حَدَّثَنَا يُونُسُ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا ، أَخْبَرَهُ عَنْ سُمَيٍّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ : كُنْتُ أَنَا وَأَبِي عِنْدَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ ، فَذَكَرَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَ مَرْوَانُ أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ لَتَذْهَبَنَّ إلَى أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ تَسْأَلُهُمَا عَنْ ذَلِكَ قَالَ : فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَذَهَبْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى عَائِشَةَ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ , ثُمَّ قَالَ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إنَّا كُنَّا عِنْدَ مَرْوَانَ فَذُكِرَ لَهُ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ : مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا أَفْطَرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : بِئْسَمَا قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ أَتَرْغَبُ عَمَّا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَفْعَلُ ؟ فَقَالَ : لَا وَاللَّهِ ، فَقَالَتْ : فَأَشْهَدُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ , ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ قَالَ : ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلْتُهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ فَخَرَجْنَا حَتَّى جِئْنَا مَرْوَانَ فَذَكَرَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ مَا قَالَتَا فَقَالَ مَرْوَانُ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَتَرْكَبَنَّ دَابَّتِي فَإِنَّهَا بِالْبَابِ فَلَتَذْهَبَنَّ إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّهُ بِأَرْضِهِ بِالْعَقِيقِ فَلَتُخْبِرَنَّهُ ذَلِكَ ، فَرَكِبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَرَكِبْتُ مَعَهُ حَتَّى أَتَيْنَا أَبَا هُرَيْرَةَ فَتَحَدَّثَ مَعَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ سَاعَةً , ثُمَّ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : لَا عِلْمَ لِي بِذَلِكَ إنَّمَا أَخْبَرَنِيهِ مُخْبِرٌ
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ مَوْلَى بَنِي تَيْمٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ الْأَنْصَارِيِّ , ثُمَّ الزُّرَقِيِّ قَالَ : كِلَاهُمَا حَدَّثَنِي عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ قَالَ : جَلَسْتُ مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ الصَّائِمِ إذَا أَصْبَحَ وَهُوَ جُنُبٌ ، فَقَالَ لَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ : فَلَا صِيَامَ لَهُ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ , قَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ فَذَكَرَ ذَلِكَ أَبِي لِمَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَهُوَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ لَتَأْتِيَنَّ عَائِشَةَ ، وَأُمَّ سَلَمَةَ زَوْجَيِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، فَلَتَسْأَلُهُمَا عَنْ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَإِنَّهُ لَا أَحَدَ أَعْلَمُ بِهَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِنْ نِسَائِهِ قَالَ : فَخَرَجَ أَبِي ، وَخَرَجْتُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَتْ : قَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُصْبِحُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ نِكَاحٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ ، ثُمَّ يَصُومُ قَالَ : ثُمَّ خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِهَا فَجَلَسْنَا عَلَى بَابِ عَائِشَةَ ، فَبَعَثَ إلَيْهَا أَبِي ذَكْوَانَ مَوْلَاهَا ، فَسَأَلَهَا عَنْ ذَلِكَ فَجَاءَهُ ذَكْوَانُ فَقَالَ : تَقُولُ لَكَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يُصْبِحُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ نِكَاحٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ , ثُمَّ يَصُومُ قَالَ : فَرَجَعَ أَبِي إلَى مَرْوَانَ فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ : إنِّي عَزَّمْتُ عَلَيْكَ لَتَأْتِيَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَتَّى تُخْبِرَهُ بِهَذَا ، قَالَ : فَقَالَ لَهُ أَبِي : يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ أَيُّهَا الْأَمِيرُ بَلَّغْتُكَ حَدِيثًا عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِأَمْرٍ فَتَجِيئُهُ حَتَّى إذَا وَجَدْتَ خِلَافَهُ أَمَرْتَنِي أَنْ أُعَرِّفَهُ بِهِ قَالَ : فَقَالَ لَهُ مَرْوَانُ : عَزَّمْتُ عَلَيْكَ لَتَفْعَلَنَّ ، فَخَرَجَ مَرْوَانُ حَاجًّا أَوْ مُعْتَمِرًا فَخَرَجْنَا مَعَهُ حَتَّى إذَا كُنَّا بِذِي الْحُلَيْفَةِ ، وَلِأَبِي هُرَيْرَةَ بِهَا أَرْضٌ هُوَ فِيهَا قُمْنَا إلَيْهِ ، وَأَنَا مَعَ أَبِي فَقَالَ لَهُ أَبِي : يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إنِّي أَخْبَرْتُ الْأَمِيرَ أَنَّكَ قُلْتَ : مَنْ أَدْرَكَ الْفَجْرَ , وَهُوَ جُنُبٌ فَلَا صِيَامَ لَهُ فَأَمَرَنِي أَنْ أَسْأَلَ أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَفَعَلْتُ ، فَحَدَّثَتْنِي أُمُّ سَلَمَةَ ، وَعَائِشَةُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُصْبِحُ وَهُوَ جُنُبٌ مِنْ نِكَاحٍ غَيْرِ احْتِلَامٍ , ثُمَّ يَصُومُ قَالَ : فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : لَا أَدْرِي أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ الْفَضْلُ بْنُ عَبَّاسٍ وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنِي الْحَارِثُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ مِثْلَ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عِرَاكٍ ، وَالنُّعْمَانِ *
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ ، عَنْ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عُقْبَةَ قَالَ : أَصْبَحْتُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ ، فَأَتَيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ لِي : أَفْطِرْ فَأَتَيْتُ مَرْوَانَ فَسَأَلْتُهُ وَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ فَبَعَثَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْحَارِثِ إلَى عَائِشَةَ فَسَأَلَهَا ، فَقَالَتْ : كَانَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَخْرُجُ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مِنْ جِمَاعٍ , ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَرَجَعَ إلَى مَرْوَانَ فَأَخْبَرَهُ ، فَقَالَ : ائْتِ أَبَا هُرَيْرَةَ فَأَخْبِرْهُ ، فَأَتَاهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ : إنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ مِنَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ إنَّمَا حَدَّثَنِيهِ الْفَضْلُ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَحَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مِنْهَالٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَوْنٍ ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ فَفِيمَا رُوِّينَا مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ مَا ذَكَرَهُ أَبُو هُرَيْرَةَ فِيهَا عَنِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ ، عَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فِي مَنْعِهِ مِنَ الصَّوْمِ مَنْ أَصْبَحَ جُنُبًا ، وَفِيهَا إخْبَارُ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ مِمَّا يُخَالِفُ ذَلِكَ فِي مَنْعِهِ , فَقَالَ قَائِلٌ : مِنْ أَيْنَ اتَّسَعَ لَكُمْ أَنْ تَمِيلُوا فِي هَذِهِ إلَى مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ ، وَأُمُّ سَلَمَةَ عَنَ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؟ وَتَتْرُكُوا مَا رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ الْفَضْلِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مِمَّا يُخَالِفُهُ دُونَ أَنْ تُصَحِّحُوهُمَا جَمِيعًا فَتَجْعَلُونَ حَدِيثَ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ إخْبَارًا مِنْهُمَا عَنْ حُكْمِهِ ، كَانَ فِي ذَلِكَ فِي نَفْسِهِ ، وَتَجْعَلُونَ حَدِيثَ الْفَضْلِ عَنْهُ فِي حُكْمِ غَيْرِهِ مِنْ أُمَّتِهِ حَتَّى لَا يُضَادَّ وَاحِدٌ مِنْ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ الْمَعْنَى الْآخَرَ مِنْهُمَا ، فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا عَنْهُ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ فِي نَفْسِهِ كَانَ فِي ذَلِكَ كَحُكْمِ سَائِرِ أُمَّتِهِ فِيهِ
وَذَلِكَ : أَنَّ يُونُسَ قَدْ حَدَّثَنَا قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَنَّ مَالِكًا ، أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَعْمَرٍ الْأَنْصَارِيِّ ، عَنْ أَبِي يُونُسَ مَوْلَى عَائِشَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الْبَابِ وَأَنَا أَسْمَعُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي أُصْبِحُ جُنُبًا وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : وَأَنَا أُصْبِحُ جُنُبًا ، وَأَنَا أُرِيدُ الصَّوْمَ فَأَغْتَسِلُ وَأَصُومُ فَقَالَ الرَّجُلُ : إنَّكَ لَسْتَ مِثْلَنَا قَدْ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ وَقَالَ : وَاللَّهِ إنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَخْشَاكُمْ لِلَّهِ تَعَالَى ، وَأَعْلَمَكُمْ بِمَا أَتَّقِي وَلَمَّا وَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى اسْتِوَاءِ حُكْمِهِ وَحُكْمِ سَائِرِ أُمَّتِهِ فِي ذَلِكَ عَقَلْنَا أَنَّ ذَيْنَكَ الْمَعْنَيَيْنِ قَدْ كَانَا حُكْمَيْنِ لِلَّهِ تَعَالَى نَسَخَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ ، وَكَانَ مَا فِي حَدِيثِ الْفَضْلِ مِنْهُمَا التَّغْلِيظَ ، وَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ التَّخْفِيفَ ، وَقَدْ ذَكَرْنَا فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا أَنَّ النَّسْخَ بِلَا مَعْصِيَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى رَحْمَةٌ مِنَ اللَّهِ ، وَرَدُّ التَّغْلِيظِ إلَى التَّخْفِيفِ ، وَلَمْ يَكُنْ بِحَمْدِ اللَّهِ فِي شَيْءٍ مِمَّا كَانَ مِنْ أَجْلِهِ هَذَا النَّسْخُ مَعْصِيَةً يَكُونُ مَعَهَا التَّغْلِيظُ ، فَجَعَلْنَا النَّسْخَ فِي هَذَا الْحُكْمِ كَانَ مِنَ التَّغْلِيظِ إلَى التَّخْفِيفِ ، وَكَانَ فِي ذَلِكَ وُجُوبُ اسْتِعْمَالِ مَا جَاءَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ دُونَ مَا فِي حَدِيثِ الْفَضْلِ مَعَ أَنَّا قَدْ وَجَدْنَا كِتَابَ اللَّهِ قَدْ أَوْجَبَ ذَلِكَ , وَهُوَ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِيهِ : {{ أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ }} إلَى قَوْلِهِ : {{ إلَى اللَّيْلِ }} وَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى إبَاحَةِ إتْيَانِ النِّسَاءِ فِي اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَلَا يَكُونُ الِاغْتِسَالُ الَّذِي يُوجِبُهُ ذَلِكَ الْإِتْيَانُ إلَّا فِي النَّهَارِ ، وَفِي ذَلِكَ مَا يُبِيحُ الصَّوْمَ مَعَ الْجَنَابَةِ ، وَفِيهِ مُوَافَقَةُ مَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِيهِ ، وَمِمَّا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ مِمَّا يُوَافِقُ هَذَا الْمَعْنَى
مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، وَرَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ قَالَا : حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنِ الْحَكَمِ قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : دَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَأَخْبَرَتْنِي : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا , ثُمَّ يَغْتَسِلُ , ثُمَّ يَغْدُو إلَى الْمَسْجِدِ ، وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ , ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ فَأَخْبَرْتُهُ مَرْوَانَ فَقَالَ : ائْتِ أَبَا هُرَيْرَةَ فَأَخْبِرْهُ ذَلِكَ ، فَقُلْتُ : إنَّهُ لِي صَدِيقٌ فَأَعْفِنِي ، قَالَ : عَزَّمْتُ عَلَيْكَ لَتَأْتِيَنَّهُ ، فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَابْنِي إلَى أَبِي هُرَيْرَةَ فَأَخْبَرْتُهُ بِذَلِكَ ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ : عَائِشَةُ أَعْلَمُ مِنِّي قَالَ شُعْبَةُ : وَفِي الصَّحِيفَةِ : عَائِشَةُ أَعْلَمُ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ ، أَخْبَرَنَا دَاوُدُ بْنُ أَبِي هِنْدَ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَخِيهِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ كَانَ يَصُومُ وَلَا يُفْطِرُ ، فَدَخَلَ عَلَى أَبِيهِ يَوْمًا , وَهُوَ مُفْطِرٌ فَقَالَ لَهُ : مَا شَأْنُكَ الْيَوْمَ مُفْطِرًا فَقَالَ : إنِّي أَصَابَتْنِي جَنَابَةٌ فَلَمْ أَغْتَسِلْ حَتَّى أَصْبَحْتُ ، فَأَفْتَانِي أَبُو هُرَيْرَةَ أَنْ أُفْطِرَ ، فَأَرْسَلُوا إلَى عَائِشَةَ يَسْأَلُونَهَا فَقَالَتْ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ تُصِيبُهُ الْجَنَابَةُ ، فَيَغْتَسِلُ بَعْدَمَا يُصْبِحُ , ثُمَّ يَخْرُجُ وَرَأْسُهُ يَقْطُرُ مَاءً فَيُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ ، ثُمَّ يَصُومُ ذَلِكَ الْيَوْمَ
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ ، أَخْبَرَنِي ابْنُ شِهَابٍ ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، وَأُمِّ سَلَمَةَ : أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُدْرِكُهُ الْفَجْرُ , وَهُوَ جُنُبٌ , ثُمَّ يَصُومُ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ ، حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا فَهْدٌ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ بِذَلِكَ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ خُزَيْمَةَ ، حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ ، أَخْبَرَنَا عَاصِمُ بْنُ بَهْدَلَةَ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ . وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنِ ابْنِ الْمُسَيِّبِ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِذَلِكَ أَيْضًا , قَالَ فَرَدَّ أَبُو هُرَيْرَةَ فُتْيَاهُ . فَهَذَا أَبُو هُرَيْرَةَ أَيْضًا قَدْ رَأَى أَنَّ مَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ ، وَأُمُّ سَلَمَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي هَذَا الْبَابِ أَوْلَى مِمَّا حَدَّثَهُ بِهِ الْفَضْلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ مِمَّا يُخَالِفُهُ ، وَاللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ