قُتِلُوا يَوْمَ أُحُدٍ قَالَ : إِنَّكُمْ يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ إِنَّكُمْ تَزِيدُونَ وَالْأَنْصَارُ لَا يَزِيدُونَ ، الْأَنْصَارُ عَيْبَتِي الَّتِي أَوَيْتُ إِلَيْهَا فَأَكْرِمُوا كَرِيمَهُمْ ، وَتَجَاوَزُوا عَنْ مُسِيئِهِمْ
قَالَ الزُّهْرِيُّ : سَمِعْتُ رَجُلًا يَذْكُرُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ رَبُّهُ بَيْنَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَاخْتَارَ مَا عِنْدَ رَبِّهِ ، فَفَطِنَ أَبُو بَكْرٍ أَنَّهُ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَبَكَى ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : عَلَى رِسْلِكَ ، ثُمَّ قَالَ : سُدُّوا هَذِهِ الْأَبْوَابَ الشَّوَارِعَ فِي الْمَسْجِدِ إِلَّا بَابَ أَبِي بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ ، فَإِنِّي لَا أَعْلَمُ رَجُلًا أَحْسَنَ يَدًا عِنْدِي مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ أَبِي بَكْرٍ
قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، أَنَّ عَائِشَةَ ، وَابْنَ الْعَبَّاسِ أَخْبَرَاهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حِينَ نَزَلَ بِهِ جَعَلَ يُلْقِي خَمِيصَةً لَهُ عَلَى وَجْهِهِ ، فَإِذَا اغْتَمَّ كَشَفَهَا عَنْ وَجْهِهِ وَهُوَ يَقُولُ : لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى اتَّخَذُوا قُبُورَ أَنْبِيَائِهِمْ مَسَاجِدَ . قَالَ : تَقُولُ عَائِشَةُ : يُحَذِّرُ مِثْلَ الَّذِي فَعَلُوا
قَالَ مَعْمَرٌ : قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ : مُرِ النَّاسَ فَلْيُصَلُّوا ، فَخَرَجَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَمْعَةَ فَلَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَقَالَ : صَلِّ بِالنَّاسِ فَصَلَّى عُمَرُ بِالنَّاسِ فَجَهَرَ بِصَوْتِهِ وَكَانَ جَهِيرَ الصَّوْتِ ، فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : أَلَيْسَ هَذَا صَوْتَ عُمَرَ ؟ قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَقَالَ : يَأْبَى اللَّهُ ذَلِكَ وَالْمُؤْمِنُونَ ، لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ ، فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ : بِئْسَ مَا صَنَعْتَ كُنْتُ أَرَى أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَمَرَكَ أَنْ تَأْمُرَنِي قَالَ : لَا وَاللَّهِ مَا أَمَرَنِي أَنْ آمُرَ أَحَدًا
قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : لَمَّا ثَقُلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ إِذَا قَرَأَ الْقُرْآنَ لَا يَمْلِكُ دَمْعَهُ ، فَلَوْ أَمَرْتَ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ : وَاللَّهِ مَا بِي إِلَّا كَرَاهِيَةُ أَنْ يَتَشَاءَمَ النَّاسُ بِأَوَّلِ مَنْ يَقُومُ فِي مَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَتْ : فَرَاجَعْتُهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، فَقَالَ : لِيُصَلِّ بِالنَّاسِ أَبُو بَكْرٍ ، فَإِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ
قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَأَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ الِاثْنَيْنِ كَشَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ سِتْرَ الْحُجْرَةِ فَرَأَى أَبَا بَكْرٍ وَهُوَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ قَالَ : فَنَظَرْتُ إِلَى وَجْهِهِ كَأَنَّهُ وَرَقَةُ مُصْحَفٍ ، وَهُوَ يَبْتَسِمُ قَالَ : وَكِدْنَا أَنْ نَفْتَتِنَ فِي صَلَاتِنَا فَرَحًا بِرُؤْيَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَإِذَا أَبُو بَكْرٍ دَارَ يَنْكُصُ فَأَشَارَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَنْ كَمَا أَنْتَ ، ثُمَّ أَرْخَى السِّتْرَ فَقُبِضَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ ، وَقَامَ عُمَرُ فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ ، وَلَكِنْ رَبَّهُ أَرْسَلَ إِلَيْهِ كَمَا أَرْسَلَ إِلَى مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً عَنْ أَرْبَعِينَ لَيْلَةٍ ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ، وَأَلْسِنَتَهُمْ يَزْعُمُونَ أَوْ قَالَ يَقُولُونَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ مَاتَ
قَالَ مَعْمَرٌ : وَأَخْبَرَنِي أَيُّوبُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : قَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ : وَاللَّهِ لَأَعْلَمَنَّ مَا بَقَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِينَا ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ لَوِ اتَّخَذْتَ شَيْئًا تَجْلِسُ عَلَيْهِ يَدْفَعُ عَنْكَ الْغُبَارَ وَيَرُدُّ عَنْكَ الْخَصِمَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَأَدَعَنَّهُمْ يُنَازِعُونِي رِدَائِي ، وَيَطَئُونَ عَقِبِي ، وَيَغْشَانِي غُبَارُهُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ يُرِيحُنِي مِنْهُمْ . فَعَلِمْتُ أَنَّ بَقَاءَهُ فِينَا قَلِيلٌ قَالَ : فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَامَ عُمَرُ ، فَقَالَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ ، وَلَكِنْ صَعِقَ كَمَا صَعِقَ مُوسَى ، وَاللَّهِ إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى يَقْطَعَ أَيْدِي رِجَالٍ وَأَلْسِنَتَهُمْ مِنَ الْمُنَافِقِينَ يَقُولُونَ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ مَاتَ ، فَقَامَ الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ، فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ هَلْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْكُمْ عَهْدٌ أَوْ عَقْدٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ؟ قَالُوا : اللَّهُمَّ لَا قَالَ : فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمْ يَمُتْ حَتَّى وَصَلَ الْحِبَالَ ثُمَّ حَارَبَ ، وَوَاصَلَ وَسَالَمَ ، وَنَكَحَ النِّسَاءَ وَطَلَّقَ ، وَتَرَكَكُمْ عَنْ حُجَّةٍ بَيِّنَةٍ ، وَطَرِيقٍ نَاهِجَةٍ ، فَإِنْ يَكُ مَا يَقُولُ ابْنُ الْخَطَّابِ حَقًّا فَإِنَّهُ لَنْ يُعْجِزَ اللَّهَ أَنْ يَحْثُو عَنْهُ فَيُخْرِجُهُ إِلَيْنَا ، وَإِلَّا فَخَلِّ بَيْنَنَا وَبَيْنَ صَاحِبِنَا فَإِنَّهُ يَأْسَنُ كَمَا يَأْسَنُ النَّاسُ
قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَأَخْبَرَنِي ابْنُ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : خَرَجَ الْعَبَّاسُ وَعَلِيٌّ مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ فَلَقِيَهُمَا رَجُلٌ ، فَقَالَ : كَيْفَ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَا أَبَا حَسَنٍ ؟ فَقَالَ : أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بَارِئًا ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ لِعَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ : أَنْتَ بَعْدُ ثَلَاثٍ لَعَبْدُ الْعَصَا ثُمَّ حَلَّ بِهِ ، فَقَالَ : إِنَّهُ يُخَيَّلُ إِلَيَّ ، إِنِّي لَأَعْرِفُ وُجُوهَ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَإِنِّي خَائِفٌ أَلَا يَقُومَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ وَجَعِهِ هَذَا ، فَاذْهَبْ بِنَا إِلَيْهِ فَلْنَسْأَلْهُ ، فَإِنْ يَكُ هَذَا الْأَمْرُ إِلَيْنَا عَلِمْنَا ذَلِكَ ، وَإِلَّا يَكُ إِلَيْنَا أَمَرْنَاهُ أَنْ يَسْتَوْصِي بِنَا خَيْرًا ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ : أَرَأَيْتَ إِذْ جِئْنَاهُ فَلَمْ يُعْطِنَاهَا ، أَتَرَى النَّاسَ أَنْ يُعْطَوْهَا ، وَاللَّهِ لَا أَسْأَلُهُ إِيَّاهَا أَبَدًا
قَالَ الزُّهْرِيُّ : قَالَتْ عَائِشَةُ فَلَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ قُبِضَ
قَالَ مَعْمَرٌ : وَسَمِعْتُ قَتَادَةَ يَقُولُ : آخِرُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : اتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ، وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنَا أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ : كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُحَدِّثُ : أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ، دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَعُمَرُ يُحَدِّثُ النَّاسَ ، فَمَضَى حَتَّى الْبَيْتِ الَّذِي تُوُفِّي فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَهُوَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ ، فَكَشَفَ عَنْ وَجْهِهِ بُرْدَ حِبَرَةٍ كَانَ مُسَجًّى عَلَيْهِ ، فَنَظَرَ إِلَى وَجْهِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ أَكَبَّ عَلَيْهِ فَقَبَّلَهُ ، ثُمَّ قَالَ : وَاللَّهِ لَا يَجْمَعُ اللَّهُ عَلَيْكَ مَوْتَتَيْنِ ، لَقَدْ مُتَّ الْمَوْتَةَ الَّتِي لَا تَمُوتُ بَعْدَهَا أَبَدًا ، ثُمَّ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى الْمَسْجِدِ ، وَعُمَرُ يُكَلِّمُ النَّاسَ فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ : اجْلِسْ يَا عُمَرُ ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ ، فَكَلَّمَهُ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، فَأَبَى أَنْ يَجْلِسَ ، فَقَامَ أَبُو بَكْرٍ فَتَشَهَّدَ ، فَأَقْبَلَ النَّاسُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَتَرَكُوا عُمَرَ ، فَلَمَّا قَضَى أَبُو بَكْرٍ تَشَهُّدَهُ قَالَ : أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ يَعْبُدَ مُحَمَّدًا فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ ، وَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَمْ يَمُتْ . ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : {{ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ }} الْآيَةَ كُلَّهَا ، فَلَمَّا تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَيْقَنَ النَّاسُ بِمَوْتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَتَلَقَّوْهَا مِنْ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى قَالَ قَائِلٌ مِنَ النَّاسِ : فَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ أُنْزِلَتْ حَتَّى تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ
قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَأَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ قَالَ : قَالَ عُمَرُ : وَاللَّهِ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ تَلَاهَا أَبُو بَكْرٍ وَأَنَا قَائِمٌ خَرَرْتُ إِلَى الْأَرْضِ ، وَأَيْقَنْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ مَاتَ
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ : مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ : أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ خُطْبَةَ عُمَرَ رَحِمَهُ اللَّهُ الْآخِرَةَ حِينَ جَلَسَ عَلَى مِنْبَرِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَذَلِكَ الْغَدَ مِنْ يَوْمِ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : فَتَشَهَّدَ عُمَرُ ، وَأَبُو بَكْرٍ صَامِتٌ لَا يَتَكَلَّمُ ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ : أَمَا بَعْدُ ، فَإِنِّي قُلْتُ مَقَالَةً ، وَإِنَّهَا لَمْ تَكُنْ كَمَا قُلْتُ ، وَإِنِّي وَاللَّهِ مَا وَجَدْتُ الْمَقَالَةَ الَّتِي قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَلَا فِي عَهْدٍ عَهِدَهُ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَلَكِنِّي كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَعِيشَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ حَتَّى يَدْبُرَنَا - يُرِيدُ بِذَلِكَ حَتَّى يَكُونَ آخِرَهُمْ - فَإِنْ يَكُ مُحَمَّدٌ قَدْ مَاتَ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ جَعَلَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ نُورًا تَهْتَدُونَ بِهِ : هَذَا كِتَابُ اللَّهِ فَاعْتَصِمُوا بِهِ تَهْتَدُونَ لِمَا هَدَى اللَّهُ بِهِ مُحَمَّدًا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، ثُمَّ إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَثَانِي اثْنَيْنِ ، وَإِنَّهُ أَوْلَى النَّاسِ بِأُمُورِكُمْ ، فَقُومُوا فَبَايَعُوهُ وَكَانَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ قَدْ بَايَعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ ، وَكَانَتْ بَيْعَةُ الْعَامَّةِ عَلَى الْمِنْبَرِ قَالَ الزُّهْرِيُّ : وَأَخْبَرَنِي أَنَسٌ قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ عُمَرَ يُزْعِجُ أَبَا بَكْرٍ إِلَى الْمِنْبَرِ إِزْعَاجًا
عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَمَّا احْتَضَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : هَلْ أَكْتُبُ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ ؟ فَقَالَ عُمَرُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ ، وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ ، حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ وَاخْتَصَمُوا ، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ : مَا قَالَ عُمَرُ ، فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : قُومُوا قَالَ عَبْدُ اللَّهِ : فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ : إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ